نصرالله “يشاغل” اللبنانيين وليس إسرائيل
هدد نصر الله وتوعد ووزع الاتهامات في كل اتجاه متناسياً أنّ “المشاغلة” حصدت مئات الضحايا وتسببت بنزوح نحو مئة ألف جنوبي ناهيك عن الدمار والخراب الذي أصاب المنازل والممتلكات في القرى الجنوبية
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
يبدو أنّ زعيم “حزب الله” حسن نصرالله يعيش في عالم آخر نتيجة الخطاب الذي ألقاه الجمعة في “يوم القدس” الذي يحتفل به سنوياً في نهاية شهر رمضان، في الضاحية الجنوبية من بيروت. فهو هدد وتوعد ووزع الاتهامات في كل اتجاه متناسياً أنّ “المشاغلة” التي قال إنّها رد على الحرب الإسرائيلية في قطاع غزة، حصدت مئات الضحايا وتسببت بنزوح نحو مئة ألف جنوبي ناهيك عن الدمار والخراب الذي أصاب المنازل والممتلكات في القرى الجنوبية، علماً أنّ من بادر إلى فتح النار هي حركة “حماس” في ٧ تشرين الأول الماضي. وقد أصرّ نصرالله على الربط بين ما اعتبر أنه “مشاغلة” وحرب غزة قائلاً: “عندما تتوقف في غزة تتوقف عندنا” وأردف مؤكّداً أنّ “الإنجازات (في هذه المشاغلة) سيعود نفعها وبركاتها على كل لبنان واللبنانيين”، وسمى من هم ضد هذه الحرب، أي معظم اللبنانيين بكافة مكوناتهم، بـ “التافهين”، غير آبهٍ بمعارضتهم معلناً أنّ “المقاومة على أتمّ الاستعداد والجهوزية لأي حرب تطلقها إسرائيل”. والمثير والمستهجن في الوقت عينه أنّ زعيم “حزب الله” يعتبر أنّ “الإسرائيلي هرب من من هذه الحرب منذ اليوم الأول” فيما حصيلة القتال في غزة لغاية اليوم تخطت 32 ألف قتيل فلسطيني. فمن تسبب بقتلهم يا ترى، ومن أجل ماذا؟ عدا عن نزوح مئات آلاف المدنيين ودمار غزة مقابل مئات القتلى الإسرائيليين. ويتباهى نصرالله بـ “التضامن القوي في بيئة المقاومة” متجاهلاً بطبيعة الحال الاستياء والتململ في صفوف هذه البيئة، وتساؤلها عن معنى وجدوى هذه الحرب العبثية التي أدخلهم فيها وتحويله الجنوب إلى ساحة حرب ودمار بدل أن تكون ساحة دعم ومساندة، وليس لـ”مشاغلة” أهالي الجنوب ولبنان. وهذا حليفه السابق-الباقي وليس العائد بالتأكيد جبران باسيل رئيس التيار العوني يطالب، في ما بدا أنه رد فوري على نصرالله، بوقف إطلاق النار في الجنوب رافضاً موقف “حزب الله” المشاركة في حرب غزة ومعللاً ذلك بغياب الإجماع الوطني الداخلي. وما قول نصرالله إنّ “العملية هي من أجل القدس والأقصى” سوى تحول إلى “إشغال” اللبنانيين بجلدهم والخوف على حياتهم، حتى أنّ الحليف الدائم نبيه بري يبدو أنه يلتزم الصمت!
ثم ينتقل نصرالله إلى الموقف الإيراني وهنا بيت القصيد، إذ يؤكد أنّ “كل ما يقال أنّ ما يجري في غزة وفلسطين والعراق واليمن وموضوع الرئاسة في لبنان ينتظر المفاوضات الأميركية-الإيرانية غير صحيح”، فهي برأيه “لا تفاوض”، وأنها “تقدم خيرة قادتها شهداء”، فيما يموت معظمهم نتيجة عمليات اغتيال تقوم بها إسرائيل في سوريا تحديداً، لدرجة أنّ الشك بدأ يتسرب إلى الحليف-التابع بشار الأسد. ويعلن نصرالله جازماً أنّ “الرد الإيراني على العدوان الإسرائيلي على القنصلية في دمشق آتٍ لا محالة”، مضيفاً أنّ “الإسرائيلي خايف”. ولكن ممّ يخاف؟
إنّ التصميم في الرد عند نصرالله لم نره بعد اغتيال القائد الأهم والمؤسس في “حزب الله” عماد مغنية في شباط ٢٠٠٨ في دمشق، وما زال أهله ومحبوه وأبناء بيئته بعد ستّ عشرة سنة ينتظرون! فهل إعلان الولاء لإيران أهم؟ في حين أنّ أيّ متابع للأخبار والتطورات في الصحف العربية والأجنبية يلاحظ أنّ الاتصالات قائمة بين طهران وواشنطن منذ مدة عبر وسطاء عرب وأوروبيين، وأنّ إيران تلتزم موقف المترقب بعد تحويل إسرائيل للقنصلية إلى ركام في دمشق، فعن عن أيّ روية واستراتيجية يتكلم نصرالله؟ هل التفرد بقرار الحرب وتهديم لبنان كما حصل عام 2006 وتخريب وحدته الداخلية كما تسعى إسرائيل؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |