“الحزب” برميل إيراني سيفجّر لبنان
هل من داعٍ للقول أنّ لبنان أصبح مقرًّا لبرميل إيراني قد ينفجر في أي وقت؟ ألم يكن الحال نفسه مع أطنان نيترات الأمونيوم التي استقرت في نهاية العام 2013 في مرفأ بيروت، لينفجر ما تبقى منها في صيف العام 2020؟
كتب أحمد عياش لـ “هنا لبنان”:
هل كلّ ما أعلنته طهران بعد تدمير قنصليتها في دمشق كافٍ للقول إنّ الانتقام من إسرائيل سيكون إيرانياً فقط؟ هذا ما ذهب إليه الأمين العام لـ “حزب الله” في “يوم القدس” يوم الجمعة الماضي. وفي المنحى ذاته، كانت إطلالة نائب الأمين العام لـ “الحزب” نعيم قاسم السبت الماضي. فهو جدد القول إنّ “الحزب” ملتزم بقاء المواجهة مع إسرائيل على الحافة الأماميّة نحو 3 إلى 5 كلم من دون أن يتوسّع أكثر من ذلك”. وبدا مزاج قاسم مؤاتياً للتهكم عندما قال: “أنَّ أحد أسباب قوة إسرائيل اليوم هي أنها تملأ السماء بالطائرات وبالاستطلاع، وبالتالي الأرض مكشوفة بشكل كامل لها، بحيث أنَّ صوصًا لا يمر إلا وتراه! ألم تسألوا أنفسكم كيف تقوم المقاومة بنصب الراجمات والمدافع ضمن 3-5 كلم، وتقوم بتحقيق الأهداف”؟
وقبل قاسم، قال نصرالله يوم الجمعة الماضي “إنّ المقاومة على أتم الاستعداد والجهوزية معنوياً ونفسياً وإدارياً وعسكرياً وبشرياً لأي حربٍ سيندم فيها العدو لو أطلقها على لبنان. لا يقلق أحد ولا يتردد، مثلما كان يقول إخواننا، السلاح الأساسي لم نخرجه بعد، القوات الأساسية لم نستخدمها بعد”.
من أين تأتي “حزب الله” هذه “الثقة” بأنه قادر على مقارعة إسرائيل التي تتحضر لمواجهة إيران وأذرعها وفي مقدمها “الحزب”؟
يأتي الجواب في تقرير نشرته “النيويورك تايمز” أمس الأحد تحت عنوان “السلطة بالوكالة: كيف تشكل إيران الشرق الأوسط”؟ وجاء في التقرير: “خرجت حرب الظل بين إسرائيل وإيران إلى العلن، عندما ضربت إسرائيل مجمع السفارة الإيرانية في سوريا وقتلت سبعة قادة إيرانيين، ما جدد المخاوف من صراع أوسع. لقد وعدت إيران بالرد، لكن الحسابات صعبة: يريد الإيرانيون تجنب إشعال حرب شاملة قد تجر الولايات المتحدة وتهدد بقاء النظام الإيراني”.
ولفت التقرير إلى أنّ إيران تدعم الآن أكثر من 20 جماعة في الشرق الأوسط، بشكل مباشر أو غير مباشر، بمزيج من الأسلحة والتدريب والمساعدات المالية. وقد صنفتها الولايات المتحدة كمنظمات إرهابية أجنبية، وتعرض العديد من قادتها للعقوبات، وكذلك طهران.
ويخصّص تقرير الصحيفة الأميركية حيزاً للحديث عن “حزب الله”، وجاء فيه: “إنه أكبر وأقدم وأفضل مجموعة وكيلة إيرانية في الشرق الأوسط. وأصبح “حزب الله”، وهو منظمة شيعية، القوة السياسية والعسكرية المهيمنة في لبنان. وبدأ “حزب الله”، وهو خصم قديم لإسرائيل، في زيادة الضغط على حدود إسرائيل بعد بدء الحرب في غزة في 7 تشرين الاول، وشن ضربات عبر الحدود. كما شنت إسرائيل هجوماً مضاداً، واضطر العديد من المدنيين على جانبي الحدود إلى الفرار من ديارهم.
كان الصراع الأكثر استدامة بين “حزب الله” وإسرائيل في عام 2006. وقد أوضحت تلك المعركة مدى قوة قوات “حزب الله”، لكنها ألحقت خسائر فادحة باللبنانيين، حيث قتلت أكثر من ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وشردت أكثر من 900,000 شخص.
ويتلقى “حزب الله” دعماً مالياً كبيراً من إيران، على الرغم من صعوبة التأكد من المبلغ الدقيق. وقدر مسؤول أميركي أدلى بشهادته عام 2018 المبلغ بـ 700 مليون دولار، لكنه لم يقدم أي دليل على هذا الرقم. ومع ذلك، تضاءل الدعم النقدي الإيراني لـ “الحزب” بمرور الوقت، ما يعكس تأثير العقوبات طويلة الأجل إلى جانب العقوبات المكثفة الأخيرة التي أمر بها الرئيس دونالد ترامب وحافظ عليها الرئيس جو بايدن.
ومع ذلك، تمكنت إيران من الحفاظ على دعمها لـ “حزب الله” بطرق أخرى كثيرة. فهي تواصل، على سبيل المثال، توفير ليس فقط الأسلحة ولكن أيضاً المعرفة التكنولوجية المتطورة حتى يتمكن مهندسو “الحزب” من تصنيع الأسلحة محلياً. إنّ القدرة على إنتاج أسلحته الخاصة جعلت من “حزب الله” واحداً من أفضل الميليشيات تجهيزاً في الشرق الأوسط.
يقول خبراء في الاستراتيجية العسكرية الإيرانية إنّ طهران تعتبر قوات “حزب الله” في لبنان خط دفاعها الأول إذا هاجمت إسرائيل إيران.
وتشير تقديرات الجيش الأميركي وخبراء الأسلحة إلى أنّ ترسانة “حزب الله”، أكبر الجماعات المرتبطة بإيران، تتراوح بين 135 ألفاً و150 ألف صاروخ وقذيفة. ويقدر آخرون أنه أكبر. مع مدى يصل إلى 200 ميل أو نحو ذلك، فإنها تسمح للمسلحين بالوصول إلى أهداف في عمق إسرائيل.
ويقدر المحللون أنّ من بين الأسلحة ما بين 100 إلى 400 صاروخ تم تحديثها مؤخراً مزودة بأنظمة توجيه دقيقة يمكن برمجتها للهبوط على بعد أمتار من أهدافها. وهذه التكنولوجيا إيرانية وروسية في الغالب، على الرغم من أنه يتم تعديلها في بعض الأحيان من قبل خبراء الأسلحة في «حزب الله».
ويرى محللون عسكريون أنّ القوة القتالية لـ “حزب الله” أكثر انضباطاً وأفضل تدريباً وتنظيماً من معظم جيوش الشرق الأوسط. وهي تتألف من نحو 30،000 جندي و 20،000 من جنود الاحتياط. ووفقاً للمحللين، فإنّ لديها القدرة على تجنيد وتدريب الآلاف من جنود المشاة الجدد بسرعة من خلال دورها كقوة سياسية ومقدم للخدمات الاجتماعية في العديد من المجتمعات اللبنانية”.
ماذا يستفاد من تقرير النيويورك تايمز؟ من دون أي شك، ووفقاً لمعطيات هذا التقرير يتبيّن حجم الأخطار التي تتهدد لبنان بأن يكون مستودعاً لهذا الكم من المتفجرات التي هي بحوزة فصيل إيراني يحمل اسم “حزب الله”. ولا زال لبنان تحت وطأة أكبر انفجار غير نووي في التاريخ شهده في انفجار مرفأ بيروت في 4 آب 2020. فهل من داع للقول أنّ لبنان أصبح مقرّاً لبرميل إيراني قد ينفجر في أي وقت؟ ألم يكن الحال نفسه مع أطنان نيترات الأمونيوم التي استقرت في نهاية العام 2013 في مرفأ بيروت، لينفجر ما تبقى منها في صيف العام 2020؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل بري وابتسامة لاريجاني | “مرشد” لبنان و”بطريرك” إيران | تفليسة “تفاهم” مار مخايل في عملية البترون |