وثيقة بكركي في طريقها الى الفرملة … بند السلاح يقف حجر عثرة!
تستمرّ الدروب مقفلة حتى إشعار آخر بسبب بند السلاح، الذي يتطلّب توافقاً مسيحياً جامعاً، لكن المصالح الخاصة والوصول إلى الكرسي الرئاسي، يقفان حجر عثرة أمام هذا البند المحق، وهذه هي الحقيقة الساطعة التي تؤكد بأنّ الوثيقة تقف على درب معرقل، فيما المرحلة تتطلّب التلاقي من أجل حماية الدور المسيحي في الحكم والشراكة ووحدة الموقف في الاستحقاق الرئاسي
كتبت صونيا رزق لـ”هنا لبنان”:
فيما كانت الأنظار شاخصة إلى الصرح البطريركي، ما بعد عيد الفصح المجيد، علّ الدخان الأبيض يخرج من مدخنة بكركي بإعلان وثيقتها المبنية على قضايا هامة تتعلق بلبنان وسيادته، والوضع المسيحي واللبناني عامة، وكل ما من شأنه أن يضع لبنان على السكة الصحيحة، يبدو أنّه ومع انقضاء أكثر من أسبوع على العيد تفرملت اللقاءات وسط صمت وإمتناع المعنيين عن الكلام بطلب من البطريرك الماروني بشارة الراعي، الذي شدّد على ممثلي القيادات المسيحية في لقاء بكركي الذي عقد قبل فترة وجيزة، بعدم التصريح ونقل ما جرى إلى وسائل الاعلام، فسكت الحاضرون، إلا من بضع كلمات تتردّد دائماً كنقل الأجواء الايجابية، واستمرار اللقاء ضمن اجتماعات مرتقبة، من دون أن يتطرقوا إلى ما جرى، خلال اتصال أي صحافي بهم، وهكذا كان، أما المصادر الكنسية ففضلّت بدورها الصمت، باستثناء بعض التمنيات من الحضور المسيحي، بضرورة توحيد كلمتهم أمام ما يحصل في البلد من تشرذم وخلافات وانقسامات.
إلى ذلك ووفق المعطيات التي حصل عليها “هنا لبنان” بطريقة غير مباشرة، فالوضع لم يكن إيجابياً إلى أعلى الدرجات، فوثيقة بكركي التي وُضعت كمسودة لبحثها والتوافق عليها، ما زالت بحاجة إلى دراسة وتوافق من المرجعيات والأحزاب، كي يمكن وصفها بالصيغة الشاملة التي تحظى بطابع وطني وليس فقط مسيحي، ليتم طرحها على الشركاء في الوطن، وهذا ما أشارت إليه مصادر سياسية مقرّبة من الصرح، واصفة إياها بالوثيقة اللبنانية وليس فقط المسيحية، التي يتابعها فريق عمل متخصّص في الدستور والقانون، وهي بعيدة عن أي انحياز لأي فريق سِياسي.
طرح الاستراتيجية الدفاعية أزعج “التيار”
في السياق تركّز الوثيقة على بنود أساسية، تتعلق برئاسة الجمهورية والشراكة الوطنية، والدور المسيحي والاستراتيجية الدفاعية، أي كل الملفات الحسّاسة التي تستدعي حواراً مطوّلاً، لكن بعض هذه القضايا سارعت إلى توتير الأجواء خلال الاجتماع، وإن بطريقة خفية حاول المعترضون ضبطها، خصوصاً “التيار الوطني الحر” الذي فضّل عدم التطرّق إلى موضوع الاستراتيجية الدفاعية في هذه الظروف الدقيقة، منعاً لحصول تناحرات جديدة، كما أنّ الاستحقاق الرئاسي الذي لا يُظهر أيضاً نهائية موقف “التيار”، لأنه ما زال يتأرجح لغاية اليوم بسبب عدم ثباته وإعلان مرشحه النهائي، إذ ما زال رافضاً لوصول مرشح الثنائي الشيعي، أي رئيس تيار المردة النائب السابق سليمان فرنجية، كذلك بالنسبة لمرشح المعارضة الذي يتغير كل فترة، ولا يُعرف حتى اليوم من هو المرشح الحقيقي المدعوم من قبلها.
لهذه الأسباب غاب ممثل المردة
في غضون ذلك أفيد بأنّ مسألة السلاح غير الشرعي، كانت السبب المباشر لغياب ممثل المردة عن اللقاء الأول، وذلك منعاً للإحراج، كما أنّ طرح بند حصرية السلاح في أيدي الجيش، وبحث دور لبنان وصيغته والخطر على وجوده، وإعادة العلاقات اللبنانية مع الدول العربية، وفك عزلته وعدم تحميله أوزار القضايا العربية وتداعياتها، وعدم تحويله دولة دينية والتصدّي لكلّ محاولات تغيير وجهه، كل هذا لم يشجع ممثل المردة على الحضور كي لا “يزعل” حليفه الذي يتمسّك به كمرشح رئاسي ولن يدعم سواه.
في موازاة ذلك، فاللقاءات المرتقبة من المفترض أن تبحث ملف حياد لبنان، وعدم زجّه في الحرب، والسعي لتطبيق القرارين 1701 و1559، والقرار الأخير اعترض عليه “التيار الوطني الحر” لأنه يزعج الثنائي الشيعي، فيما يلقى قبولاً لدى الأفرقاء الآخرين، كما سيكون لملف النزوح السوري فسحة بحث ونقاش للوصول إلى حل، كذلك خطر توطين اللاجئين الفلسطينيين، إضافة إلى قضايا هامة كالشراكة الوطنية، وإعادة تفعيلها ومحاولة إيجاد حلول للأزمات المعيشية والاقتصادية.
ملف السلاح يتطلب توافقاً جامعاً
في إنتظار بحث كل هذا، تستمر الدروب مقفلة حتى إشعار آخر بسبب بند السلاح، الذي يتطلّب توافقاً مسيحياً جامعاً، لكن المصالح الخاصة والوصول إلى الكرسي الرئاسي، يقفان حجر عثرة أمام هذا البند المحق، وهذه هي الحقيقة الساطعة التي تؤكد بأنّ الوثيقة تقف على درب معرقل، فيما المرحلة تتطلّب للتلاقي من أجل حماية الدور المسيحي في الحكم والشراكة، ووحدة الموقف في الاستحقاق الرئاسي، الذي يبدو الأهم اليوم وسط هذه الظروف الخطرة، لكن ملف السلاح المسيطر على الدولة واللبنانيين، يشكل البند الأول الذي يتطلب ليس فقط توافقاً مسيحياً بل لبنانياً جامعاً لمنع سقوط لبنان.