هل سترد إسرائيل بالعمق الإيراني؟
من الواضح أنّ الطرفين الأساسيين في الصراع لا يريدان الذهاب إلى المواجهة الشاملة وتوسعة دائرة الحرب ولقد نجحا منذ ٧ أكتوبر في منع حصول ذلك، وسيعملان على ضبط النفس ومنع انزلاق الأمور في الأيام القادمة
كتبت ناديا الحلاق لـ”هنا لبنان”:
بعد أن نفذت إيران تهديداتها وشنّت هجوما على إسرائيل، رداً على قصف قنصليتها بالعاصمة السورية دمشق قبل أسبوعين تقريباً والذي أدى إلى مقتل عدد من قادة الحرس الثوري، بإطلاق عشرات المسيرات والصواريخ باتجاه الداخل الإسرائيلي، كشفت مصادر غربية مطلعة أنه من الممكن أن تردّ إسرائيل قريباً على الهجوم.
فهل سترد إسرائيل بالعمق الإيراني أم أنها ستلتزم بقواعد الاشتباكات الجديدة؟
العقيد المتقاعد أكرم سريوي يقول لـ “هنا لبنان”: “تجتمع حكومة الحرب الإسرائيلية منذ يومين ولم تتمكن من اتخاذ قرار حاسم بالردّ وذلك بسبب الموقف الأميركي الرافض لأي تصعيد ولقد أبلغ بايدن نتنياهو صراحة بأنّ أميركا لن تكون جزءاً من أيّ رد إسرائيلي على إيران. من ناحية ثانية هناك رغبة جامحة داخل إسرائيل خصوصاً لدى جماعة اليمين والوزراء المتطرفين في الحكومة بتوجيه ضربة قوية لإيران لأنّ إسرائيل تشعر بأنّ هيبتها كسرت وكما قال كبار الضباط بأنها خسرت قوة الردع التي كانت تمتلكها قبل الضربة”.
ويتابع سريوي “العامل الآخر الذي يدفع إسرائيل إلى استفزاز ايران مجدداً، هو رغبة نتنياهو بحرف الأنظار عما يجري في غزة من قتل وتجويع وإبادة وسعيه لاستعادة التعاطف الغربي مع إسرائيل في إثارة المواجهة مع إيران بعد أن كانت معظم الدول وجهت انتقادات قاسية لإسرائيل حول ما جرى ويجري في غزة ورفض إسرائيل لتطبيق قرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الداعية لوقف إطلاق نار إنساني”.
ومن الواضح أنّ إسرائيل الآن تدرس خطواتها بدقة كي لا تثير غضب الولايات المتحدة الأميركية، ولن تتسرع مجدداً باتخاذ قرار الردّ على العمق الإيراني وقد تستبدله باستهداف القوات الإيرانية في سوريا، بحسب سريوي.
حرب أم تسوية؟
سارعت إيران بعد الضربة إلى الاعلان أنها أنهت عملياتها العسكرية ضدّ إسرائيل وفي ذلك رسالة واضحة بعدم رغبتها بالمواجهة الشاملة، وهي أبلغت ذلك إلى من يعنيهم الأمر كما أنّ أميركا أبلغت إيران فوراً بعد القصف الإسرائيلي للقنصلية في دمشق بأن لا علاقة لها بالأمر.
وهنا يقول سريوي: “الواضح أنّ الطرفين الأساسيين في الصراع لا يريدان الذهاب إلى المواجهة الشاملة وتوسعة دائرة الحرب ولقد نجحا منذ ٧ أكتوبر في منع حصول ذلك وأعتقد أنّ لديهما القدرة والرغبة على ضبط النفس ومنع انزلاق الأمور في الأيام القادمة”.
أما في ما يتعلق بتداعيات ضربة إيران على إسرائيل وتأثيرها على حرب غزة فيؤكد أنّ “موضوع الضربة الإيرانية بلا شك قد خطف الأضواء في الأيام الماضية، وكانت هناك حملة مضخمة في الإعلام الغربي الذي يدور في الفلك الإسرائيلي أو يقع تحت تأثيره لصرف النظر عن غزة”.
ويضيف: “لكن من جانب آخر اتّضح أنّ استمرار الحرب في غزة تهدد بالاتساع ودخول أطراف أخرى وربما أيّ خطأ في الحسابات سيتسبّب باشتعال الجبهات واندلاع حرب شاملة. لذلك هذا الوضع سيدفع بالجميع إلى البحث عن حلول وتسويات للخروج من الأزمة وهذا سيسرع طبعاً وضع حد للحرب في غزة، وحتى على الجبهة مع لبنان”.
لماذا أجّل نتنياهو معركة رفح؟
أما على صعيد معركة رفح، فيلفت سريوي إلى “مفاوضات ومساعٍ أميركية وعربية لإنجاز صفقة بين إسرائيل وحماسة تنتهي إلى الإفراج عن الأسرى ووقف لإطلاق النار، وبالتالي لا يمكن تنفيذ هجوم على رفح طالما هناك مفاوضات وأمل بالتسوية. هذا إضافة للموقف الأميركي والأوروبي والعربي الرافض لأيّ هجوم على رفح باعتبار ذلك سيؤدي إلى كارثة إنسانية وقتل المزيد من الفلسطينين. وطبعاً الرئيس بايدن لا يمكنه تغطية المزيد من الانتهاكات الإسرائيلية خصوصاً إذا ما تمّ الهجوم على رفح فصور المزيد من القتلى المدنيين لاسيما الأطفال قد تسبب بخسارة الكثير من الأصوات وقد تؤدي لخسارة بايدن في الانتخابات”.
كما يشير سريوي إلى “الضغوطات الحاصلة من أهالي الأسرى على حكومة نتنياهو لإتمام الصفقة باعتبار أنّ أيّ هجوم على رفح قد يؤدي إلى مقتل العديد من الأسرى. ولكل هذه الأسباب اتخذ نتنياهو قراره بتأجيل الهجوم على رفح”.
هل سنشهد صيفاً ساخناً جنوب لبنان؟
أما على صعيد لبنان فمنذ سبعة أشهر تقريباً والحرب مشتعلة جنوباً إلا أنها بقيت ضمن سقف معين ولم تذهب إسرائيل ولا حزب الله إلى الحرب الشاملة، ولكل طرف أسبابه والطرفان يتهيبان الدخول في ذلك. فهل سيشهد لبنان صيفاً ساخناً في الجنوب؟
يجيب سريوي بتفاؤل: “حزب الله أعلن أنّ جبهة الجنوب مرتبطة بوقف النار في غزة وبالتالي هذا يعني حكماً استمرار القصف المتبادل حتى إيجاد التسوية في غزة. هناك مساعٍ دولية حثيثة لإيجاد تسوية بين لبنان وإسرائيل على أساس تطبيق القرار ١٧٠١ وحزب الله لا يمانع بذلك لأنّ تطبيق القرار يعني وقف الخروقات الإسرائيلية للسيادة اللبنانية بالكامل بالإضافة الانسحاب من النقاط التي ما زالت تحتلها إسرائيل، في المقابل ستحصل إسرائيل على ضمانات أمنية لسكان المستوطنات الشمالية”.
ويؤكد العقيد المتقاعد أنّ “كل المؤشرات تدل على أنّ هناك تسوية يعمل عليها المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين وهي شبه منجزة بانتظار إتمام وقف إطلاق النار في غزة وهناك أيضاً معلومات أنّ التسوية في غزة استناداً إلى مشروع سعودي أميركي مصري مشترك باتت شبه منجزة”.
ويعتقد سريوي أنّ “الصيف سيكون واعداً بالنسبة للبنان على أكثر من صعيد والحرب الشاملة مستبعدة. لكن قبل توقف المدافع وفي خضم الحرب لا يمكن الرهان على شيء فدائماً يبقى هناك احتمال لعنصر المفاجأة”.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تأمين الدم للمرضى…رحلة بحث شاقة وسعر الوحدة فوق الـ 100 دولار | بيوت جاهزة للنازحين.. ما مدى قانونيتها؟ | قائد الجيش “رجل المرحلة”.. التمديد أو الإطاحة بالـ1701! |