سياسة الفصل وعلاج الإنفصال
فصل الجنوب عن لبنان الذي تمارسه القوى التي أطلقت شعار تحرير فلسطين هو الذي دفع القوى السياسية الأخرى للمطالبة بالانفصال في فيدرالية أو تقسيم
كتب بسام أبو زيد لـ “هنا لبنان”:
ليست القوات اللبنانية ولا القوى السياسية المناهضة لمحور الممانعة هي من فصل الجنوب عن لبنان، ولكن تلك المنطقة فُصلت عن لبنان عندما زُجت في الحرب مع إسرائيل، وبالتالي فُصل أهلها عن أراضيهم وممتلكاتهم ومصالحهم وعن كل ما لديهم هناك وهم لا يعرفون متى يعودون إلى كلّ ذلك إذ ليس في الأفق ما يقول لهم أنّ نهاية الحرب سريعة وأنّ عودتهم إلى الحياة الطبيعية هناك ستكون متوفرة.
ليست المرة الأولى التي يُفصل فيها الجنوب عن لبنان ويدفع أهله الثمن، فمع اتفاق القاهرة في العام ١٩٦٩ فُصل الجنوب عن لبنان أيضاً وعرف جزء منه في البداية باسم “فتح لاند” في منطقة العرقوب لتتوسع السيطرة الفلسطينية لاحقاً على كل الجنوب وأبعد منه، وكما بالأمس كذلك اليوم رفضٌ لأن تكون تلك المنطقة تحت سيطرة الدولة اللبنانية وأن لا يكون هناك من سلاح سوى سلاح الجيش اللبناني.
في عمليتي الفصل المحكيّ عنهما لم يكن المشروع لبنانياً، فمشروع اليوم يتجسد في الصراع القائم بين الجمهورية الإسلامية الإيرانية من جهة وإسرائيل من جهة ثانية، أما مشروع الأمس فكان يتجسد بالصراع القائم بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية وكلاهما تحت شعار تحرير فلسطين بينما الهدف الحقيقي كان ولا يزال وضع اليد بشكل كامل على لبنان.
فصل الجنوب عن لبنان الذي تمارسه القوى التي أطلقت شعار تحرير فلسطين هو الذي دفع القوى السياسية الأخرى للمطالبة بالانفصال في فيدرالية أو تقسيم، لأن الممانعين الحاليين والسابقين ومن يدورون في فلكهم يفرضون خياراتهم على اللبنانيين بالقوة ويأخذونهم في مغامرات لم تؤدِّ إلى أيّ نتيجة سياسية أو اقتصادية مفيدة، بل على العكس أدت إلى مزيد من هجرة الأدمغة والعقول وتدمير علاقات لبنان مع الكثير من الدول العربية واستباحة الدولة ومؤسساتها وتسعير الفلتان الأمني وتشريع الحدود واضمحلال الدولة ولا نية لقيامها من جديد.
ألا يستحق كل ذلك أن يطالب لبنانيون وطنيون بالفيدرالية؟ أليست الفيدرالية أفضل مما يرتكبونه بحق النظام والدستور الحالي وعدم انتخاب رئيس وتعطيل كل الاستحقاقات الديمقراطية؟
كل الأجوبة لا تصب في مصلحة ممارسي الفصل بل تصب في مصلحة دعاة الإنفصال.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |