ماكرون يرد طعن وزير الدفاع برئيس الأركان
ضرَب وزير الدفاع ضربته لكنه لم يُصِب الهدف، على رغم أنه ضابط مدفعية ويُحسِن الرماية، إنما يبدو أنّ التصويب في السياسة يختلف كليًا عن التصويب في العسكر، فقواعد الرياضيات في المدفعية تختلف عن القواعد الجيوسياسية في السياسة
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
بعد ثلاثة أيام من استقبال قائد الجيش العماد جوزيف عون السفير الفرنسي في لبنان، ليبحث معه تفاصيل زيارته لباريس، والتي تضمنت اجتماعات مع رئيس أركان الجيوش الفرنسية، ولقاء مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الإليزيه، سارع وزير الدفاع العميد موريس سليم إلى التقدم من مجلس شورى الدولة بمراجعة ضدّ الدولة ورئاسة مجلس الوزراء، لإبطال قرار مجلس الوزراء تعيين العميد حسان عودة رئيساً لهيئة الأركان. يعني ذلك أنّ العميد سليم طعن بتعيين رئيس الأركان، وكأن هذا التعيين لم يكن. هدف وزير الدفاع من تقديم الطعن هو ضرب عملية تعيين رئيس الأركان، و”التأكيد” على أنّ منصب رئيس الأركان ما زال شاغراً، وبما أنّ رئيس الأركان يحلّ محل قائد الجيش في فترة غيابه، فإنه يستحيل على قائد الجيش السفر لئلا يبقى منصبه شاغراً، وهذا يعني أنّ سفره إلى فرنسا هو من باب الإستحالة لأنه لا يجوز أن يترك المؤسسة العسكرية من دون رأس.
ضرَب وزير الدفاع ضربته لكنه لم يُصِب الهدف، على رغم أنه ضابط مدفعية ويُحسِن الرماية، إنما يبدو أنّ التصويب في السياسة يختلف كليًا عن التصويب في العسكر، فقواعد الرياضيات في المدفعية تختلف عن القواعد الجيوسياسية في السياسة، والواضح أنّ العميد موريس سليم بارع في الأولى، لكن الأمر يختلف في السياسة، فالرماية على رئيس الأركان أراد منها إصابة قائد الجيش، لكن الرمية لم تُصِب أيًا منهما، فرئيس الأركان يواصل القيام بمهامه، وقائد الجيش قام بمهامه خارج لبنان، وحظي باستقبال رئاسي في قصر الأليزيه، ويبدو أنّ الرئيس الفرنسي تقصَّد هذا “التكريم” ليوصِل أكثر من رسالة إلى الداخل اللبناني مفادها أنّ المؤسسة العسكرية، قيادةً وضباطًا وعناصر، خط أحمر، فلو كان الأمر مقتصراً على دراسة احتياجات الجيش اللبناني، لكان الأمر تمّ من خلال الملحق العسكري الفرنسي في السفارة الفرنسية في بيروت، والذي رافق السفير الفرنسي في زيارته لقائد الجيش في الثاني عشر من الشهر أي قبل ثلاثة أيام من تقديم طعن وزير الدفاع، أو حتى كان الأمر تم من خلال اقتصار اجتماع العماد جوزيف عون مع رئيس أركان الجيوش الفرنسية، لكن أن يرتفع مستوى اللقاء إلى الاجتماع مع رئيس الجمهورية الفرنسية فهذه رسالة في أكثر من اتجاه، خصوصًا أن لقاء الإليزيه تزامن مع معاودة اللجنة الخماسية، ومن بينها السفير الفرنسي، تحركها.
بكل بساطة، أراد الرئيس ماكرون أن يوصِل رسالة إلى المعنيين في الداخل اللبناني، مفادها أنّ إعاقة تحرك قائد الجيش ولا سيما خارجًا، هو إعاقة للمؤسسة العسكرية ككل، ولهذا اتخذ قراره بـ “رد الطعن” بطريقة ديبلوماسية، واعتباره كأنه لم يكن.
فهل وصلت الرسالة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |