ماكرون يهتم شخصيًّا بالملف اللبناني.. والجيش يحظى بدعم كبير
رغم الخيبات الكثيرة التي واجهها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون سابقًا في الملفات اللبنانية، إلّا عاد ليهتم شخصياً ومباشرة بالملف اللبناني، معتبرًا أن لبنان لا يزال يشكّل أولوية بالنسبة إليه.
وحذّر الرئيس الفرنسي أمس رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي من خطر عمل عسكري إسرائيلي وشيك ضد لبنان. وأمضى ماكرون ثلاث ساعات مع ميقاتي، بينها خلوة استمرت ساعة. ثم انضم اليهما قائد الجيش العماد جوزاف عون لمتابعة شتى جوانب الملف اللبناني. وتصدّر المحادثات بين الجانبين موضوع دعم الجيش اللبناني.
ووصفت مصادر ديبلوماسية فرنسية لموقع “هنا لبنان” زيارة ميقاتي إلى فرنسا بأنها زيارة عمل ولم تستطع أن تحمل أو تحصد أي نتائج عملية ملموسة، وأشارت إلى أنّ اللقاء الذي عقد بين ماكرون وميقاتي وعون تطرق إلى كيفية تنفيذ القرار ١٧٠١ وفق المبادرة التي قدمتها فرنسا للبنان والرد اللبناني عليها، إذ أكد ماكرون على أهمية القرار ١٧٠١ القصوى في حماية لبنان في حال حصول أيّ تطورات، وأكدت فرنسا أنها تعمل على “أفكار جديدة” بسبب عدم تضمن القرار بنداً يتعلق بانسحاب حزب الله إلى ما بعد الليطاني بنسبة ١٠ كلم وذلك من أجل حدود آمنة جنوباً مع إسرائيل يتسلمها الجيش اللبناني بالتعاون مع قوات اليونيفيل على أن تدعم فرنسا الجيش للقيام بمهامه. ولهذه الغاية ستجري فرنسا سلسلة اتصالات مع الدول المعنية بالصراع الدائر لا سيما مع إسرائيل من أجل التخفيف من تداعيات الحرب. أما في ما يخصّ الملف الرئاسي فكان حاضراً في الاجتماع مع الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان، وأكدت المصادر أنه لن يزور لبنان قريباً بسبب عدم وجود أي تقدم ملموس على الرغم من لقاءات سفراء اللجنة الخماسية مشيرة إلى أنّ فرنسا والولايات المتحدة تنتظران نتائج التسويات الخارجية في المنطقة والتي ستنعكس بدورها على ملف الرئاسة، كما أنّ فرنسا لا تزال تجري اتصالات مع إيران لهذه الغاية.
ووفق معلومات لـ”الجمهورية” من باريس، فإنّ أجواء اللقاء كانت إيجابية جداً، عبّر خلالها الرئيس ميقاتي عن تقديره للدور الفرنسي تجاه لبنان، والجهود التي يبذلها الرئيس ماكرون للحفاظ على أمنه واستقراره، وتوفير الدعم المطلوب للجيش اللبناني، وكذلك للدور الفاعل الذي تبذله باريس لإتمام استحقاقاته الدستورية وفي مقدمها إنتخاب رئيس الجمهورية، سواءً عبرها مباشرة، أو من خلال شراكتها في اللجنة الخماسية.
وأشارت المعلومات، الى أنّ الحديث تطرّق الى التطورات الأخيرة في المنطقة، والتوتر المستجد على الخط الايراني – الاسرائيلي، حيث شدّد ميقاتي على دعم الأصدقاء للبنان وفي مقدّمهم فرنسا، وممارسة الضغط على اسرائيل لوقف اعتداءاتها. كما أثار ملف النازحين السوريين في لبنان، طالباً الدعم الفرنسي لحلّ هذه المسألة.
وبحسب المعلومات، فإنّ الرئيس ماكرون عكس بشكل واضح أنّ لبنان يشكّل اولوية بالنسبة اليه، وعبّر عن عاطفة ملحوظة تجاهه، مشّدداً، انطلاقا من العلاقة التاريخية بين البلدين، على حرص فرنسا الشديد على لبنان الذي سيبقى أولوية، وانّها إلى جانبه في تلمّس الحلول لأزمته، وانّها ملتزمة بدعم الجيش اللبناني في المجالات كافة، وبتمكين لبنان من إعادة انتظام حياته السياسية بتوافق أطرافه السياسية على انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، تضع في رأس قائمة أولوياتها خطوات علاجية واصلاحية عاجلة وشاملة، كسبيل أساسي لمعالجة أزمته المالية والاقتصادية.
الأولوية للجيش اللبناني
وفي السياق العسكري، أشارت مصادر مواكبة للاجتماع بين ماكرون وعون لصحيفة “الشرق الأوسط” إلى أنه كان إيجابياً، وقدم فيه عون دراسة متكاملة عن حاجات الجيش ووضعه والتحديات التي يواجهها عسكرياً ومادياً. ودرسها الجانب الفرنسي، وكانت لديه بعض الأسئلة حول مندرجاتها. وتم البحث في كيفية القيام بمساعدة الجيش، كما تم البحث بالوضع في الجنوب وإمكانية تعزيز وجوده وفق خطة معينة وتأمين حاجاته. ومن أجل ذلك تم تشكيل لجنة مشتركة للبحث بهذه الخطة والحاجات وكيفية تمويلها. وقد يحتاج ذلك بالطبع إلى قرار سياسي لبناني ووقف لإطلاق النار في الجنوب.
أما بالنسبة للملف الاقتصادي، فإن باريس تذكر بأنها مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة دعم لبنان كانت دائماً جاهزة لتقديم المساعدات الاقتصادية والمالية، شرط القيام بالإصلاحات البنيوية لوقف النزيف المالي. والطريق إليها تمر عبر الإصلاحات الهيكلية.
وفي موضوع النازحين السوريين، تفيد معلومات صحيفة “نداء الوطن” أنّ الملف استحوذ على لقاءات باريس، علماً أنّ إدراج بند لبنان في جدول أعمال قادة الإتحاد الأوروبي لم يكن ليحصل لولا ضغط إيطاليا التي اطّلعت رئيسة حكومتها جورجيا ميلوني على تفاصيل هذا الملف في زيارتها الأخيرة للبنان. كما أنّ الوعود التي اطلقتها الإدارة الفرنسية لمساعدة لبنان في الحصول على مساعدات من الاتحاد الأوروبي، تفتقد إلى آلية تنفيذية.
أما الملف الأخير فيتناول الشغور الرئاسي الذي لم يغِب عن المحادثات. إلا أن مصدراً في قصر الإليزيه قال لـ”الشرق الأوسط” إنه “ليس الهدف الأساسي” من المناقشات التي أُجريت الجمعة، رغم أهمية القيام في أسرع وقت ممكن بانتخاب رئيس للجمهورية من أجل إعادة بناء مقومات الدولة، وباريس تحذر السلطات اللبنانية من المخاطر التي يتعرض لها البلد.