تفلّت السلاح والاستقواء بـ”المرجعيات” يرفع منسوب الجريمة
في خضم الأزمات المتلاحقة التي يعيشها لبنان، يرى خبراء أمنيون ضرورة ملحّة للتدقيق في أعداد السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية وترحيل المخالفين منهم وضبط الحدود السائبة والمعابر الشرعية وغير الشرعية كي لا تكون هذه الحدود معبراً للجرائم والتهريب
كتبت سمر يموت لـ “هنا لبنان”:
ترتفع الأصوات السياسية والشعبية وحتى الأمنية يوماً بعد يوم لوضع حلّ لمسألة الوجود السوري غير الشرعي في لبنان، لاسيما بعد تكرار الجرائم التي يرتكبها هؤلاء، وآخرها حادثتا خطف وتصفية منسق القوات اللبنانية في جبيل باسكال سليمان وقتل المواطن ياسر الكوكاش واللتان وقعتا في فترة زمنيّة متقاربة.
في خضم الأزمات المتلاحقة التي يعيشها لبنان، يرى خبراء أمنيون، ضرورة ملحّة للتدقيق في أعداد السوريين الموجودين على الأراضي اللبنانية وترحيل المخالفين منهم وضبط الحدود السائبة والمعابر الشرعية وغير الشرعية كي لا تكون هذه الحدود معبراً للجرائم والتهريب، وهم يحمّلون من يُبقي تلك الحدود سائبة، مسؤوليةً مباشرة أو غير مباشرة عن جرائم السطو والتهريب والقتل التي تحصل.
وفي هذا الإطار يسلّط العميد المتقاعد خليل الحلو الضوء، على تفلّت السلاح في لبنان ويقول لـ “هنا لبنان”: “السلاح موجود ليس فقط بين أيدي الميليشيات المنظّمة لا سيما “حزب الله” بل توجد آلاف الأسلحة الفردية في البيوت وهذا ما يسهّل ارتكاب الجرائم، لذلك يجب ضبط هذا الأمر وتطبيق القانون على الجميع وليس فقط على الأشخاص العاديين الذين لا يتمتعون بحمايات حزبية ويُترك من معهم صواريخ مضادة للطائرات من دون محاسبة”.
يُقسّم العميد الحلو الخبير في الشؤون الأمنية والعسكرية، الوجود السوري في لبنان إلى فئات ثلاث: “الأولى لجأت إلى لبنان أو نزحت إليه، بعدما تعرّضت بيوتها للقصف بالطيران الروسي أو السوري ودخل “حزب الله” مناطقها فباتت لا تجرؤ على العودة إلى وطنها لأنّ مصيرها سيكون حتماً القتل أو السجن وهذه الفئة تحتاج إلى رعاية دولية ومحليّة. الفئة الثانية هي فئة العمّال الذين يحملون إقامات قانونية، أما الفئة الثالثة والتي يجب أن نميّزها عن الفئتين الأولى والثانية، أفرادها متسلّلون يقطعون الحدود عبر عصابات تهريب منظّمة ترشي الدولة ومسؤولين كبار فيها وتنشط فيها جماعات تهريب الأشخاص عبر البحر إلى أوروبا بعد إيهام ضحاياهم بنجاح عملية التهريب، ومنهم من ألّف عصابات تسرح وتمرح على طرفي الحدود اللبنانية -السورية، هؤلاء ليسوا لاجئين ولا عمّالاً فلماذا لا يتمّ ضبطهم؟”
معروفٌ أنّ ضبط الحدود من مسؤولية أفواج الحدود البريّة في الجيش اللبناني فلديهم أبراج مراقبة تخوّلهم معرفة كلّ ما يحصل، إضافة إلى الأمن العام والجمارك وقوى الأمن الداخلي، فلماذا لا يقوم هؤلاء بواجباتهم؟، يسأل العميد الحلو، ويشرح: “لا أقصد هنا إقفال الحدود وإطلاق النار على الناس تعسّفاً ، لكن أعرف جيّداً أنّ هناك الكثير من هؤلاء يرغبون القيام بواجباتهم لكنّهم يصطدمون بعوائق وحمايات سياسية وبضعف القضاء وتهديد أو استضعاف قضاته، فعندما تلقي الأجهزة الأمنية القبض على شخص ما وتريد ترحيله عبر الحدود، لا يحتاج الأمر إلا لتطبيق القانون لأنّ ذلك مجرّد إجراء إداري لا يتطلّب موافقة وزيرٍ أو قائد جيش أو مدير عام أمن العام، لكنّ قضاتنا وللأسف يتعرضون لانتهاكاتٍ واستضعاف وتهديدات أحياناً فكيف سيقومون بواجباتهم إذًا؟”
يبدو أنّه لا حلول سحريّة لهذه المعضلة، “وما لم تفعله الحكومات المتعاقبة منذ العام 2011 ندفع ثمنه اليوم ولا يمكن تحميله للاجئين”، يقول الحلو، “فحتى ولو كانت نسبة الجرائم التي يرتكبها السوريون تتعدى الثلاثين في المئة إلا أنّ ذلك مردّه إلى تفلّت الحدود وعدم قيام أجهزة الدولة بواجباتها وعدم حماية القضاء وتقاعس الدولة في استعمال القوة عند الضرورة، فلتكشف لنا الدولة لماذا تغضّ النظر أو تتراخى في هذه المسألة، لماذا لا تضبط حدودها؟ بالمحصّلة كل مرتكب جريمة يجب توقيفه ومحاكمته وكلّ مخالف يجب ترحيله الى بلاده.. ربّما الكلام سهلٌ لكنّ تطبيقه صعب وجميعنا نعرف الأسباب!”.
تنظيم الوجود وداتا المعلومات
وبناء على تصريحات وزير الداخلية بسام المولوي بأنّ 30% من الجرائم في لبنان يرتكبها سوريون، تشير مصادر أمنية لـ “هنا لبنان” إلى “أنّ ما يُعمل عليه حاليّاً هو تنظيم الوجود السوري وإعداد بيانات كاملة حوله (داتا معلومات)”، وما يهمّ الأجهزة الأمنية اليوم هو حماية أمن البلد وتجنب الفتنة بين اللبنانيين والسوريين من جهة وبين اللبنانيين أنفسهم من جهة ثانية”، ويؤكد المصدر أنه “يجري التنسيق مع البلديات من أجل ضبط الوجود السوري غير الشرعي في ظلّ خوف المواطنين من أن يكونوا هدفاً مستقبليّاً لأيّ جريمة مهما اختلف نوعها”، كاشفاً أنّ “جهاز الأمن العام مستعدٌ لترحيل آلاف السوريين غير النظاميين إذا اتخذ قرار سياسي بذلك”.
40% وجودهم غير شرعي
تشير التقديرات إلى أنّ40 % من السوريين على الأراضي اللبنانية يقيمون بصورة غير شرعية فيما يبلغ العدد التقديري للنازحين بحسب الأمن العام اللبناني نحو مليونين و100 ألف، أي ما يعادل 43 % من عدد المقيمين على الأراضي اللبنانية. وتتوزع نسب الجرائم التي ارتكبها موقوفون سوريون في السجون اللبنانية بحسب الباحث محمد شمس الدين وفق التالي: 22% مخالفة أنظمة وقوانين، 19% جرائم مختلفة، 18% نصب واحتيال وترويج عملة مزوّرة ومخدرات، 15% دخول غير شرعي، 8% لكلّ من تهريب أشخاص وسرقات ، 7% تزوير و 3%قتل.
فهل تكون السلطات اللبنانية أكثر حزمًا وتنجح في قمع المخالفين وتعزيز الأمن الوقائي قبل أن يصبح التفّلت الأمني هو السائد والطريق الأسهل لارتكاب الجريمة؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
أطفال لبنان يعيشون كابوس الحرب ويُرعبهم صوت “أدرعي” | سجناء لبنان ينزحون أيضاً: قلقون على حياتهم وذويهم | سجناء “رومية” يصعّدون تجاه الأوضاع اللاإنسانية |