أبو صعب البطل وخونة المعارضة
رافقت زيارة الوفد النيابي المعارض لواشنطن، عاصفة من التخوين وتهم العمالة. لا يحق لأيٍّ كان من وجهة نظر الحزب أن يتواصل مع “الشيطان الأكبر”، إلا من حظي بتكليف شرعي
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
عندما كان نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب في صلب مهمة التواصل مع الأميركيين في الإدارة والكونغرس، مهمة تتناول كل الملفات بما فيها الترسيم البحري، والقرار 1701، والترسيم البري، كانت مهمته في واشنطن وبيروت ومع صديقه آموس هوكستين، تحظى بإعجاب الممانعة، التي عمل بو صعب بتكليف منها، وبتنسيق معها، على تطوير مهمته، التي نجحت في مفاصل عدة.
كان الرجل مثالاً للواقعية والانتاجية في علاقته بالأميركيين. انطلق من تنسيق مع حزب الله والرئيس نبيه بري، وفاوض ومتن علاقته بأركان الإدارة الأميركية، بتشجيع من المحور، وربما كان هذا سبب سخط باسيل عليه، لكن الأهم أنّ حزب الله راضٍ ويبارك.
في المقلب الآخر، رافقت زيارة الوفد النيابي المعارض لواشنطن، عاصفة من التخوين وتهم العمالة. لا يحق لأي كان من وجهة نظر حزب الله، أن يتواصل مع “الشيطان الأكبر” إلا من حظي بتكليف شرعي، فالحزب الذي كلف الرئيس بري وقبل بو صعب بالتواصل، لا يرتاح إلى كل من يتجرأ على بناء علاقة جيدة مع الأميركيين. إنه الحق الحصري الذي لا يفترض خرقه، وإلا يصبح كل من يزور واشنطن عميلاً.
في زيارة الوفد المعارض لواشنطن مفارقات عدة. الأولوية الأميركية هي للجنوب، لوقف إطلاق النار وتطبيق القرار 1701، والبدء بالاتفاق على ترتيبات أمنية، بما يمنع انتقال التوتر إلى حرب تهدد إسرائيل بشنها على حزب الله، وتعارض الإدارة الأميركية الذهاب إليها.
في الأولويات انتخاب رئيس للجمهورية،لكنها أولوية ثانية ومكملة للمهمة الأولى، حتى أن هوكشتاين الآتي إلى بيروت في زيارة إسعافية جديدة، بالكاد تطرق في زيارته السابقة إلى الملف الرئاسي.
في الأولويات، الاقتصاد اللبناني المتداعي الذي يتحول شيئاً فشيئاً إلى فيروس، في النظام المالي العالمي، جراء اقتصاد الكاش، ما سيؤدي عاجلاً أم آجلاً إذا لم تتخذ إجراءات سريعة، إلى نقل لبنان إلى المنطقة الرمادية، التي تعني المزيد من تكبيل ما تبقى من القطاع المصرفي، وتباطؤ الحركة التجارية، وانخفاض النمو الاقتصادي المتواضع.
ليس في الأولويات الأميركية موضوع النازحين، لكن اقتراحات طرحها الوفد النيابي، لحلول منها طلب دعم دولي، لتمويل إعادتهم إلى المناطق السورية الآمنة، وبناء مساكن جاهزة، وصرف الأموال التي تعطى لهم في لبنان، كمستلزمات إقامة في وطنهم.
ما يطبق في تهم التخوين على طريق بيروت واشنطن، لا يطبق على طريق طهران واشنطن. إيران وحلفاؤها يريدون الحق الحصري في الكلام مع الأميركيين والمجتمع الدولي، أما الآخرون فهم العملاء الواجب تخوينهم وترويضهم وترهيبهم. إنها ثقافة الممانعة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |