بين إسرائيل وإيران: لبنان في دائرة الخطر
بين إسرائيل وإيران يقبع لبنان رهينة دائمة، ويبقى السؤال: هل يمكن أن يخرج من هذا السجن المؤبد، وما هي شروط هذا الخروج، وهل يمكن أن يكون خروجاً آمناً؟
كتب جوني فتوحي لـ”هنا لبنان”:
في المواجهة العسكرية المباشرة التي حصلت بين إيران وإسرائيل، للمرة الأولى منذ قيام الجمهورية الإسلامية في إيران في العام 1979، كاد لبنان أن يأخذ دور البطولة على مسرح الصراع، كأحد البلدان الأكثر تعرضاً للخطر والتدمير.
كان لبنان وما زال وربما سيبقى ضحية على مسرح صراع كبير، إذ تخاض الحروب على أرضه، ويدفع شعبه الأثمان الكبرى من مستقبله واقتصاده وإنسانه، وها هو اليوم يوضع في فوهة الخطر، مع انحسار المواجهة المحدودة والمباشرة بين إيران واسرائيل، بدوزنة وتنسيق أميركيين.
بين إسرائيل وإيران يقبع لبنان رهينة دائمة، ويبقى السؤال: هل يمكن أن يخرج من هذا السجن المؤبد، وما هي شروط هذا الخروج، وهل يمكن أن يكون الخروج آمناً؟
سعيد: خطر إيران على لبنان أكبر من خطر اسرائيل
وفي هذا السياق قال النائب السابق فارس سعيد في حديثٍ لـ”هنا لبنان”: إسرائيل عدو وإيران معتدي، ولبنان موجود بين العدو والمعتدي، وقراره السياسي والوطني محتل من قبل إيران، وبالتالي لا يمكن إخراج لبنان بأي عنوان إصلاحي وسياسي وإداري إلا باستقلال لبنان والقوى الوطنية.
وأضاف: الاحتلال لا يمكن تبديله باحتلال آخر، ومن يقاوم لرفع الاحتلال من أجل أن يحل مكانه احتلال من نوع آخر، يكون غير مقاوم، المقاومة هي رفع الاحتلال من أجل استقلال الجمهورية .
وقال: رفع الاحتلال حتى يحل مكانه احتلال من نوع آخر أو يناسب من رفع الاحتلال الأول، ليس استقلالاً، بمعنى آخر، عندما دخل الجيش الإسرائيلي إلى لبنان في العام 82 رفعنا وضع يد منظمة التحرير على لبنان، ولكن بقي الاحتلال الإسرائيلي في لبنان. كان من المفترض مع انتخاب رئيس جديد في العام 82 أن يقوم هذا الرئيس، باستعادة استقلال البلد، وأن يتحاور مع الجيش الإسرائيلي من أجل خروجه من لبنان.
وعندما خرج الجيش السوري في العام 2005، كان من المفترض ألا يحل مكانه الاحتلال الإيراني، وأن يكون هناك وعي وطني عام ، بأنّ الاحتلال الايراني حل تدريجياً مكان الاحتلال السوري.
ولفت سعيد إلى أنّ أي احتلال يحل مكان القرار الوطني هو خطير، أكان إسرائيلياً أو إيرانياً أو انتمى لأي جهة أخرى، معتبراً أنه: “بين الخطرين الإسرائيلي والإيراني أنا أعتبر أنّ خطر إيران أكبر من خطر إسرائيل، وهذا ما قالته الأردن البارحة في المعركة التي كانت قائمة، وهذا ما أقوله أنا كعربي. عندما قال العرش الهاشمي الذي هو من أسرة النبي محمد، أنّ بين الخطرين أختار خطر إسرائيل على خطر إيران، أنا لا يمكن أن اكون إلا أردني الهوى في هذا المجال”.
مشدداً على أنّ من قام بعملية صياغة قانون الانتخاب عن قصد أو عن غباء سلم البلد لهذا الاحتلال الإيراني، عندما أعطى المجال للثنائي للحصول على 27 مقعد شيعي، وأدى هذا الاحتكار للمقاعد الشيعية، إلى استخدام فيتو ميثاقي وسياسي وإداري وحتى عسكري.
شومان: المنطقة في هذه اللحظة التاريخية تعيش فوق براكين من الإحتمالات المتفجرة
في سياقٍ آخر، أشار المحلل السياسي توفيق شومان إلى أنّه: “في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعدم تجاوب حكومة بنيامين نتنياهو مع الجهود المبذولة لوقف النار، من البديهي القول إنّ دول الإقليم كافة ستتأثر بتداعيات هذه الحرب وعلى كل المستويات السياسية والأمنية، ومن ضمنها لبنان، ولذلك فالمسألة غير متعلقة باحتمال توسع معادلة الردود والردود المضادة بين طهران وتل أبيب، بل هي مرتبطة باستمرار الحرب على غزة، وأما في حال شهدت الأمور مزيداً من الضربات المتبادلة بين إيران وإسرائيل، فلا شك أنّ لبنان ودول الإقليم كلها ستتأثر بهذه الوقائع من الحروب، ولكن على ما يبدو لا يوجد مؤشر إلى وقوع المنطقة عموماً تحت هذا المشهد التصعيدي “.
وأضاف: “المنطقة في هذه اللحظة التاريخية تعيش فوق براكين من الإحتمالات المتفجرة ، وفي الوقت نفسه تشهد سباقاً بين مسارات وقف النار في غزة ومسار الحرب الإقليمية، وعلى الرغم من أنّ الاحتمال الثاني نسبته أقل، لكن لا يجب استبعاده ، فأي تقدير خاطئ ميداني أو سياسي من جانب حكومة الإحتلال تجاه لبنان أو سوريا أو العراق أو اليمن أو ايران، كما حدث حين جرى استهداف القنصلية الإيرانية في دمشق ، يمكن أن يؤدي إلى نشوب حرب إقليمية، ولكن بصورة عامة، يبدو أنّ أطراف الصراع وبما فيها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، ليسوا بهذا الإتجاه، ولذلك ثمة أولوية لحل سياسي ما في غزة، لم تنضج ملامحه حتى الآن، وضمن هذا التقدير، فالعنوان الأساسي وربما الأدق، يبقى محصوراً في السباق بين الحرب الإقليمية الواسعة والحل السياسي في غزة.
صفير: لا بد للجنوب اللبناني أن يصل الى الاستقرار
من جهةٍ أخرى أشار المحامي في بيروت وباريس الدكتور أنطوان صفير إلى أن: “لبنان اليوم موجود في صلب الصراع الإقليمي، إن كان في الصراع الإسرائيلي- الفلسطيني أو في الأزمة الإيرانية- الإسرائيلية المفتوحة. ومشكلة لبنان هي في أنه من الدول الموجودة على الحدود الملتهبة ودائماً تدفع ثمن حروب ونزاعات، لا سيما وأن إسرائيل كان لها صولات وجولات في لبنان بمراحل سابقة منذ 1948.
تحييد لبنان اليوم عن الأزمات الإقليمية هو موضوع دقيق، لأنه لا يمتلك العناصر المطلوبة لتطبيقه في القانون الدولي بحكم التشنجات والتوازنات القائمة، وبالتالي يجب اتباع سياسة “تهدئة الوضع” كي لا ننجر إلى حرب مفتوحة تكبد لبنان خسائر كبرى ليس بإمكانه استيعابها بسبب الأزمات السياسية والاقتصادية وغيرها.”
وعن القرارات الدولية، لفت إلى “أنها قرارات تتخذ في ظروف أو مرحلة محددة، وتطبيقها إما يكون آنياً ومباشراً أو يأخذ وقتاً كالقرار 425 بعد اجتياح اسرائيل لجنوب الليطاني سنة 1978 الذي طبق بعد 22 سنة.
ما يخصنا اليوم هو القرار 1701 الذي لا يمكن تطبيقه بسهولة لأن هناك شقين: الشق الأول الذي يتعلق بمنطقة جنوبي الليطاني، والشق الثاني الذي يتعلق بموضوع المشاورات التي سيقوم بها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتوريتش مع الأطراف المعنية لبلورة خطة ترسيم الحدود وبالتالي حول المناطق المتنازع عليها بغية الاتفاق في شأنها، وسحب السلاح من كل المناطق اللبنانية. وهذه المرحلة أساسية ومهمة لأن ليس هناك سيادة متجزئة لا في القانون الدولي ولا في القوانين الوطنية.
وثانياً، يجب أن يكون الحل متكاملاً يلزم لبنان كما يلزم إسرائيل، بمعنى أن يكون هناك توازنات على جانبي الحدود بشكل يضمن استقراراً على الحدود لتجنب النزاعات بعد فترة، خصوصاً بعد إنجاز الترسيم البحري والإقدام على الترسيم البري في الفترة المقبلة، وإلا لن يكون هناك استقرار.”
وأضاف:” النزاعات تولد حروباً في مرحلة معينة، والحروب كما يحلل في العلم السياسي هي جزء من المفاوضات، ولو كانت هناك مراحل طويلة. ولكن في مرحلة معينة، لا بد من للجنوب اللبناني أن يصل إليه الاستقرار، ولكن هذا الاستقرار لا يمكن أن يكون من جانب واحد كما كانت الأمور في السابق، يجب أن يكون من جانبي الحدود، لأن خروقات القرار 1701 بالآلاف والموضوع يتعلق بالاستقرار الذي يمر عبر ترسيم وتحديد الحدود بشكل لا تكون فيها مناطق متنازع عليها، وبالتالي تجنب الأزمات المفتوحة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الجيش يضبط المطار: نموذج سيعمم على كل لبنان | إرث لبنان المهدد بين نيران الصراع وصمت العالم | سياحة على وقع الحرب ضربات متتالية على الرأس |