الإبادة الأرمنية في الذكرى الـ109.. القضية لن تموت والاعتراف بها حقّ أبدي
في الرابع والعشرين من نيسان من كل عام، يستذكر الأرمن محطات حزينة عن روايات الإبادة التي قرأوا عنها أو شاهدوها، فتعتصر قلوبهم لأنّ بعض الجروح لا يشفيها الوقت.. وسيبقى هذا الجرح ما لم يصل الحق إلى أصحابه، حق عمره من عمر الإبادة، فمتى يحين موعد الحقيقة؟
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
لا يفارق تاريخ الرابع والعشرين من نيسان من كل عام أذهان الأرمن أينما كانوا، وتكاد لا تمر فترة زمنية قصيرة إلا ويعود أبناء هذه الطائفة إلى ذكرى الإبادة الأرمنية وفداحتها. لم ينس هؤلاء البشاعة والإجرام الذي مارسته السلطات التركية بحق مليون ونصف مليون أرمني في أوائل القرن الماضي.
فمهما تعددت توصيفاتها تبقى قليلة أو متواضعة أمام هول الإبادة التي ما تزال تهز وجدان الرأي العام العالمي، ليس باعتبارها جريمة موصوفة بل لأنها من أبشع المجازر التي ارتكبت بحق شعب بريء.
ومع مرور ١٠٩ سنوات على هذه الإبادة، لا يزال الشعب الأرمني يطالب بإحقاق الحق من خلال إقرار الدولة التركية بضلوعها بهذه الإبادة وبالتعويض المادي والمعنوي عليهم. ولذلك يتحرك المسؤولون الأرمن في كل مناسبة للتذكير بضرورة إنصاف القضية وفق القوانين الدولية وشرعة حقوق الإنسان، كي تلتئم جراح المواطنين الذين فقدوا أجدادهم وأحبابهم.
في الرابع والعشرين من كل عام، يستذكر الأرمن محطات حزينة عن روايات الإبادة التي قرأوا عنها أو شاهدوها، فتعتصر قلوبهم من شدة الآلام، فبعض الجروح لا يشفيها الوقت كما يقول المعنيون، وفي هذه الذكرى نتذكر ونطالب.
وعن ذكرى هذه الإبادة، يقول وزير الصناعة جورج بوشيكيان في تصريح لموقع “هنا لبنان” أنّ الألم لا يزال قائماً ونعبر عنه في كل مرة نستذكر بها هذه الإبادة، ولن ننسى ما حل بهذا الشعب إلّا عند نيل حقوقنا باعتراف تركيا بما اقترفته. ويشير إلى أنّ هذه الإبادة ما تزال تؤثر على الأجيال، متوقفاً عند المصالح التي تربط بعض الدول بتركيا والتي تحول دون الضغط من أجل هذا الإقرار.
ويطالب الوزير بوشيكيان المجتمع الدولي بإنصاف هذه القضية وحضّ مرتكبيها على الاعتراف بالإبادة، ويرى أنّ ما يجري في غزة اليوم يشبه كثيراً ما حلّ بالشعب الأرمني.
من جهته يلفت رئيس جهاز العلاقات الخارجية في حزب القوات اللبنانية الوزير السابق ريشار قيومجيان لموقعنا إلى أنّ هذه القضية في ذاكرتنا وحياتنا ويومياتنا من خلال روايات عن تضحيات الأجداد وبطولاتهم، فلا يمكن نسيان المذابح التي ارتكبت والاضطهاد الذي لحق بالشعب الأرمني، وهذه القضية لن تموت طالما أنّ هناك إرادة ومطالبة بأن يحقّ الحق، فيكتمل عزاؤنا باعتراف أحفاد الجناة العثمانيين بحصول الإبادة الأرمنية، فما من سلام بين الشعبين الأرمني والتركي من دون هذا الاعتراف.
ويرى قيومجيان أنّ على تركيا تأمين تعويضات معنوية ومادية وإعادة أملاك تعد إرثاً للكنيسة الأرمنية، ويقول إنّ هناك تعاطفاً مع هذه القضية وإنّ الأرمن في لبنان يلعبون دوراً أساسياً على المستويات الاقتصادية والاجتماعية.
ويشير إلى ضرورة الاعتراف أيضاً بالإبادة التي تعرض لها الشعب السرياني والكلداني والأشوري، متوقفاً عند المجاعة التي حلت بأبناء جبل لبنان حيث خسر لبنان ثلث سكانه.
إلى ذلك، وعلى الرغم من تمرير مجلس الشيوخ الأميركي في العام ٢٠١٩ قراراً غير ملزم يعترف بعمليات القتل بصفتها إبادة جماعية، فإنّ هذا القرار لم ينفذ، ولم يصدر أيّ قرار دولي يقضي بإلزام تركيا بالاعتراف بارتكابها الإبادة الأرمنية لغاية الآن.
لم ولن تقفل قضية الاعتراف بهذه الإبادة وهذا عهد أخذه الشعب الأرمني على نفسه، ولذلك سيظل الرابع والعشرين من نيسان يكرر نفسه ما لم يصل الحق إلى أصحابه، حق عمره من عمر الإبادة، فمتى يحين موعد الحقيقة وإعلان هذا الحق؟