نصر الله والدولة المارقة
تبقى المسؤولية الأولى عن الكارثة الناتجة عن وجود اللاجئين، على عاتق من يحتل بلداتهم ومدنهم في القصير ويبرود وسائر المدن المحاذية للبنان، كما على عاتق النظام وداعميه اللبنانيين، الذين حولوا الحدود إلى مسرح للتهريب، فالقرار في دمشق الحفاظ على “سوريا المفيدة”. هي نكبة سوريا التي تضاهي بأشواط نكبة 1948
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
ببساطة، يطرح الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، فتح البحر أمام اللاجئين السوريين، للضغط على الدول الاوروبية وابتزازها، كي ترفع العقوبات عن حليفه النظام السوري، الذي قاتل من أجله، وهجر السوريين إلى لبنان والأردن وتركيا وأقاصي الأرض.
حل أزمة اللاجئين يكمن حسب نصرالله بفتح البحر، كي يعبر هؤلاء إلى بلاد الحرية، التي افتقدوها في بلدهم، بعد أن حولت إيران وروسيا المدن والبلدات السورية إلى أنقاض، فهجرت الملايين وقتلت مئات الآلاف، وها هي مشاعر الرأفة والحنو، تتفتق عن حل شعبوي يدغدغ بعض اللبنانيين، ويحاول ابتزاز العالم، عبر تحويل لبنان إلى دولة مارقة، لا تراعي الحد الأدنى من القوانين الدولية، وسيؤدي ذلك بالطبع، إلى تبديد ما تبقى لهذه الدولة البائسة من موقع وحضور واحترام، بعدما تحولت بالجهد المشكور لحزب الله، إلى وطن مريض ومُعدٍ، لا ينفع معه إلا وضعه في الحجر الصحي الطويل الأمد.
لم يكف لبنان أن يتحول جواز السفر الصادر باسمه إلى تهمة. لم يكفه أن يتحول إلى مصنع ومعبر لتهريب الكبتاغون، لم يكفه أن يكون غرفة عمليات يتم عبرها تصدير الفوضى والعنف والمؤامرات، إلى الدول العربية ودول العالم، وها هو نصرالله يريد تدفيعه ثمن فكّ العزلة عن النظام السوري، متخذاً من ملف اللاجئين الثقيل الذريعة، للمزيد من تحميل البلد المنهك أعباء مشروع إيران، وحلمها ببسط سيطرتها على المنطقة.
لم يكفِ لبنان ربطه بأزمات المنطقة، وتدفيع إنسانه واقتصاده أبهظ الأثمان، لم يكفه خروج نظامه المصرفي الوشيك من المنطقة الآمنة في النظام المالي، بسبب تبييض الأموال واقتصاد الكاش، لم يكفه انتحار السياحة ونظام الخدمات، لم يكفه العزل المبرمج عن المدى الحيوي للعالم العربي، لم يكفه طريق مطاره الدولي المزدحم بصور قادة إيران، وها هو نصرالله يريد إرساء نمط مناقض لطبيعة لبنان وشعبه، نمط منقطع عما يجري في العالم، نمط يعتبر أن كل عزلة وكل خرق للقانون الدولي، إنجاز جديد يضاف إلى المآثر المتراكمة.
على الرغم من كل هذه التعمية وكل هذا الغبار المثار، وكل هذه الطروحات الشعبوية، ستبقى المسؤولية الأولى عن الكارثة الناتجة عن وجود اللاجئين، على عاتق من يحتل بلداتهم ومدنهم في القصير ويبرود وسائر المدن المحاذية للبنان، كما على عاتق النظام وداعميه اللبنانيين، الذين حولوا الحدود إلى مسرح للتهريب، فالقرار في دمشق الحفاظ على “سوريا المفيدة”. هي نكبة سوريا التي تضاهي بأشواط نكبة 1948 .
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |