تسريب أرقام بيانية حول نسب استرداد الودائع .. دليل إضافي على حملة “ضرب” المصارف
ضخ المعلومات بين الحين والآخر عن مصير الودائع ليس إلا دليلاً واضحاً على مواصلة خطة تقوم على تحميل المصارف تبعات الواقع المالي وجعلها تشطب الودائع كي تتحرك حملة جديدة ضدها من قبل المودعين
كتبت كارول سلوم لـ”هنا لبنان”:
من يسأل عمن أفشل “خطة لازار” التي أقرتها حكومة الرئيس حسان دياب، يجد نفسه مضطراً إلى مراجعة بعض التفاصيل عن كبار المتحكمين بالبلد وبالسلطة السياسية، كما يعبّر كبار الاقتصاديين. لم تأتِ هذه الخطة كرمى عين استعادة الأموال أو تسليط الضوء على الخسائر المالية منطقياً، فعنوانها الأساسي إعادة هيكلة المصارف وحتى تدمير البلد. أما المدافعون عنها فأرادوا تحميل المسؤولية للقطاع المصرفي، وهم حاولوا ويحاولون بث إحصاءات وإظهار رسوم بيانية للقول أنّ نسبة استرداد الودائع كانت أعلى من ٦٠ في المئة في خطة لازار في ٢٠٢٠، وفق ما تؤكد مصادر مصرفية لموقع،” هنا لبنان”.
لقد بدت المعلومات المتداولة وفق هذا البيان ناقصة، ولعل منظمة “كلنا إرادة” تقف وراء تسريب هذه المعلومات لعدد من الإعلاميين ولبرامج تلفزيونية متعددة، في حين أنّ التدقيق بالمعطيات يشير إلى أنّ نسبة الودائع كانت 90% في العام ٢٠١٩. وهنا تسأل المصادر ما إذا كانت هذه المنظمة تريد حماية حقوق المودعين بالفعل، أم أن هدفها يتركز على تصفية المصارف والدفع في إطار زعزعة الثقة بالقطاع المصرفي، مشيرة إلى أنّ ضخّ معلومات بين الحين والآخر عن موضوع مصير الودائع ليس إلا دليلاً واضحاً على مواصلة خطة تقوم على تحميل المصارف تبعات الواقع المالي وجعلها تشطب الودائع كي تتحرك حملة جديدة ضدها من قبل المودعين.
وترى أنّ توقيت نشر الأرقام مشبوه، ما قد يؤدي إلى إقامة ترابط بينه وبين التخطيط لأمر ما من جديد بهدف ضرب القطاع المصرفي أو إعادة البحث بالمخطط السابق والمتصل بإعادة هيكلة المصارف والذي كان قد أحبط بعدما تقرر سحبه من التداول، لا سيما أنه انطوى على رغبة في ترتيب المسؤوليات على المصارف، مكررة القول أنّ المخطط الرامي إلى كسر المصارف والعمل على منح تراخيص لخمسة مصارف موزعة بين أركان السلطة وبعض الشركاء من الخارج، لم يسقط من بال العاملين على هذا الخط بشتى الوسائل، وبعض هؤلاء انضمّ إلى مجلس إدارة “كلنا إرادة” منذ فترة.
وتضيف المصادر نفسها لموقعنا: سقط عن سابق تصميم المحاولات الرامية إلى نقض يد الدولة اللبنانية عن أي مسؤولية في رد الودائع، كما سقط عن بال كثيرين كيف تحركت “كلنا إرادة” في موضوع التخلف عن دفع سندات اليوروبوندز، ولكن في العام ٢٠١٩ بلغت نسبة الودائع ٩٠ في المئة. ومعلوم أنّ هذه المنظمة كانت أول من بادر إلى الترحيب بهذا القرار وهللت له في بيان حمل توقيعها مباشرة بعد هذا التخلف.
وفي قراءة لما نشر سابقاً حول نسبة استرداد الودائع والذي يظهر كيف أن نسبة استرداد هذه الودائع تراجعت إلى أقل من ٤٠ في المئة في العام ٢٠٢٢ وكيف أنها كانت في العام ٢٠٢٠ أعلى من ٦٠ في المئة، فإنّ المصادر المصرفية تسأل عن ماهية الوقائع التي استندت إليها هذه الأرقام ولماذا الإشارة إلى هذه النسبة في العام الذي شهد سياسة الدعم الشهيرة.
أما بالنسبة إلى اتهام المصارف بأنها خاطرت بالأموال بفعل إيداعها في مصرف لبنان من دون استثمارها في القطاع الخاص أو حتى إيداعها في هذا القطاع، فإنّ المصادر ذاتها ترى أنّ القطاع المصرفي عمل وفق المبدأ القائم على الثقة والالتزام بالقوانين المرعية الإجراء من دون أي تلكؤ، وإنّ التصرف بأموال المودعين جاء من قبل إدارة الدولة اللبنانية وحساباتها الخاطئة وبعض السياسات، فعوضاً عن التصحيح سعت إلى مواصلة الخطأ في التعاطي المالي مع العلم أنّ تحذيرات وردت من المصرف المركزي والمصارف بشأن خططها المالية واستراتيجية الصرف والاستدانة وخرق موضوع السداد.
إذاً أيّ استمرار في تشويه الحقائق وتوجيه الضربات للقطاع المصرفي يعني أنّ الحملة المبرمجة قائمة ضده ووحدها القوانين وحسن تطبيقها تنصفه.