الدولة مدفونة حتى إشعار آخر
في لبنان هناك من ينكر على الدولة حقها في اتخاذ قرار الحرب والسلم وأن تبدي رأياً له علاقة بمصير لبنان واللبنانيين، وحتى الإعتراض على زج البلد في الحرب ممنوع بل على الدولة أن تغطي هذا القرار
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
تظهر وقائع كبيرة وصغيرة أنه على امتداد الجغرافيا اللبنانية هناك من لا يريد قيام دولة في لبنان وأن هذا الأمر أصبح بالنسبة لبعض الفئات ثقافة راسخة، بحيث يعتبر هؤلاء أنّ كل خطوة لقيام الدولة أو لإثبات أنها لا تزال موجودة هي في سياق المؤامرة على هذه الفئات، وأنّ الساعين لقيام هذه الدولة أو إثبات وجودها هم من العملاء.
هذا الكلام ليس خيالاً أو فبركة لا أساس لها، ففي لبنان مناطق يمنع على أجهزة الدولة الأمنية أو العسكرية أن تدخل إليها وإذا سمح لها فتحت رقابة والضوابط التي تضعها قوى الأمر الواقع، وفي لبنان ممنوع على الدولة أن تضبط الحدود مع سوريا ولا يحق لها أن تقفل المعابر غير الشرعية وأن توقف عمليات التهريب.
في لبنان هناك من ينكر على الدولة حقها في اتخاذ قرار الحرب والسلم، وأن تبدي رأياً له علاقة بمصير لبنان واللبنانيين، وحتى الإعتراض على زجّ البلد في الحرب ممنوع بل على الدولة أن تغطي هذا القرار، هناك في لبنان من لا يريد جيشاً يحمي البلاد وحدودها وذريعتهم أن لا أسلحة ولا قدرات له على ذلك، رغم أنّ القدرات التي يتغنون بها هم لم تتمكن من حمايتهم، هؤلاء يرفضون أيّ وجه من الوجوه الأمنية للدولة حتى إن أرادت قوى الأمن منع أو الحد من مخالفات البناء ومخالفات السيارات والدراجات النارية مثلاً فتصبح هي المخطئة بحق المرتكبين والمخالفين للقانون.
هؤلاء يريدون الجيش والقوى الأمنية أداة لسياساتهم وأهدافهم يستخدمونها في قمع خصومهم، ويزجون القضاء أيضاً في مآربهم وإن لم يسايرهم حاصروه ودمروه.
هؤلاء لا يريدون دولة ولا بأي شكل من الأشكال ولذلك لا يحترمون دستوراً ولا مواعيد دستورية ويريدون أن تكون كل الاستحقاقات لصالحهم وإلا فإنّ حصولها في مواعيدها الدستورية لن يكون متوفراً.
إنَّ كل ما سبق هي ممارسات تترسخ يوماً بعد يوم وتتربى عليها أجيال من الأطفال والشباب، وهي ليست وليدة صدفة أو نتيجة وضع مستجد بل إنها سياسة ممنهجة لهدم ما كان يعرف بالدولة اللبنانية لا سيما وأنّ هناك من يعتبر نفسه بأنه ليس جزءاً من هذه الدولة وليس موالياً لها بل هو جزء من مشروع إقليمي يتخطى حدود الدول من خلال هدم سيادتها وقرارها والعمل على تحقيق مشروع إقليمي يدمج كل هذه الدول المنهارة تحت سيطرة سلطة واحدة تتمتع بقرار مركزي موقعه فقط في قلب هذا المشروع.
مواضيع مماثلة للكاتب:
في لبنان ما يستحق الحياة | تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل |