برلمان عقيم!
ترجمة “هنا لبنان”
كتب Johnny Kortbawi لـ”This is beirut“:
الجمود في الوضع اللبناني ليس مستغرباً، وبقاء الأمور عالقة خلافاً للدستور، لا يفاجئ أحداً. وذلك لأنّ أكبر العوائق التي يواجهها النظام اللبناني ترتبط باختصار بالقرارات الأحادية وبالهيمنة على الدولة.
فاضت الحملات الإنتخابية في عام 2022 بالشعارات الواعدة التي تعهدت بالتزام البرلمان الجديد بإتمام الاستحقاق الأهم: انتخاب رئيس جديد على رأس الجمهورية.
وكان يفترض ببرلمان 2022 إتمام مهمته خلال الأشهر الستة الأولى من ولايته، وأهم الأهداف، انتخاب رئيس البرلمان واللجان النيابية، وإقرار الموازنة الأولى وتنظيم الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة وانتخاب الرئيس. لكن البرلمان فقد القدرة على تنفيذ واجباته بسبب العرقلة المستمرة.
وبما أنّ انتخاب الرئيس هو وليد اتفاقات داخلية وخارجية، بات واضحاً أنّ الوضع العام لن يسمح بإجراء مثل هذه الانتخابات، على الأقل في عام 2024، والأمر برمته مؤجل إلى أجل غير مسمى. وفي الواقع، بات من الواضح أنّ الأحداث السياسية في المنطقة تزداد تعقيداً، مما قد ينعكس على لبنان ويجمد بدوره جميع القرارات الكبرى التي يجب اتخاذها على المستوى المحلي.
لذلك، يشدد كثر على أهمية تنظيم انتخابات نيابية مبكرة تكسر حالة الجمود السياسي. لكن من يطالب بذلك لا يحرك الأمور فعلاً لأنّ ذلك سيسمح لإحدى الكتلتين الرئيسيتين بتأمين ثلثي المقاعد. وبالتالي، تتمحور المطالبة بإجراء انتخابات مبكرة حول إعادة تشكيل البرلمان أي “التخلص” من نواب التغيير وتقليص عدد الكتل إلى كتلتين. إلياس بو صعب المتمايز عن جبران باسيل، ووئام وهاب الناطق غير الرسمي لمحور العرقلة (الممانعة) هما من بين الدعاة لانتخابات مبكرة. ومع ذلك، لن تغير مثل هذه المبادرة مسار الانتخابات الرئاسية: فحتى لو تمكنت إحدى الكتلتين من تأمين ثلثي الأصوات، سيبقى هناك مكون رئيسي ناقصاً، وسيحصل انشقاق داخلي، وستزداد الانتخابات تعقيداً وستكون إنطلاقة الرئيس الجديد غير موفقة.
بالتالي، تجمع معظم التقديرات على أنّ البرلمان الحالي عقيم وسيفشل في انتخاب رئيس للبلاد، وسيتعين تأجيل ذلك إلى ما بعد انتخابات 2026، في حال لم يقلب أي تغيير ميزان القوى. كل شيء سيؤجل، ولبنان لن يمتلك سوى خيار انتظار التغيير الجذري. وفي كل الأحوال، لن تحمل الانتخابات النيابية الكثير من التغيير، ولا يخفى على أحد أنها تولّد في لبنان مشاكل أكثر بكثير مما تثمر حلولاً. ألم تكن تلك هي الحال منذ استقلال البلاد؟ ألم تثبت الأيام أنّ الديمقراطية في لبنان لا تعدو كونها أكثر من ديمقراطية صورية، وأنها مجرد ممارسة مهندسة للإيهام بحماية المؤسسات وبصون الدستور؟