حراكٌ لكسر “المراوحة الرئاسيّة”.. وطروحات لِحَرف الأنظار عن “التعطيل المتعمّد”!
رغم جميع الدعوات العربيّة والدوليّة، والزخم الفرنسي الذي عبّرت عنه زيارة الموفد الرئاسي جان إيف لودريان، الذي حذّر بشكل واضح وصريح من زوال “لبنان السياسي”، لا تزال الأزمة الرئاسية في لبنان تُراوح مكانها، في ظلّ فشل أو تعثّر أيّ مبادرة مطروحة في إيصال الرئيس الجديد إلى قصر بعبدا حتى الآن.
وفي إطار المساعي الهادفة إلى فتح كوّة في جدار هذه الأزمة، برزت أمس الزيارة التي بدأها وفد من حزب “القوات اللبنانية” إلى قطر، والتي تستمر إلى الخميس المقبل، لتمثيل رئيس الحزب سمير جعجع في لقاء كبار المسؤولين القطريين، حيث ضمّ الوفد النائبين بيار بو عاصي وملحم الرياشي، وعضو الهيئة التنفيذية جوزيف جبيلي.
في وقت أشارت مصادر المعارضة لـ “نداء الوطن”، إلى أنّ قطر تسعى إلى إخراج لبنان من مرحلة الشغور الرئاسي، كما تفعل فرنسا ضمن اللجنة الخماسية.
على الصعيد الرئاسي أيضًا، أوضحت مصادر سياسية مطلعة لـ “اللواء” أنّ تحرك اللقاء الديمقراطي في الملف الرئاسي يُشكّل فرصة لإمكانية وضع هذا الملف في سُلَّم أولويات البحث، من أجل نقله من حال المراوحة، وهو حراك يعقب زيارة الموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ومن شأنه أن يشغل الساحة المحلية، ولن يبتعد عن مناخ دعوة الحوار أو التشاور، مشيرة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يقوم فيها هذا اللقاء بحراك، فهو كان سبَّاقًا في المبادرات أو المساعي لا سيما بالنسبة إلى لائحة الأسماء.
كما قالت هذه المصادر إنّ الهدف الأساسي هو تخفيف الاحتقان وليس الترويج لأسماء محددة، معلنة أنه إذا لم يخدم أو يحقق نتيجة، فليس له أن يحدث أي ضرر.
فيما رأت أن هناك لقاءات متعددة للقاء الديمقراطي ولا يمكن الحديث عن نجاحها أو فشلها منذ الآن، لأن مسعى الديمقراطي مضبوط بسلسلة عوامل ومعطيات محددة لا تنفصل عن نشاط الدبلوماسية الخارجية بشأن الأوضاع في غزة والجنوب.
إذ يباشر رئيس اللقاء الديمقراطي النائب تيمور جنبلاط لقاءاته غدًا الثلاثاء مع رؤساء الكتل والنواب، بحثًا عن لقاء عند منتصف الطريق لإعادة إحياء جهود ملء الفراغ في الرئاسة الأولى.
إلى ذلك، كشفت مصادر رسمية لـ”الجمهورية” أنّ لودريان نقل إلى من التقاهم في لبنان، ولا سيما منهم رئيس المجلس النيابي نبيه بري، أنّه توصّل إلى “اقتناع بأنّ مسار الاستحقاق الرئاسي يجب أن يقوم على مبدأ الحوار أو التشاور أو النقاش وصولًا لانتخاب رئيس الجمهورية”.
المصادر أكدت أن عودة لودريان إلى بيروت في مهمة جديدة رَهن بما سيتوصل إليه الرئيسان الفرنسي والأميركي هذا الأسبوع خلال لقائهما على هامش إحياء ذكرى إنزال النورماندي في الحرب العالمية الثانية.
أمّا فيما يتعلّق بطرح انتخاب الرئيس مباشرة من الشعب، فقد اعتبرت عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب غادة أيوب أنّ “من يطرح مسألة الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب، يريد أن يحرف الأنظار عن التعطيل المتعمد والمكشوف الذي يمارسه فريق الممانعة”، مشددة في تصريح لـ”الشرق الأوسط” على أنّ “هذا الطرح يحتاج إلى تعديل دستوري، مما يفتح الباب أمام نقاش يبدأ ولا ينتهي في ظل دستور لم يطبق بشقه السيادي الأساسي”.
بالمقابل، رأى عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون في تصريح لـ”الشرق الأوسط”، أنّ “فكرة إجراء الانتخابات الرئاسية مباشرة من الشعب هي عمليًا اقتراح يجعل إجراء الاستحقاق تلقائيًا، ويجنّبه التأخير أو التعطيل كما يحصل اليوم من جراء عدم توفّر أكثرية للانتخاب وعدم توفّر توافق لتأمين تلك الأكثرية”، منبهًا إلى أنّ “لهذا الخيار محاذير في ظلّ النظام السياسي الطائفي اللبناني، الذي يقوم على توازن دقيق جدًا بين الطوائف ومواقعها في النظام وصلاحياتها، ولذلك هو يتطلّب ليس فقط تعديلًا دستوريًا، بل ضوابط كثيرة لعدم الإخلال بهذا التوازن، منها على سبيل المثال إجراؤه على دورتين؛ الأولى على المستوى الطائفي، والثانية على المستوى الوطني”.
أما عضو “اللقاء الديمقراطي” النائب بلال عبد الله، فأوضح أنّ “أيّ تعديل لـ”دستور الطائف” في موضوع الرئاسة أو غير الرئاسة، يتطلب وفاقًا وطنيًا ووجود حالة من الاستقرار للنقاش فيه، على أن يكون من خلال رزمة إصلاحات لـ”اتفاق الطائف”، مرتبطة بكل السلطة السياسية وليس فقط برئاسة الجمهورية”، قائلًا لـ”الشرق الأوسط” إنه “في الوقت الحاضر، ربما يكون الوقت غير مناسب لطرح كهذا، مع إقرارنا بأهمية أن ينتخب رئيس من الشعب بوصفه خيارًا ديمقراطيًا ممتازًا”.
بدوره، أكد النائب في تكتل “الاعتدال الوطني” أحمد الخير التمسك بـ”دستور الطائف” الذي حدد آليات لانتخاب رئيس الجمهورية، قائلًا لـ”الشرق الأوسط”: “نحن لا نؤيد بالطبع أي طرح من شأنه القفز على “دستور الطائف” لخلق أعراف جديدة في الاستحقاقات الوطنية، لذا قدمنا (كتكتل) مبادرة لبنانية للحل، تحت سقف “دستور الطائف”، تبدأ بالتشاور لفترة محددة، ومن ثم جلسات مفتوحة لانتخاب الرئيس”.