خامنئي يعري حماس
طهران تدير غرفة عمليات المحور وتوزّع المسؤوليات، وتحدد نسبه الدماء التي تسقط في بلدان المحور، لكنها، لا تقوم بالرد على إسرائيل، إلا بعد مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري، أما الرد فهو بتنسيق وهندسة، تشاركت بها مع الأميركيين، كي لا تغبر ثيابها بمعركة محدودة أو حرب مكلفة
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
ليس كل ما يمكن قوله يُقال، لكن طفح كيل السرية مع طهران. بات من الواجب استثمار ما صنعته في غزة، وها هو مرشد الجمهورية الإسلامية، يكشف بوضوح عمّن خطّط وأعطى الأمر وهندس التوقيت، لعملية طوفان الأقصى، التي نفّذتها حركة حماس بقيادتها الغزاوية، من دون أن تكون قيادتها السياسية في الدوحة، قد عرفت مسبقاً بالعملية وحجمها وخطورتها.
بدا خالد مشعل صادقاً، حين قال في الأيام الاولى للهجوم البري، أنّ مساندة محور الممانعة لحماس، لم تكن كافية. فالصدمة ربما تكون أكبر من الحسابات السياسية، باعتبار أنّ قيادة حماس في غزة، كانت تنتظر 7 تشرين في الجليل، فإذا بـ 7 تشرين في جبهة الشمال، يتحول إلى مناوشة سماها حزب الله جزافاً حرب مساندة، وإذا بغزة تُسحق، فيما محور مناورات العبور و”يا قدس قادمون”، يتلكأ عن العبور، ويتأخر عن القدوم.
قاتلت إيران وستقاتل بحركة حماس، وقاتلت وستقاتل بحزب الله والحشد الشعبي والحوثيين، لكنها لن تدفع ثمناً ولو بسيطاً في هذه الحرب. طهران تدير غرفة عمليات المحور وتوزع المسؤوليات، وتحدد نسبة الدماء التي تسقط في بلدان المحور، لكنها، لا تقوم بالرد على إسرائيل، إلا بعد مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري، أما الرد فهو بتنسيق وهندسة، تشاركت بها مع الأميركيين، كي لا تغبر ثيابها بمعركة محدودة أو حرب مكلفة.
من يجد من يقاتل عنه كي يعزز له موقعه الإقليمي، لا حاجة له لأن يحارب بنفسه. هذه قاعدة ثابتة في عقيدة الجمهورية الإيرانية التي تسعى لتصدير الثورة والنفوذ، عبر بناء الميليشيات، وتفكيك البلدان وزرع الفوضى، وبالتالي استثمار كل هذه الفوضى، للتفاوض مع أميركا ونيل اعترافها، وحماية النظام القائم، الذي يعتمد سياسة التخريب، على طريقة الإطفائي المهووس.
كان أحد قادة طهران صادقاً أيضاً، حين قال أنّ طوفان الأقصى كان رداً على اغتيال قاسم سليماني(بدل الرد الاستعراضي الإيراني)، لكن المرشد كان صدقه أشمل، حين وضع الأمور في نصابها: طوفان الأقصى كان الهدف منه قطع الطريق على التسوية، التي كانت ستؤدي إلى ولادة دولة فلسطينية، ما سيحرم طهران من أداة غالية، للاستمرار في توظيفها في كل مشروعها الإقليمي.
ما لن يقوله المرشد أنّ إيران تتقاطع مع اليمين الإسرائيلي، الذي تشاركت معه في تحطيم حلم الدولة الفلسطينية، وهو التقاطع الذي يؤمن للطرفين خدمات شتى، لكنه التقاطع نفسه الذي بني على جثة الشعب الفلسطيني، العالق بين الممانعة والاحتلال.
إنه قدر فلسطين الحزين.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |