مخيمات النازحين.. بيئة حاضنة للذئاب المنفردة
عملية عوكر “فتّحت الأعين” على الخلايا الإرهابية النائمة، والخطير منها ليس المجموعات الذين بالإمكان خرقهم إما بتجنيد أحد اعضاء الخلية وإما بمراقبة هواتفهم الخليوية، بل الخطير أولئك الذين سلكوا طريق “الذئاب المنفردة” الذين ليس بالسهولة كشفهم
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
“الذئاب المنفردة” من المجموعات المتشددة، يتلقون الدروس من متطرفين، ولا يكونون منضوين في إطار خلايا وشبكات، والسبب في ذلك يعود إلى أنهم يخشون انكشاف أمرهم، سواء لجهة تعقب هواتفهم أو اجتماعاتهم. فكان أسلوب “الذئاب المنفردة” بمعنى أنّ الواحد منهم لا يعرف الآخر، وما يقوم به يستند إلى شخصه بالذات، من دون أن يتكلم به مع أحد.
ينطبق هذا التوصيف على مهاجم السفارة الأميركية في عوكر: “ذئب منفرد” انطلق من بلدة الصويري البقاعية، استقل فانًا للركاب وطلب من السائق أن يوصله إلى منطقة الضبية، وأخذ الفان تاكسي، بمعنى أنه لا يريد ركابًا معه، ونَقَدَ سائق الفان خمسين دولارًا. لم يكن معه سوى حقيبة لأدوات الرياضة، لم يدُر في خُلد سائق الفان ماذا كان فيها؟ رشاش وجعبة المماشط وطاسة عسكرية.
مرّ على حاجز واحد هو حاجز ضهر البيدر، ومنه إلى الضبية لم يصادف أي حاجز آخر. من طريق الضبية على بعد مئات الأمتار من “الضبية فيلاج”، صعد مشيًا على القدمين في اتجاه حرج لا طريق فيه وبالتالي لا قدرة لأي سيارة على الدخول إليه.
وعند وصوله إلى قبالة المدخل السفلي للسفارة باشر بإطلاق النار فأصاب أحد حراس السفارة برأسه. وكانت حالته حرجة ثم استقرت.
الجيش عمد، وإثر بدء إطلاق النار، إلى إقفال الطريق المؤدية إلى السفارة، عند أحد حواجزه من جهة الضبية، ومن الجهة الفوقية قبالة المبنى الجديد للسفارة، وردّ على إطلاق النار، وكان تشديد من الضابط ألّا تُطلق النيران عليه لقتله، بل لإصابته وإبقائه على قيد الحياة لئلا يختفي سره معه. وقع أرضاً وخيّل في بداية الأمر أنه قتل ليتبين أنه بقي على قيد الحياة، فنُقل على الفور إلى المستشفى العسكري وكان غائبًا عن الوعي، وبعدما استفاق في اليوم التالي قدّم إفادته كاملة وأنار التحقيق بشكل كبير.
اعترف للمحققين في مديرية المخابرات في الجيش اللبناني أنه كان منفردًا، ولم يكن معه أحد، وأنّ السلاح الذي استخدمه اشتراه من ماله الخاص وأنه تلقى دروسًا دينية على يد أحد المشايخ السوريين في بلدة الصويري البقاعية، وأنه قام بالعملية نصرة لغزة.
عملية عوكر “فتّحت الأعين” على الخلايا الإرهابية النائمة، والخطير منها ليس المجموعات الذين بالإمكان خرقهم إما بتجنيد أحد اعضاء الخلية وإما بمراقبة هواتفهم الخليوية، بل الخطير أولئك الذين سلكوا طريق “الذئاب المنفردة” الذين ليس بالسهولة كشفهم ليس في لبنان فحسب بل في دول أوروبية وأميركية عجزت كل مخابرات تلك الدول على فرض أمن استباقي، فكانت جرائم الطعن في أكثر من بلد من بلدان أوروبا أو أميركا، لن يخرج من الذاكرة أكثر من حادثة طعن في جنوب فرنسا، وشهيرة عملية طعن الكاتب سلمان رشدي.
الخطر اليوم في لبنان أنّ أسلوب “الذئاب المنفردة” هو من أخطر أساليب الإرهاب وأكثرها قابلية للتمدد. والسبب في ذلك يعود إلى أنه يتمدد في بيئةٍ حاضنة، باشرت بداية في احتضان هؤلاء، وقدمت إليهم دروسًا دينية، واستمروا في تلقن هذه الدروس إلى أن وصلوا إلى مرحلة باتت معها مخيمات النازحين بيئات حاضنة للإرهاب والتطرف، والسؤال هنا: ماذا لو أفاقت الخلايا النائمة والذئاب المنفردة في آن واحد؟ فماذا يحل بالبلد؟
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |