المالكون لميقاتي: “العودة عن الخطأ فضيلة”… فما الجديد في قانون الإيجارات غير السكنية؟
توجّه مجلس شورى الدولة بإصدار القرار النهائي بإبطال مرسوم ردّ قانون الإيجارات للأماكن غير السكنيّة بات معلوماً وواضحاً خصوصاً بعد صدور قرار وقف تنفيذ مراسيم ردّ القوانين بالمراجعة المقدّمة من أحد النواب
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
بعدما تم إقرار 3 قوانين سابقاً، القانون المتعلق بتعديل قانون الإيجارات للأماكن غير السكنية القديمة، والقانون المتعلق بتعديل بعض أحكام قوانين تتعلق بالهيئة التعليمية في المدارس الخاصة وبتنظيم الموازنة المدرسية، والقانون الرامي إلى إعطاء مساعدة مالية لحساب صندوق التعويضات لأفراد الهيئة التعليمية في المدارس الخاصة؛ طلب حينها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي عدم نشر القوانين الثلاثة وردّها إلى مجلس النواب.
ولكن هذا الإجراء تم الطعن فيه من قبل بعض النواب ونقابة المالكين، وأصدر مجلس شورى الدولة قراراً بوقف تنفيذ مراسيم ردّ القوانين الثلاثة، ما يعني وقف ردّها إلى مجلس النواب كما طلب ميقاتي، على أن ردّ القوانين لا يدخل ضمن صلاحيات رئيس الحكومة فقد حصرها المجلس بالصلاحية المنفردة لرئيس الجمهورية بموجب الدستور. ولكن عاد رئيس الحكومة نجيب ميقاتي ووجّه كتاباً إلى مجلس النواب إذا إرتأى ذلك، لإعادة القوانين إلى الحكومة ونشرها في الجريدة الرسمية تطبيقاً لقرار مجلس شورى الدولة. وعبّر ميقاتي عن احترامه المطلق لعمل السلطات القضائية والقرارات الصادرة عنها.
وبحسب المستشار القانوني لنقابة المالكين المحامي شربل شرفان فإنّ توجّه مجلس شورى الدولة بإصدار القرار النهائي بإبطال مرسوم ردّ قانون الإيجارات للأماكن غير السكنيّة بات معلوماً وواضحاً خصوصاً بعد صدور قرار وقف تنفيذ مراسيم ردّ القوانين بالمراجعة المقدّمة من أحد النواب، والذي استشهد المجلس في حيثيات قراره الإعدادي بقرار للمجلس الدستوري حيث ورد أنّ صلاحية ردّ القوانين إلى مجلس النواب لإعادة النظر بها هي سلطة منوطة فقط برئيس الجمهورية وهي صلاحية منفردة مرتبطة ولصيقة به كرئيس للدولة.
وأضاف شرفان أنّ اللجان النيابيّة المشتركة في مجلس النواب في اجتماعها بتاريخ 20/2/2024 قرّرت اعتبار ردّ القوانين بالطريقة التي تم فيها، يشوبه عيب دستوري ورفعت توصية إلى الهيئة العامة في مجلس النواب بإعادة هذه القوانين ومنها قانون الإيجارات غير السكنية إلى الحكومة ليُصار إلى نشرها وفقاً للأصول. وبالتالي، فإنّ الحكومة ورئيسها قد ارتكبا مخالفتين دستوريّتين فادحتين أولهما فعل ردّ القانون إلى المجلس النيابي، وثانيهما ردّ القانون بعد إصداره وهذا أمر لا يجوز حتّى بوجود الأصيل بمعنى أنّ رئيس الجمهوريّة لا يمكنه ردّ القانون بعد إصداره لأنّ العمليّة التشريعيّة تنتهي بالإصدار.
وتابع المحامي أنّ ما صدر عن رئيس الحكومة بأنّه أرسل كتاباً لمجلس النواب طالباً إعادة القانون إلى الحكومة لنشره فهذا مطلب نقابة المالكين منذ البداية أي منذ إقرار القانون وهذا هو المسار الطبيعي للأمور إذ أنّ عدم النشر هو الحالة الشاذة ما أدى إلى أضرار فادحة ماديّاً ومعنويّاً للمالكين الذين لم يعودوا قادرين على تأمين الحدّ الأدنى من الحياة الكريمة وتراكمت خسائرهم بحيث أصبحت غير قابلة للتعويض… خصوصاً مع الأزمة الاقتصاديّة التي تمرّ بها البلاد، إذ أنّ جميع القطاعات الاقتصاديّة والعمّال والصناعييّن والتجّار أعادوا التوازن في أعمالهم وأصبحوا يتقاضون ثمن السلع والخدمات بالدولار الأميركي النقدي أو بالليرة وفقاً لسعر السوق إلّا المالك القديم الذي لا يزال يتقاضى لغاية تاريخه بدلات إيجار بين 3 إلى 10 دولار سنويّاً في المأجور السكنيّ سيّما في المأجور غير السكنيّ، حيث أنّ المستأجر فيها مؤسسات وشركات منتجة الأمر الذي لا يجوز لا من الناحية القانونيّة أو الأخلاقيّة أو الإنسانيّة خصوصاً وأنّ الملكيّة الخاصة مقدّسة ومكرّسة في الدستور اللبناني وفي مواثيق حقوق الإنسان العالميّة فإلى متى تبقى الإبادة الجماعيّة بحقّ المالكين؟
إعتبر شرفان في حديث لموقع “هنا لبنان” أنّ الحدّ الأدنى الرسمي للأجور شهريّاً قد أصبح 18 مليون ليرة لبنانيّة أي ما يُعادل نحو 200 دولار أميركي مع العلم أنّ تصحيح الحدّ الأدنى على هذا الشكل لا يزال يُلاقي معارضة من نقابات العمّال الذين يريدون رفعه أكثر، وتريدون من المالك أن يبقى يتقاضى بدلات إيجار سنويّة بين 3 إلى 10 دولار… ومن ناحية أخرى، فإنّ إنهاء قوانين الإيجارات الاستثنائيّة أصبح واجباً وطنيّاً لاعتبارات عديدة أوّلها لاعتبار سوق الإيجار حاجة ضروريّة للاقتصاد الوطني وليس من مصلحة أحد ضرب هذه الخدمة التي يستفيد منها خصوصاّ ذوو الدخل المحدود الذين لا يستطيعون تملّك شقق أو محلات. وثانيها لأجل إعادة شيء من التوازن للعلاقة بين المالك والمستأجر تبعاً لعودة التوازن بين العرض والطلب ما سوف يؤدّي حكماً لوجود تنافس في التأجير وبالتالي انخفاض في البدلات. وثالثها لأجل وضع حدّ للمنافسة غير المشروعة بين المستأجرين أنفسهم أيّ بين مستأجر يدفع بدل إيجار مثلاً 400 دولار شهريّاً وآخر يدفع نصف دولار شهريّاً… ورابعها لأجل إعادة العمل بأحكام القانون العام أي قانون الموجبات والعقود الذي نصّ على أنّ عقد الإيجار هو عقد رضائي يخضع للحريّة التعاقديّة وهو لمدّة محددّة وببدل معيّن أيّ أنّه غير مؤبّد وبالتالي فإنّ القوانين الاستثنائيّة كانت حالة شاذة من الناحية القانونية. وفي النهاية نقول لرئيس الحكومة: العودة عن الخطأ فضيلة… فليُنشر قانون الإيجارات للأماكن غير السكنيّة فوراً لأجل الحقّ والعدالة والإنسان…
أما بالمقابل فرأت المستشارة القانونية للجنة الأهلية للمستأجرين المحامية مايا جعارة أننا في زمن باتت فيه القوانين في البلد وجهة نظر، والسلطات تتداخل في عمل بعضها البعض منتهكة مبدأ فصل السلطات. فكما قام مؤخراً مدعي عام التمييز بتجاوز صلاحياته مستولياً على الصلاحيات المعطاة لوزير العدل، ها هي الضغوطات الآن تنهال بالاتجاه المقابل على رئيس الحكومة لتضغط عليه وتحثه على تجاوز صلاحياته والتعدي على صلاحيات السلطة التشريعية. وبالفعل فإنّ القوانين الثلاث التي ردت إلى مجلس النواب أصبحت في عهدة هذا المجلس وهو سيّد نفسه وكان يقتضي وبحسب المادة 57 من الدستور أن تعرض هذه القوانين في أول جلسة تشريعية للتصويت عليها بالأغلبية المطلقة من مجموع الأعضاء الذين يؤلفون المجلس قانوناً، أي ٦٥ نائباً إلا أنّ هذا لم يحصل. فنحن أمام سلسلة من المخالفات بدأت مع الخرق الأساسي للدستور بالتشريع قبل انتخاب رئيس للجمهورية، والتشريع بغياب رئيس هو مخالف للدستور كون المجلس هيئة ناخبة والقوانين الثلاثة ليست تشريع ضرورة وتبين أنها فعلاً قوانين إشكالية وبحاجة لتعديلات جذرية. ورأت جعارة أنّ رئيس الحكومة حسناً فعل بإعادة كرة النار إلى مجلس النواب. وأشارت جعارة إلى أنّه وبحسب مصادر نيابية فإنّ القانون أُحيل إلى لجنة الإدارة والعدل لإعادة دراسته، وأملت أن يصار إلى إصدار تشريع عادل ومتوازن يحافظ على الأمان التشريعي و يراعي المبادئ الدستورية، أي الملكية العقارية الخاصة من جهة والمبادرة الفردية والمصلحة العامة والانتظام العام والملكية التجارية من جهة ثانية.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الحكومة تبدأ بخطة أولية لإعادة الإعمار … فما هي تفاصيلها ؟ | في حال أنفقت الدولة كل “السيولة”.. هل تتجه إلى إحتياطي مصرف لبنان؟ | بعد إنتخاب ترامب.. ما هي التداعيات الاقتصادية على لبنان؟ |