سامي الجميل والمحاولة الأخيرة
انكشف ما لم يكن مستوراً، وهو أن الممانعة تريد أن تأتي برئيسها، ولا تريد من الحوار بحسب مناورة رئيس المجلس، إلا عملية تجميل تؤدي إلى إخضاع الجميع، و”إقناعهم” بانتخاب فرنجية
كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:
نفذ رئيس حزب الكتائب مهمة انتحارية، إذ أرسل النائبين نديم الجميل وسليم الصايغ إلى الرئيس نبيه بري، مع علمه المسبق بأنّ النتيجة التي سعى إليها لن تكون إيجابية.
خلاصة العرض الكتائبي، القبول بالحوار أو التشاور، لكن بعد التزام فريق بري بسحب ترشيح سليمان فرنجية، وتحديد جلسة بدورات متعددة، فرفض بري المطلبين، وبذلك انكشف ما لم يكن مستوراً، وهو أنّ الممانعة تريد أن تأتي برئيسها، ولا تريد من الحوار بحسب مناورة رئيس المجلس، إلا عملية تجميل تؤدي إلى إخضاع الجميع، و”إقناعهم” بانتخاب فرنجية.
هو الإقناع الذي لا يستقيم إلا بالتعطيل المستمر، الذي لم يعد يزعج المعارضة بشيء، طالما أنّ الثمن المقابل للخضوع الإتيان برئيس لستّ سنوات، يكرس السيطرة على القرار اللبناني من قبل الحزب وفريقه.
لا توجد أيّ أسباب تدعو حزب الله إلى الإسراع بانتخاب الرئيس. يمكن إيجاز هذا الانتظار بمجموعة من العوامل:
أولاً: يرتاح حزب الله في فترة الفراغ الرئاسي، إلى وجود مفاوض يتكلم باسم الشرعية، وهو الرئيس نبيه بري، الذي يختصر بشخصه رئاستي الجمهورية والحكومة على السواء. يلعب رئيس المجلس دور رئيس السلطة، والممثل الشرعي للبنان، وعلى هذا الأساس، يستقبل موفد الرئيس الأميركي، ويلعب دور الوسيط والواجهة المناسبة للحزب، وبالتالي لا حاجة للحزب كي يتسرع بانتخاب رئيس، إلا إذا كان ولاؤه غير مشكوك فيه، كرئيس المردة، الذي ازدادت حاجة الحزب لانتخابه رئيساً، لا سيما في ظل المهمات التي تنتظره، في مرحلة انتظار التسوية أو الحرب.
ثانياً: ينتظر حزب الله نتائج الحرب على غزة، ويراهن على انتصار خياره في حرب المساندة، وهو مستعد لتحمل المزيد من الخسائر، كي يخرج في النهاية في موقع قوة على طاولة المفاوضات، التي ستحدد موقعه ودوره ومكاسبه الرئاسية وغير الرئاسية، وهذا الرهان مبني على حتمية الجلوس على طاولة المفاوضات، لترتيب تسوية يكون من ضمنها انتخاب رئيس موالٍ له. الانتظار هنا هو أحد أسلحة حزب الله، الذي يستعمل الصبر الاستراتيجي في الملف الرئاسي.
ثالثاً: يعتبر الحزب أنه وبفتحه حرب المساندة من الجنوب، استطاع أن يحيد جزءاً من خصومه التقليدييين خصوصاً في البيئة السنية، وأن يحاصر الفريق المعارض، ويضعه في موقع التهميش، فهو يفاوض الأميركيين عبر بري، أما المعارضة فتكتفي بالاعتراض والعرقلة، ولا تجد لها مكاناً على الطاولة، وهذا الواقع سينسحب في مرحلة ما بعد الحرب على شكل تسوية كبرى، تجرف كل اعتراض، وتكرس موازين قوى جديدة، أسفرت عنها حرب غزة وتداعياتها اللبنانية.
تبعاً لكل هذه العوامل، يصبح انتخاب الرئيس بعيد المنال، في سلم الأولويات، وفق معادلة أن لا صوت الآن يعلو على صوت المعركة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة | ترامب اللبناني |