فيديو الهدهد: ما هو هدف حزب الله؟
ترجمة “هنا لبنان”
كتبت Natasha Metni Torbey لـ”Ici Beyrouth“:
علامات استفهام عديدة يطرحها فيديو المسيرة الإيرانية (المطورة من قبل جامعة الشهيد ستاري لعلوم وتكنولوجيا الطيران)، الذي نشره حزب الله الثلاثاء والذي يظهر عدة مناطق إسرائيلية، حول العملية نفسها وحول الرسائل التي يراد إيصالها.
فكيف يمكن مثلاً لمسيرة التقاط صور عالية الدقة لمواقع “حساسة” على ارتفاع نسبي منخفض؟ هل جمعت هذه اللقطات من مسيرة واحدة فقط؟ وما هي الرسالة التي يريد حزب الله إيصالها؟ وكيف سترد إسرائيل؟
المسيرة تحمل اسم الهدهد 3، وهو اسم الطائر الذي بات في العام 2008 شعاراً لإسرائيل. واستخدم حزب الله المسيرة حسب ما أعلن لنقل “لقطات هامة للغاية”، و”للنظر والتحليل”، مشيراً قبل عدة ساعات قبل نشر الفيديو، إلى أنّ أهدافها ثلاثية الأبعاد.
ووفقاً للعميد المتقاعد خليل الحلو، الهدف الأول هو “تهديد تل أبيب، ورفع معنويات أنصار ومقاتلي حزب الله وتوجيه رسالة واضحة إلى المبعوث الأميركي، آموس هوكشتاين”.
وكان هوكشتاين قد حمل للسياسيين اللبنانيين تهديدات الحرب الإسرائيلية، خلال زيارة قصيرة إلى بيروت مطلع الأسبوع.
الهدهد 3
يبلغ طول الهدهد 3 حوالي 3.3 متر، بجناحين يمتدان حوالي خمسة أمتار وبوزن 90 كيلوغراماً. ويندرج ضمن فئة المسيرات ذات العجلات، التي تستلزم وجود مدرج بطول 150 مترًا للإقلاع والهبوط. وتتراوح سرعة المسيرة بين 70 و120 كيلومتراً في الساعة، ويقدر مداها بـ 100 كيلومتر، مما يعني أنه بمجرد قطع هذه المسافة، قد تواجه خطر السقوط إن لم تهبط “في الوقت المحدد”.
ولا بد وأنّ الهدهد، الذي انطلق من لبنان، اضطر حسب الحلو للإقلاع، “من جنوب صور وشمال الناقورة، وحلق فوق البحر على ارتفاع منخفض للغاية قبل الوصول إلى حيفا، على بعد 30 كيلومتراً من لبنان تقريباً”. لذلك يمكن القيام بعملية حسابية بسيطة، حسب ما يكمل الحلو: “مع احتساب 30 كيلومترًا لرحلة الذهاب و30 كيلومترًا للعودة، نكون على بعد 60 كيلومترًا، ومع إضافة 40 كيلومترًا من التحليق فوق المناطق المعنية يصبح المجموع 100 كيلومتر”. وهذا الرقم يدل، كما هو محدد أعلاه، على نطاق عمل المسيرة.
وبفضل قدرتها على الطيران الخفي والصامت (أي عدم إصدار أي ضوضاء أو ترك أثر حراري)، يستحيل اكتشاف أو اعتراض هذه المسيرة بواسطة رادار مثبت بالأرض. وحدها الآلة (أي الطائرة بشكل عام) الموجودة على ارتفاع أعلى من منطقة طيرانها كفيلة باكتشاف وجودها.
بنك للأهداف العسكرية والمدنية
المناطق (العسكرية والمدنية والاستراتيجية) التي تظهر في فيديو حزب الله عديدة وتضم كريات شمونة ونهاريا وصفد وكرميئيل والعفولة وحيفا ومرفأها، مع السفن الحربية الإسرائيلية. “الأمر الأكثر إثارة للدهشة،” كما يشرح جان سيباستيان غييوم، مؤسس شركة Celtic Intelligence، “هو التحليق فوق المجمع الصناعي العسكري التابع لمنظومة رافائيل لأنظمة الدفاع المتقدمة، والذي يضم العديد من المصانع والمستودعات وحقول الاختبار حيث يتم تصنيع وتجميع أنظمة الدفاع الجوي (الإسرائيلية)، مثل القبة الحديدية ومقلاع داود.
كما بإمكاننا، على حد قوله، رؤية منصات القبة الحديدية ومقلاع داود، وجزء من نفق الاختبار وتخزين محركات الصواريخ وصواريخ الدفاع الجوي ومنشآت تصنيع مكونات الصواريخ ومصانع أنظمة التحكم والتوجيه ومباني إدارة الشركة ورادارات اختبار الصواريخ.
ويظهر الفيديو أيضًا، وفقًا لغييوم، لقطات مفصلة عن الكريوت، وهي كتلة تجمعات سكانية تقع شمال حيفا، وتضم ست بلدات يصل عدد سكانها إلى 260 ألف إسرائيلي. “ونشر حزب الله تصويراً عالي الوضوح لهذه المنطقة الحضرية، مع جولة في الوقت الحقيقي في مختلف المناطق والأحياء، بما في ذلك المساكن الرسمية الإسرائيلية والمجمعات التجارية”، حسب ما أضاف.
صور مركّبة؟
لكن الصور التي تضمنها الفيديو ليست بجديدة. وهذا ما يتفق عليه على الأقل كل من الحلو وغييوم. ووفقاً لهما، “يمكن تجميع اللقطات بسهولة باستخدام صور الأقمار الصناعية”. ومع ذلك، يمكن للهدهد حقيقة التقاط الصور حيث أنّ المسيرة مزودة بكاميرات عالية الدقة تلتقط صوراً عالية الدقة وتصل إلى 16 ميغابكسل.
ومع ذلك، فمن المحتمل جدًا أنّ الفيديو يتضمن “مجموعة من الصور المجمعة من عدة رحلات وليس من رحلة جوية واحدة، نفذت على مدار عدة أشهر، ولكن أيضًا من المخابرات الإيرانية، وحتى الفلسطينية، ومن الأقمار الصناعية الإيرانية”، حسبما أفاد الحلو وغييوم.
وفي هذا الصدد، الجدير بالذكر أنّ إيران تمتلك عدة أقمار صناعية مخصصة للمراقبة فوق منطقة الشرق الأوسط: نور-1 الذي أطلق في أبريل 2020، ونور-2 الذي وضع في المدار في مارس 2022، ونور-3 الذي وضع في مدار على ارتفاع 450 كيلومترًا فوق الأرض في سبتمبر 2023.
كما تم إطلاق ثلاثة أقمار صناعية أخرى فوق المنطقة عام 2024، مما يوفر صورًا ذات جودة مماثلة لتلك التي بثها حزب الله الثلاثاء.
رسالة حزب الله ورد الفعل الإسرائيلي
من الجانب الإسرائيلي، قد تجد إسرائيل في مثل هذه اللقطات فوق المناطق العسكرية والبنى التحتية الحساسة انتهاكاً للسيادة والأمن القومي وبالتالي، يمكن توقع المزيد من اليقظة والعدوانية، لتجنب أي ضربة ضد حيفا. “وبغض النظر عن إمكانية الوصول للقطات بطريقة أو بأخرى، كما يضيف غييوم، ينظر إلى كشف حزب الله عنها كاستفزاز وقد تستخدم الحكومة الإسرائيلية ما حدث لدعم البروباغندا الخاصة بها في اليوم الذي تصادق فيه على قرار الهجوم على لبنان”.
ومع ذلك، من وجهة نظر عسكرية، كما يضيف الحلو، “عادة لا يتم الكشف عن مثل هذه المعلومات تجنباً للإعلان عن الأهداف المقبلة”.
وتخفي قضية المسيرات، حسب غييوم، قضايا أعمق: “بعيداً عن الاتهامات والاتهامات المضادة، يبدو أن الهدف الحقيقي لحزب الله هو الحفاظ على وجوده وتوسيعه جنوب الليطاني. ومن خلال بث هذه اللقطات (القضية لا تتعلق حصراً بالأقمار الصناعية أو بالمسيرات بما أن حزب الله قام بمناورات مشابهة في الماضي)، يسعى الحزب الموالي لإيران للمزايدة ولتبرير رفضه الانسحاب إلى شمال الليطاني”.
ومن جانبها، قد تستغل إسرائيل ما حدث بشكل كامل لحشد الرأي العام ضد حزب الله وإضفاء الشرعية على استمرار العمليات العسكرية.
وختاماً وقبل كل شيء، يبدو أنّ الطرفين منخرطان في لعبة السلطة.. وفي هذه اللعبة، لا شيء مهم بقدر الحفاظ على الموقع في ما يتعلق بالسياسة الداخلية.
مواضيع ذات صلة :
فيديو جديد لـ”الهدهد”… هذا ما عاد به |