القبة الحرارية.. ما هي؟ وما هو تأثيرها؟
مع اشتعال درجات الحرارة في أكثر من منطقة عبر العالم، ولا سيما في أميركا الشمالية، يشدد خبراء الأرصاد الجوية على أن موجات الحر راجعة للقباب الحرارية.
وحذرت السلطات الأميركية، الثلاثاء، من أن موجة حر بدأت تضرب شمال شرق الولايات المتحدة لافتة إلى أن درجات الحرارة قد تسجل أرقاما غير مسبوقة في الأيام المقبلة، في حين تجتاح حرائق غرب البلاد.
وقالت هيئة الأرصاد الجوية الأميركية: “ستحل: موجة حر وتستمر فوق منطقة البحيرات الكبرى ووادي أوهايو وفي الشمال الشرقي في الأيام المقبلة”، واعتبارا من يومي الأربعاء والخميس “من الممكن تسجيل العديد من الأرقام القياسية”.
ونبّهت الهيئة ذاتها من أن المدة “الملحوظة بشكل خاص” والسماء الصافية ودرجات الحرارة المرتفعة المتوقعة أثناء الليل، بحد أدنى حوالي 23 درجة مئوية، تجعل هذه الحلقة المناخية أكثر خطورة بكثير من الـ 35 درجة مئوية المتوقعة.
وأرجع تقرير لصحيفة “وول ستريت جورنال” هذا الارتفاع لتواجد “القباب الحرارية التي تسبب درجات حرارة قياسية في أجزاء من الشمال الشرقي، في وقت أبكر من المعتاد، وتقع في أقصى الشمال الأميركي، وهي الأقوى منذ عدة عقود، وفقا لخبراء الطقس”.
ما هي القبة الحرارية؟
“القبة الحرارية” ليست مصطلحا علميا قياسيا، ولكنها تصف بشكل فعال أنظمة الضغط الجوي المرتفعة التي تتسبب في دفع الهواء الدافئ إلى السطح والاحتفاظ به هناك لفترات طويلة من الزمن.
يقول موقع “كليمت تشيك” إن القبة الحرارية تحبس الهواء عالي الضغط في مكان واحد، مثل غطاء القدر خلال الطهي.
وتؤدي هذه المناطق الكبيرة من الهواء الساخن إلى مزيج من درجات الحرارة الشديدة وحرائق الغابات المدمرة وظروف الجفاف.
اعتمادا على ما سبق، يمكن اعتبار القبة الحرارية منطقة ذات ضغط مرتفع تحبس الهواء الساخن تحتها، ويعمل هذا النظام على تحويل اتجاه الرياح التي قد تؤدي إلى انخفاض درجة الحرارة.
ويمكن أن تظل القباب الحرارية ثابتة لعدة أيام حتى تتغير الظروف ويتحرك نظام الضغط العالي.
وكالة أسوشيتد برس نقلت عن كين كونكل، أستاذ أبحاث علوم الغلاف الجوي في جامعة ولاية نورث كارولينا، قوله: “عندما يتطور نظام الضغط العالي في الغلاف الجوي العلوي، فإنه يتسبب في هبوط الهواء المتواجد تحته وضغطه، مما يؤدي إلى ارتفاع درجات الحرارة في الغلاف الجوي السفلي”، مضيفا “ولأن الهواء الساخن يتمدد، فإنه يشكل قبة منتفخة”.
ما الذي يسبب القباب الحرارية؟
بالعادة يتحرك الضغط الجوي الطبيعي من الغرب إلى الشرق، لكن أحيانا، تتعطل حركته عندما يضعف التيار الدافع، وعندما يزداد ضعفا، يتوقف بالكامل، وهو ما يمكن أن ينتج منطقة مستمرة من الضغط الجوي العالي في مكان واحد، فينزل الهواء نحو السطح ويتم ضغطه نحو الأرض، مكونا قبة حرارية.
يزدحم الهواء داخل حجم أصغر، ثم ترتفع درجة حرارته، حيث تمنع طبقة الضغط العالي الهواء الساخن من الارتفاع وتمنع تشكل السحب، مما يسمح لمزيد من إشعاع الشمس بضرب الأرض.
ويصبح الهواء الساخن المحصور أسفل نظام الضغط العالي أكثر دفئا بشكل متزايد لأنه غير قادر على الهروب خارج القبة.
وعندما تسخن الأرض (الواقعة أسفل القباب الحرارية)، يمكن أن تجف وتصبح أكثر عرضة لدرجات الحرارة المرتفعة.
وإلى أن يتم التخلص من نظام الضغط العالي، يستمر الهواء الساخن المحبوس في تفاقم الظروف الساخنة على الأرض.
ويمكن أن تستمر القباب الحرارية من عدة أيام إلى أسابيع بسبب دورة ارتفاع درجات الحرارة.
أبرز الأمثلة
حدثت القباب الحرارية في جميع أنحاء أميركا وفي معظم أنحاء العالم تقريبا.
في عام 1995، ضربت موجة من الحرارة الغرب الأوسط وأودت بحياة ما يقرب من 600 شخص في منطقة شيكاغو.
وكانت موجة الحر في أميركا الشمالية عام 1936 وموجة الحر الأوروبية عام 2003 من الأمثلة المدمرة الأخرى لظاهرة “القبة الحرارية”.
يمكن أن تكون القباب الحرارية مثيرة للقلق بشكل خاص في مناطق مثل شمال غرب المحيط الهادئ، التي ضربتها موجة الحر في غرب أميركا الشمالية عام 2021، حيث لم يعتد السكان على درجات الحرارة المرتفعة، كما أن دول تلك المنطقة لا تملك البنية التحتية لحماية السكان من الحرارة.
تأثيرها الحالي
حاليا، تؤثر القبة الحرارية على مساحة واسعة من النصف الشرقي من الولايات المتحدة على وجه الخصوص، بدءا من ولايات السهول الكبرى تقريبا (ولايات نيو مكسيكو وتكساس وأوكلاهوما وكولورادو وكانساس ونبراسكا ووايومنغ ومونتانا وساوث داكوتا ونورث داكوتا والمقاطعات الكندية ألبرتا وساسكاتشوان ومانيتوبا) وحتى ولاية ماين.
وقال تيد ويتوك، خبير الأرصاد الجوية في هيئة الأرصاد الجوية الأميركية في حديث لأسوشيتد برس، إنه من المتوقع حدوث تحذير آخر من الحرارة المفرطة، الناجمة عن قبة الحرارة، في منطقة فينيكس يومي الخميس والجمعة، حيث يمكن أن تصل الارتفاعات إلى 45.5 درجة مئوية 47 درجة مئوية على التوالي.
وفي الوقت ذاته، فإن الارتفاع المتوقع الثلاثاء والذي يبلغ 40.5 درجة مئوية أمر طبيعي في هذا الوقت من العام.
وقال إن مكتبه أصدر تحذيرين من الحرارة المفرطة في الأسابيع القليلة الماضية بسبب ارتفاع الضغط المرتفع عن المعتاد مما أدى إلى ظهور قباب حرارية.