صخب نتنياهو ونصرالله يزيد في بعدهم عن الحرب
فتح ثلاث جبهات في الوقت عينه ليس بالأمر السهل على إسرائيل، فحرب غزة ورفح كافية لكي يستمر نتنياهو بالقول أنه يحمي أمن إسرائيل وللاستمرار بمناخ الحرب لضمان بقائه في السلطة وتحاشي انفراط عقد الحكومة التي تتعرض لضغط قوي من المنافسين والمعارضة للذهاب إلى انتخابات بات شبه محسوم أنها لن تعيده على رأس الحكومة
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
يكثر الكلام والضجيج عن حرب قادمة على الجبهة الشمالية أي على الحدود بين لبنان وإسرائيل، ويسيطر الرعب على الأهالي في جنوب لبنان الذي نزح منه ما لا يقل عن ١٠٠ ألف لبناني ودمرت قرى بكاملها، مقابل نزوح العدد نفسه تقريباً من الإسرائيليين من المستوطنات والذين تصر إسرائيل على عودتهم، ناهيك عن الأسرى من الإسرائيليين والفلسطينيين. وكان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قد حدد منذ بداية المواجهة مع “حماس” في 7 تشرين الأول الماضي هدفه بالقضاء على النظيم الإسلامي، وهو ما لم يحصل. ولكن ما يحصل هو عدا عن المجزرة التي ذهب ضحيتها أكثر من 36 ألف فلسطيني، قيام نتنياهو باصطياد عناصر وكوادر وقادة من “حزب الله” الذي قرر أن يساند “حماس” من جنوب لبنان عبر “مشاغلة” إسرائيل. وهكذا تحول جنوب لبنان إلى جبهة نار مستمرة تطلق منها الصواريخ ثم المسيرات وترد إسرائيل ليس فقط بالقصف والغارات الجوية المركزة على عدد من المواقع والقرى التي تعتبر أنها تحوي على مراكز ومرابض لـ “حزب الله” مخبأة بين المنازل، كما يستهدف الجيش الإسرائيلي كل ما يتحرك على الأرض من مركبات وسيارات وحتى دراجات نارية تقل مسؤولين ميدانيين من “حزب الله”. وهذا دفع أمين عام الحزب حسن نصرالله إلى الإعلان بكل صراحة عن استعداد حزبه للاستمرار في القتال والتأكيد أنه جاهز لخوض حرب إذا اضطر الأمر براً وبحراً وجواً، واستعمال كافة الأسلحة لديه، كما أنه لا يستثني في هذه الحرب أي هدف سواء الجليل أو حيفا أو أي منطقة أخرى.
ثم أطلق نصرالله في آخر خطاب له تهديداً لقبرص معتبراً أنها تستعد لفتح مرافئها ومطاراتها أمام الجيش الإسرائيلي. غير أن قبرص نفت أي نية لديها، ولم يتأكد الخبر من أي طرف آخر. عندها انتشرت حملة من المعلومات والتسريبات تؤكد أن السفارات الأوروبية بدات تغلق أبوابها وتغادر بيروت، تترافق مع معلومات عن وصول أسلحة من إيران إلى “حزب الله” على مطار بيروت، كما أكدت صحيفة تلغراف ويقوم الحزب بتخزينها وأنّ الاتحاد الدولي على علم بذلك. لكن تبين أنّ هذه المعلومات غير دقيقة، فيما انبرى وزير الأشغال علي حمية لتكذيب الخبر. ولم يتم إغلاق أي سفارة، وإنما من أجل خلق أجواء من الخوف تشي بأنّ الحرب فعلًا واقعة. وها هي الصحيفة البريطانية الأخرى صنداي تايمز تحذر من أن خطر اندلاع حرب شاملة يتزايد كل يوم. كما أنّ نصرالله يشارك في التعبئة النفسية وتهيئة الرأي العام عندما يطرح أنّ عدداً من القوى والميليشيات الإيرانية الهوى من مختلف الدول العربية قد أكدت له استعدادها للمشاركة في القتال، عملًا بنظرية “توحيد الساحات”، إلى جانب “حزب الله” في لبنان. وقد بات واضحاً أن الهدف من هذه الحملة هو إقناع من يتهم “حزب الله” بأنه داخلياً يربط انتخابات الرئاسة اللبنانية بمعركة غزة، أنّ إسرائيل هي من يصعد ويهيئ للحرب، رغم أنه نشر صور فيديو لمواقع استراتيجية داخل إسرائيل، ولأن لا علاقة للرئاسة في الأمر التي يوكد أنها متعثرة منذ ما قبل انفجار حرب غزة.
بالمقابل، رغم إصرار نتنياهو على الاستمرار في الحرب في غزة وتحديداً في رفح، إلا أنّه بدأ يحاذر بالنسبة للبنان واضعاً على الرف الخطة التي قدمها الجيش بخصوص الجنوب. وسعى أمس بشكل واضح إلى ترقيع الإشكال مع واشنطن حول مسألة السلاح الذي كان اتهم بايدن أنه يتقاعس في تسليمه لإسرائيل، معلناً أن معالجة القرار قريبة علماً أن الولايات المتحدة تمارس ضغطًا قويًا على إسرائيل من أجل وقف اطلاق النار، وبالأخص عدم فتح جبهة الجنوب. إذ أنّ فتح ثلاث جبهات في الوقت عينه ليس بالأمر السهل على إسرائيل، وأنّ حرب غزة ورفح كافية لكي يستمر نتنياهو في القول أنه يحمي أمن إسرائيل، كما أنّ الاستمرار في مناخ الحرب يساعده على ضمان بقائه في السلطة وتحاشي انفراط عقد الحكومة التي تتعرض لضغط قوي من المنافسين والمعارضة للذهاب إلى انتخابات شبه محسوم أنها لن تعيده على راس الحكومة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
“الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع | القرار 1701 وألاعيب الطبقة السياسية |