قبرص: “برافو” نصرالله!

ترجمة هنا لبنان 27 حزيران, 2024

كتب يوسف معوض لـ”Ici Beyrouth”:

جلّ من لا يخطئ ولكن هيهات! كان لا بد من رؤية السلطات القبرصية مرتعدة وهي تسعى لتبرئة نفسها بنظر حزب الله! وكان لا بد من رؤية السباق لإثبات أننا لا نخطئ واستعادة رصيدنا لدى العملاق الأكبر، سواء كان سورياً أو إيرانياً أو حتى مجرد وكيل.
في 19 حزيران، هدد حسن نصر الله بضرب قبرص، تلك الجزيرة الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط والتي يقسمها خط أتيلا إلى قسمين. وذلك على خلفية اشتباهه حسب ما قال بقدرتها على تأمين “قاعدة خلفية للجيش الإسرائيلي”، في حال إعلان حرب ما مع لبنان. عندها، حسب نصر الله، لا بد على نيقوسيا أن تعتبر نفسها في حالة حرب مع لبنان.

يكذبون ثم يصدقون كذبتهم!

كل شيء بدأ مع انتشار الأخبار.. فمن ناحية، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي وأكد الخطط العملياتية لهجوم يستهدف لبنان، ومن ناحية أخرى، أعلن وزير الخارجية يسرائيل كاتس أن حكومته على وشك اتخاذ قرار من شأنه أن “يغير قواعد الاشتباك” في حربه ضد حزب الله. الغضب كان عارماً في صفوف الميليشيا الشيعية. ولن يطول الوقت قبل أن يأتي رد نصر الله: خطاب ناري كما هو متوقع، يهاجم فيه جزيرة أفروديت التي تعتقد أنها بمأمن من اضطراباتنا المتكررة. الليدر ماكسيمو أعلن اعتبار لبنان في حالة حرب مع قبرص إذا فتحت الجزيرة مطاراتها وقواعدها (العسكرية) أمام إسرائيل لاستهداف البلاد.

الأمور جدية وخطيرة

شعر الرئيس نيكوس خريستودوليدس بأنه مضطر لنشر النفي فبلاده لن تدعم طرفًا متحاربًا دون الآخر في هذا النزاع الذي لا ينتهي والذي يسمم العلاقات الإقليمية. ولم يفشل في التأكيد على أن قبرص ليست طرفاً في الصراع، لكن ستسعدها المشاركة في البحث عن حل. وبعث وفداً قبرصياً على عجل ليؤكد على معارضة قبرص بشدة استخدام طرف ثالث أراضيها لمهاجمة دولة أخرى. هذا مع التشديد مراراً على أنّ القاعدة العسكرية التي انطلقت منها المناورات المشتركة مع إسرائيل كانت تحت السلطة البريطانية.

ولكن فلنفكر منطقياً! أي مصلحة في هذا السياق لدولة تعيش على السياحة؟ أين موطن الفائدة حين لا يتطلب الأمر أكثر من إطلاق طائرة واحدة من الساحل اللبناني لقطع مصدر أساسي للدخل القومي لقبرص؟

لكن ماذا لو بلغنا حافة الجنون واندلعت حرب شاملة وضرب حزب الله هدفاً مثل بافوس، فإنّ جمهورية قبرص لن تتمكن من الاعتماد على حلف شمال الأطلسي للدفاع عن نفسها. على الأقل من الناحية النظرية! وأكد ينس ستولتنبرغ، الأمين العام لحلف الناتو، ذلك في مقابلة مع شبكة CNN بقوله إن قبرص ليست حليفاً. لا ينبغي لنا أن نتكهن، لكنني أعتقد أنه من المهم منع حدوث ذلك. إلا أن هذه الجزيرة، المحاطة بالرغبة على مر التاريخ، لا تخلو من مظلة دفاع جماعي. وهي جزء من الاتحاد الأوروبي الذي ينص على “سياسة أمنية ودفاعية مشتركة”. وتسمح لها هذه السياسة “بنشر مهام وعمليات مدنية وعسكرية”، وفقًا لمعاهدة لشبونة 2009. وعلى أساس النص، تدخل جوزيب بوريل، الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، للدعوة إلى وقف التصعيد، واجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي على هذا الأساس لتقديم الدعم لقبرص في مواجهة المخاطر الوشيكة.

الجرأة والضعف

منذ سقوط جدار برلين، ركنت أوروبا إلى منطقة الراحة الخاصة بها وسمحت لنفسها ليس فقط بالتخلي عن الصناعة، بل أيضًا بنزع السلاح. لقد غضت الطرف عن ضم شبه جزيرة القرم، معتقدة أن ذلك سيرضي شهية قيصر روسيا. لكن بوتين لم ير الأمر على هذا النحو، ولم يختبر الأوروبيون الواقع المرير إلا خلال غزوته الأخيرة لأوكرانيا. بعد أن استيقظ هؤلاء من سباتهم، عملوا ولكن في حالة لا توصف من الفوضى، على احتواء الدب الروسي على ضفاف نهر الدنيبر. والآن خطر يلوح على حدودهم الجنوبية، أي في شرق البحر الأبيض المتوسط. الاتحاد الأوروبي، الذي سعى إلى البقاء خارج الصراع الذي أشعل فتيله في 7 أكتوبر 2023، سيجد نفسه منجذباً إلى دوامة جديدة من العنف غير المتوقع. كان هذا أمرًا بديهيًا، حيث فرضت معاهدة لشبونة التضامن على الدول الأعضاء في ما يتعلق بالدفاع العسكري.

“برافو”.. أحسنت يا نصرالله، ها هي الجرأة تؤتي ثمارها! هل ستجر أوروبا إلى الجحيم أم ستكتفي ببعض الخنوع الدبلوماسي؟ أم ربما ستطالب ببعض التنازلات الإضافية في طريق الاستيلاء على السلطة في لبنان؟

آثار عالقة للصراع

ميليشياتك الشيعية تضع قبضتها على أوروبا بقوة من خلال استهداف إحدى الدول الأوروبية السبع والعشرين، وهي في الواقع دولة منزوعة السلاح إلى حد كبير. “ضربة معلم” ربما مع بعض “الإفراط” في مواجهة الغرب الضعيف الذي يمارس المراوغة بدلاً من المواجهة.

ومن خلال تهديد قبرص، تمعنوا في النظر.. حزب الله يجبر أوروبا على أن تجثو على ركبتيها!

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us