ميقاتي ودبلوماسية حفر الجبل بإبرة


خاص 3 تموز, 2024

ساكن السراي ملمٌّ بتفاصيل المسعى الدولي لمنع الحرب عن لبنان. قلبه يتحرك بموازاة عقله. رجل أعمال يؤمن بأنّ الانخراط في السيستم العربي والدولي، هو قدر لبنان ومستقبله، وواقعيته في مكتبه في السراي، تحتّم عليه تدوير الزوايا مع مشروع، لا يدرك معنى أن تكون جزءاً من هذا العالم

كتب أسعد بشارة لـ”هنا لبنان”:

مع الرئيس نجيب ميقاتي تحضر معادلة تدوير الزوايا من بابها العريض. كل فلسفة رئاسته لمجلس الوزراء، تمر من هذا الباب، ومع تتابع الأحداث، تثبت له الأيام، أنّ الصبر الاستراتيجي يتفوق على كل ردات الفعل الانفعالية.
يستقبلنا الرئيس ميقاتي كجمعية “إعلاميون من أجل الحرية”، بابتسامة وبمكاشفة على قدر ما تسمح له المكاشفة من البوح. لا يوحي بأنه خشبي المظهر، فالودّ والابتسامة تتفوق على الكلام الدبلوماسي.
لم يتردد الرئيس ميقاتي بالتنديد بالاعتداء على الزميل رامي نعيم، لكنه لم يجعل من الاعتداء، مادة للصدام. هذا هو نجيب ميقاتي. مهندس توازنات فائقة الدقة، والقادر على اجتراح تسويات لفظية، والبارع في تدوير الزوايا، وهذا أحد أسرار بقائه في السراي، الذي يتوقع أن يكون مستداماً.
الحريات بالنسبة له مقدسة. هكذا تعهد، ولكن الواقع على الأرض يشي بالعكس. لا يمدّ نجيب ميقاتي رجله بأبعد ما يسمح له البساط، لكنه يخاطر أحياناً بما ينقله إلى مرتبة الخطر. بعد لقائه الرئيس الفرنسي ماكرون، عاد بمعادلة التجرؤ على فصل ملف غزة عن ملف لبنان، لكنه لم يتابع، لأن قوة قاهرة أملت العودة عن ما هو محظور.
ساكن السراي ملمٌّ بتفاصيل المسعى الدولي لمنع الحرب عن لبنان. قلبه يتحرك بموازاة عقله. رجل أعمال يؤمن بأنّ الانخراط في السيستم العربي والدولي، هو قدر لبنان ومستقبله، وواقعيته في مكتبه في السراي، تحتم عليه تدوير الزوايا مع مشروع، لا يدرك معنى أن تكون جزءاً من هذا العالم.
العجيب في أجندة نجيب، أنه قادر على أن يقوم بتسوية بين نموذج القرون الوسطى، وبين ما يمثله هو كرجل حداثي، من تطلع إلى ما لا قدرة للقرون الوسطى على منع حصوله: الحداثة في التقدم والاقتصاد والعولمة والذكاء الاصطناعي والنمو الاقتصادي والانفتاح، والأهم: الإسلام المتناغم مع العصر.
يروي الرئيس ميقاتي بعضاً مما عايشه منذ كابوس السابع من أوكتوبر. يقول: كنا في أجواء شن الحرب على لبنان. في أواخر تشرين اتصل بي الرئيس ماكرون وأبلغني أنّ الهجوم الإسرائيلي سيبدأ في اليوم التالي. أضاف: في كانون الثاني: جاءني صباحاً تقرير من إحدى الدول العربية الرئيسية المطلعة على الوضع، تقول بأنّ إسرائيل ستهاجم لبنان. في الليلتين لم أنم وأجريت كل الاتصالات لاحتواء أي نتائج سلبية على لبنان لكن ذلك لم يحصل إلى الآن.
يقول الرئيس ميقاتي: ننتظر إمكان حصول تجميد للعمليات الأمنية في غزة. هذه ستكون فرصة للبحث في وقف إطلاق النار في الجنوب والبدء بمعادلة أساسها العودة إلى ما قبل السابع من أكتوبر، إلى السادس من أكتوبر.
مطلبنا تنفيذ القرار 1701، وتعزيز حضور الجيش في الجنوب، ومنع المظاهر المسلحة. نأمل أن نجنّب لبنان خطر الحرب.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us