“المعارضة” تكشف ورقتها.. وجعجع يحسمها: لا أعراف جديدة!
بعدما تمادت قوى الأمر الواقع في ضرب الدستور، وخلق البدع التي تفرّغ المؤسسات من شرعيتها، وبعدما أصبح الفراغ الرئاسي محتّماً في ظلّ إجهاض المبادرات وتمسك فريق الممانعة بمرشح واحد، والدعوة للحوار والتشاور حول هذا المرشح في تلاعب على الديمقراطية، قررت قوى المعارضة مجتمعة مواجهة هذا الواقع ووضع حدّ لهذا التمادي في ضرب منطق المؤسسات والإمعان في تحويل مجلس النواب من صوت للشعب لصوت لفريق معين.
وانطلاقاً مما سبق، عملت قوى المعارضة على ورقة عمل، تمّ وضعها أولاً برسم اللبنانيين والنواب، على ان تقدّم لاحقاً إلى اللجنة الخماسية، كي تكون خارطة طريق لانتخاب رئيس يخرج البلد من محنته ويعيد للمؤسسات شرعيتها.
وللإضاءة على هذه الورقة، عقد النواب مؤتمراً في قاعة مجلس النواب، تحدث به النائب غسان حاصباني عن مضمونها، وبعد المؤتمر صدر بيان وجاء به:
تأكيدا على موقف نواب قوى المعارضة من مقاربة الاستحقاق الرئاسي، والتي تتضمن خارطة طريق بامكانها تذليل العقبات امام هذا الاستحقاق الدستوري، قد تساهم في اتمامه، وبالتالي اخراج لبنان من حالة الجمود السياسي الذي اصابه نتيجة التعطيل المستمر لمؤسسات الدولة.وفي ظل ما يتهدّد لبنان من مخاطر متزايدة، واستمرار الشغور الرئاسي نتيجة للتعطيل الممنهج للاستحقاق، يؤكد نواب قوى المعارضة حرصهم على انتخاب رئيس للجمهورية يناسب هذه المرحلة من تاريخ لبنان، وفق الآليات الدستورية، وبعيدًا عن تكريس أية أعراف جديدة من خارج الدستور، تنسف الوفاق الوطني الذي تم في الطائف، ووتنسف مبدأ فصل السلطات، رئيسًا قادرًا على تمثيل لبنان ومصالحه العليا في المحافل والمفاوضات الدولية، رئيسا يصون الدستور والسيادة الوطنية، ويعمل على تطبيق القرارات الدولية ويجسد إرادة غالبية اللبنانيين، لا يفرض بالقوة خلافًا لإرادتها.
ان نواب قوى المعارضة، لم يتخلفوا يوما عن اي من جلسات الانتخاب السابقة، حضورا وتصويتا، وانتقلوا، في سعيهم الى ايجاد مخرج للازمة الرئاسية المفتعلة، من مرشحهم الرئيسي الى مرشح وسطي، وابدوا انفتاحهم على المبادرات التي دعت الى التشاور بضمان جلسة انتخابية مفتوحة بدورات متتالية، تلاقيا مع سعي اللجنة الخماسية وما عبرت عنه في بياناتها المتعاقبة، منذ البيان الاول لاجتماعها في الدوحة، والذي رسم خارطة طريق لحل الازمة الرئاسية، من خلال حث النواب على الالتزام بمسؤوليتهم الدستورية بانتخاب رئيس للبلاد يجسد النزاهة، ويوحد الأمة، ويضع مصالح لبنان في المقام الأول.
كما يؤكدون على ان المسؤولية والواجب الدستوريين للمجلس النيابي، كممثل للشعب اللبناني تكمن في انتخاب رئيس جمهورية لبنان، وبناءً على ذلك، ومن منطلق حرصهم على اجراء الانتخابات الرئاسية ضمن الإطار الدستوري السليم، ومن دون خلق سوابق واعراف من أي نوع كان، يتقدم نواب قوى المعارضة من اللبنانيين والكتل النيابية كافة برؤيتهم لخارطة طريق لانجاز الاستحقاق الرئاسي مبنية على الاقتراحين العمليين التاليين، كحل عاجل لوقف تعطيله وإنقاذ البلاد من أزمتها الدستورية:
الاقتراح الأول:
يلتقي النواب في المجلس النيابي ويقومون بالتشاور في ما بينهم، دون دعوة رسمية أو مأسسة او إطار محدد حرصاً على احترام القواعد المتعلقة بانتخاب رئيس للجمهورية المنصوص عنها في الدستور اللبناني. على ان لا تتعدى مدة التشاور 48 ساعة، يذهب من بعدها النواب، وبغض النظر عن نتائج المشاورات، الى جلسة انتخاب مفتوحة بدورات متتالية وذلك حتّى انتخاب رئيس للجمهورية كما ينص الدستور، دون اقفال محضر الجلسة، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.
الاقتراح الثاني:
يدعو رئيس مجلس النواب الى جلسة انتخاب رئيس للجمهورية، ويترأسها وفقًا لصلاحياته الدستورية، فإذا لم يتم الانتخاب خلال الدورة الأولى، تبقى الجلسة مفتوحة، ويقوم النواب والكتل بالتشاور خارج القاعة لمدة أقصاها 48 ساعة، على ان يعودوا الى القاعة العامة للاقتراع، في دورات متتالية بمعدل 4 دورات يوميا، دون انقطاع ودون اقفال محضر الجلسة وذلك الى حين انتخاب رئيس للجمهورية، ويلتزم جميع الأفرقاء بحضور الدورات وتأمين النصاب.
إلى ذلك كان لرئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع موقف حاسم، أعلنه في البيان التالي:
يقول البعض إن هناك 86 نائبا على استعداد للمشاركة في طاولة حوار رسمية يرأسها الرئيس نبيه بري. إذا كان هذا الكلام صحيحا فلماذا لا يُقرنون القول بالفعل بجلوسهم قدر ما يشاؤون حول طاولة برئاسة الرئيس بري. ولكن ما يهمنا على مستوى “القوات اللبنانية” والمعارضة هي المرحلة الثانية المتعلِّقة بالدعوة إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس للجمهورية، لأن المرحلة الأولى، بالنسبة إلينا، غير دستورية.
أما في ما يتعلّق بـ”القوات اللبنانية” والمعارضة، فنحن في حوار دائم بين بعضنا البعض، وأنتج هذا الحوار الاتفاق على مرشّح أول ومرشح ثانٍ، كما أننا في حوار مفتوح مع أكثرية الكتل النيابية سعيا لانتخاب رئيس للجمهورية وفقا للنصوص الدستورية، وهذا الحوار يحصل بشكل دائم مع فارق انه بعيد كل البعد عن الطبل والزمر والاستعراضات الخنفشارية.
لن نقبل بأي حال من الأحوال ان نكون في عداد من يشارك في خلق أعراف دستورية من خلال استيلاد طاولة حوار رسمية قبل انتخاب رئيس للجمهورية.
نحن في حالة حوار دائم مع بقية الكتل النيابية، ومن يريد طاولة استعراضية لحوار غير دستوري فليذهب للمشاركة فيها، ولكن يبقى الأهم دعوة الرئيس
بري إلى جلسة مفتوحة بدورات متتالية حتى انتخاب رئيس الجمهورية.
لو تمّ التقيُّد بالدستور منذ البداية لما وصلنا إلى ما وصلنا إليه، وقد انحدرت أوضاع بلدنا وشعبنا بسبب استسهال خرق الدستور والتكيُّف مرة بعد أخرى مع أعراف انقلابية على الدستور، ولم يعد من المقبول ولا المسموح مواصلة هذا المسار الانحداري الذي حوّل الدولة إلى دولة شكلية والدستور إلى وجهة نظر والوطن إلى ساحة.