هل عاد ملف الرئاسة إلى “المربع الأول”؟
لم تحرّك المبادرات الرئاسية المتتالية مياه الاستحقاق الرئاسي الراكدة، وذلك لغياب التوافق المحلي من جهة، وانتظار تسوية إقليمية لم يحن أوانها بعد من جهة أخرى، لاسيما أن أي اتفاق دولي يحتاج إلى موافقة رئيس الجمهورية وتوقيعه عليه.
وحاليًا، تتراوح مبادرة نواب المعارضة الرئاسية بين رأيين، الأول يعتبر أنها “ماتت قبل أن تولد”، والثاني يرى أنها في يمكن أن توضع في مصاف واحد إلى جانب مبادرات سابقة تجاوزت السبع في تقدير البعض، كان مطلقوها يسلكون الطريق عينه في تسويقها، إذ يروجون سلفا لما تنطوي عليه من أفكار، ثم ينطلقون في جولة على الكتل الأخرى لتسليمها نسخا من مبادرتهم تلك، بحسب ما ورد في صحيفة “النهار”.
وفي السياق نفسه، علمت صحيفة “اللواء” من مصادر نيابية أن نواب المعارضة سيواصلون لقاءاتهم مع الكتل النيابية، وهم يرغبون بلقاء مع كل من كتلتي التنمية والتحرير والوفاء للمقاومة، بعد انهاء مراسم عاشوراء بعد الأربعاء في 17 الجاري.
واعتبرت مصادر مطلعة لـ “اللواء” أن هذا الاسبوع من شأنه أن يساهم في تحديد التوجه بالنسبة إلى طرح المعارضة الرئاسي.
ولاحظت أن ما يُنقل عن موقف قوى الممانعة بشأن الاصرار على الحوار ليس جديدا وانه متى يتم اللقاء بين وفد المعارضة والثنائي الشيعي تتضح المعطيات أكثر فأكثر، مع العلم أن هناك من يقول أن ما من داعٍ لتضييع الوقت، وأن ليس هناك من فرصة ضئيلة لتقريب المسافات، ما يعيد ملف الرئاسة مجددا إلى المربع الأول واضطرار الكتل إلى وضع خطة جديدة أو مراجعة المساعي القديمة أو الانتظار مرة أخرى.
من جهة أخرى، أكدت مصادر سياسية مطلعة لـ”البناء” أن الملف الرئاسي جمد أميركياً، فواشنطن جمدت اهتمامها بالملفات الخارجية واتجهت نحو شؤونها وقضاياها الداخلية المتصلة بالانتخابات الرئاسية الأميركية، معتبرة أن عمل الخماسية سيجمّد، مع اشارة المصادر الى ان القوى الداخلية التي تتأثر بمجريات الاحداث في المنطقة وتترقب الانتخابات الرئاسية الاميركية واليوم التالي لحرب غزة تعي جيداً أن الملف الرئاسي مؤجل وان كل ما يجري في سياق المبادرات المحلية ليس الا مبادرات اللزوم ما لا يلزم ولتقطيع الوقت.
مواقف ديبلوماسية وروحية
إلى ذلك، شهدت عطلة نهاية الاسبوع لجملة مواقف ديبلوماسية وروحية من الملف الرئاسي، إذ ذكّر السفير الفرنسي هيرفيه ماغرو في كلمته أمس لمناسبة احياء العيد الوطني الفرنسي في قصر الصنوبر، بالجهود المستمرة التي تبذلها فرنسا من أجل المساهمة في التوصل الى مخرج من الأزمة السياسية الراهنة.
وأكد أنّ “الروابط التاريخية والإنسانية والثقافية التي تجمعنا بكم هي التي تفسر التزامنا بمساعدة بلدكم على إيجاد الحلول بهدف بناء مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً بدءاً بانتخاب رئيس للجمهورية.
وشدد على أنّ “انتخاب رئيس للجمهورية أمر ملح، رئيس قادر على أن يباشر إلى جانب حكومة مكتملة الصلاحيات بالخطوات الضرورية للنهوض بالبلاد، إننا نعي تماماً وجود مكامن قلق ومخاوف وصدمات لا يمكن التغاضي عنها، ولكن توجد أيضاً حسابات خطرة لا يمكن القبول بها. إنني على ثقة بقدرة اللبنانيين على تخطي التحديات وتجنب الأفخاخ “.
بدروه، اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي في عظته من الديمان أن “لو كان المسؤولون السياسيّون عندنا يصغون لإلهامات الروح القدس، ولمعنى وجودهم، ولأهميّة هويّتهم ورسالتهم، لبدّلوا نهجهم وتعاطيهم الشأن الوطنيّ العام، ولسارعوا إلى انتخاب رئيس للجمهوريّة، حفاظًا على حسن سير المجلس النيابي لكي يستعيد دوره كهيئة تشريعيّة، ومجلس الوزراء، لكي يستعيد صلاحياته الدستوريّة كاملة، ولكانوا تحمّلوا مسؤوليّاتهم تجاه شعبنا الفقير والمحروم من أبسط حقوقه الأساسيّة في المأكل والعمل والغذاء وتأسيس عائلة مكتفية، ولقاموا بالاصلاحات اللازمة لكي ينهض الاقتصاد، ويتوقّف نزيف الهجرة”.
من جهته، أعلن متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران الياس عودة أن “دستور البلاد هو القانون الأعلى الذي ينظم عمل السلطات في الدولة، والدليل لكل مسؤول وحاكم ونائب وعامل في خدمة الوطن، إحترامه واجب وتطبيقه إلزامي. وكما تصدى آباء الكنيسة للهرطقات، على مجلس النواب أن يكون السدّ المنيع في وجه كل هرطقة قد يحاول البعض نشرها أو تعميمها. أملنا بأن يحترم الجميع دستور لبنان، وعلى رأسهم نواب الشعب، وأن يطبقوا نصوصه علّ الشعب يستريح من الضغوط النفسية والمعيشية، وينعم بقليل من الاستقرار”.
من جانبه، رأى السفير المصري لدى لبنان علاء موسى، أن التوصل إلى هدنة في غزة “سينعكس على الملف الرئاسي” في إشارة إلى ارتباط ملف الحرب في الجنوب بالعثرات التي تَحول دون إنهاء الشغور في سدة رئاسة الجمهورية في لبنان، رغم المبادرات المتعددة، في الداخل والخارج، والدفع السياسي والديني نحو انتخاب رئيس جديد للبلاد، ويقابله إصرار رئيس البرلمان نبيه بِرّي على حوار يسبق فتح البرلمان لجلسات انتخابات رئاسية.
وقال السفير المصري في تصريح لقناة LBCI، إن “اللجنة الخماسية مستمرة في عملها”، مشيراً إلى أن “حراك المعارضة مهم ويمكن البناء عليه في المستقبل”.
وشدّد على أن “الهدف هو الحفاظ على الزخم في الملف الرئاسي حتى تتوفر الأرضية اللازمة لأحداث خرق فيه”. كما رأى أنه “إذا جرى التوصل إلى هدنة في غزة فسينعكس ذلك على الملف الرئاسي، آملاً في استمرار المفاوضات وعدم تعثرها”.
وأكد أن “الحل يأتي أولاً من الداخل، ومن ثَمَّ من الخارج، واللجنة الخماسية ترى أن التوافق بين الكتل السياسية هو السبيل الوحيد للوصول إلى حلّ في الملف الرئاسي”.
مواضيع ذات صلة :
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | المعارضة وحقل ألغام بري | المعارضة تتقدم بعريضة بشأن التجاوزات والتقصير في ملف الكهرباء |