الحد الأدنى لمصرف لبنان
ترجمة “هنا لبنان”
كتب Nicolas Sbeih لـ”Ici Beyrouth”:
بعد دراسة لحال المصارف، فلنر أين أصبحنا على مستوى السلطة الإشرافية، أي المصرف المركزي. ميزانية عمومية هزيلة إلى حد ما، لكن دعونا لا نستبق الأمور، على الأقل قبل الغوص في إيجابيات وسلبيات الحكم بالإنابة الذي دخل عامه الأول. ولهذه الغاية، يمكن البناء على التقرير السنوي الذي نشره المصرف للتو. ولكن بشكل جزئي فقط، حيث يظهر أنّ وسيم منصوري اختار ما يجب الكشف عنه وما يريد تجاهله في التقرير.
1- استقرار سعر الصرف… لقد استقر سعر الصرف بالفعل قبل 4 أشهر من الحاكمية بالإنابة. وهذا الاستقرار حصل بتحفيز من عاملين: انخفاض المعروض النقدي، وحرمان المضاربين من السيولة بالليرة اللبنانية، وارتفاع عدد الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم بالدولار بالفعل، لذلك ليست هناك حاجة للجوء إلى سوق الصرف الأجنبي. وهكذا ولد التوازن بين الطلب والعرض تلقائياً.
2- بعد انخفاضها بشكل مستمر في السنوات الماضية، تمكن منصوري من زيادة أصول (أو احتياطيات) مصرف لبنان بنحو 1.3 مليار دولار. كيف؟ عن طريق شراء الدولار من السوق. ومع ذلك، لما أمكن ذلك بفضل براعة مصرف لبنان فحسب، ولكن نتيجة للسيولة الوفيرة بالدولار في التداول.
ملاحظة جانبية: التقرير السنوي يؤكد أنّ احتياطيات (أو أصول) مصرف لبنان كانت 38 مليار دولار قبل الأزمة مباشرة. الأمر الذي أكده الحاكم السابق مع القدرة على سداد سندات دين “اليوروبوند” وتجنب التقصير. جهد ضائع. كان لدى المنتفعين في السلطة أجندة شخصية مختلفة.
3- في الوقت عينه، أوقفت جميع أشكال الدعم للمنتجات الاستهلاكية. عملية احتيال صارخة منذ حكومة حسان دياب الكارثية.
4- محاولة الحد من المعاملات النقدية، لتجنب غضب الهيئات التنظيمية الدولية. وذلك أولاً، عن طريق إصدار تصاريح للمحافظ الإلكترونية. حتى أنه يخطط لتثبيت إجراءات التشغيل الموحدة في الوزارات وإطلاق تطبيق PayGov للمدفوعات الإدارية. ولكن في الوقت الحالي، غالباً ما يتم تشغيل المحافظ الرقمية الحالية بالنقد ولها حدود محدودة للمعاملات، مما يقلل من تأثيرها. وثانياً، من خلال إضفاء الطابع الرسمي على الشيكات والبطاقات المصرفية بالدولار “الفريش”.. مبادرة يثنى عليها شرط أن يبدأ الناس بتبنيها بدلاً من نقدها، وهو أمر غير مفروغ منه نظراً لانعدام الثقة في المصارف.
5- إغلاق “صنبور التمويل” للدولة.. دولة ما عادت تدفع فوائد على سندات الخزينة التي يملكها مصرف لبنان، دون أن يكون هناك أي نزاع من جانبها. وانخفضت هذه الفوائد في محفظتها بمقدار 6 تريليون في عام واحد.
وبالعملة الأجنبية، أكد الدين البالغ 16 مليار دولار على الدولة عام 2023، والذي فرض من خلال إعادة تقييم سلفة قديمة إلى الخزانة (أثارت احتجاجاً من مجموعة الناس الحائرين نفسها). ويجب إضافة هذا الدين إلى سندات “اليوروبوندز” البالغة 5 مليارات التي يحتفظ بها مصرف لبنان. من ناحية أخرى، هناك تجاهل للسلف الأخرى الممنوحة في الماضي للدولة (وتحديداً لمؤسسة كهرباء لبنان).
6- علامات الاستفهام تحوم حول ما ينوي مصرف لبنان القيام به بـ 81 مليار دولار (بالعملة الأجنبية والليرة اللبنانية) من الودائع المصرفية المسجلة في ميزانيته العمومية. ومع ذلك، خفض المصرف المركزي بشكل كبير الفائدة المستحقة لهذه الودائع المصرفية وقرر دفع 50٪ منها بالليرة اللبنانية. قرار متعجرف وأحادي واستبدادي ويحرم المصارف أيضاً من أحد مصادر الدخل الأخيرة.
7- كما لا يبدو أكثر سخاء مع المودعين، من خلال تخفيض مخصصاتهم الهزيلة، من 400 دولار إلى 300 دولار، فـ 150 دولار. وامتنع عن إعادة تقييم عمليات سحب اللولار التي تتجاوز 15000 ليرة لبنانية، ورمى الكرة في ملعب الحكومة. لأنّ أفضل موقف على ما يبدو هو التبرؤ، على الرغم من أنه ليس مجدياً، وليس شيئا نفخر به على أي حال.
8- لقد صحح جزئياً جداً بعض المظالم تجاه المصارف، من خلال حظر سداد القروض بالعملات الأجنبية بالليرة اللبنانية وإلزام المدينين غير المقيمين بالسداد بالدولار “الفريش”. لكن الأوان قد فات على هذه المبادرة، حيث تم بالفعل سداد 80٪ من القروض بتكلفة أقل للمدينين وبتكلفة باهظة للمصارف وللمودعين.
9- ربما كان بإمكانه المبادرة دون انتظار البرلمان المتعثر لإصدار تعميم يضفي الطابع الرسمي على ضوابط رأس المال. حيث أن مشروعية ذلك أو عدمها تبقى مسألة رأي. ولكن من الناحية العملية، من الصعب معرفة من قد يجرؤ على الطعن في مثل هذا القرار.
10- أما عن نفوذ نبيه بري في مصرف لبنان، وهو كبير بالفعل، فقد ازداد، كما ينبغي له أصلاً، بشكل طبيعي.
وأخيراً، نشدد على أنّ المصرف المركزي غير قادر على حل الأزمة، الأمر الذي يتطلب – والحاكم بالإنابة على حق- اعتماد سلسلة من الإجراءات التي تتجاوزه بكثير.. خصوصًا وأنّ مصرف لبنان نفسه مفلس مالياً.
الموضوع حلقة مفرغة والبحث يطول..
مواضيع ذات صلة :
في حال أنفقت الدولة كل “السيولة”.. هل تتجه إلى إحتياطي مصرف لبنان؟ | خبر سارّ من مصرف لبنان لهؤلاء | مصرف لبنان يعدّل تعاميمه.. كيف سيستفيد المودعون؟ |