ترامب الرئيس “القادم” هو نفسه الماضي!
في حال أصبح ترامب الرئيس الجديد لأميركا، فإنّ توجهاته وسياساته ستجري تعديلات هامة تجاه منطقة الشرق الأوسط، ابتداءً من عدائه للقضية الفلسطينية. فهو الذي اعترف بضم الجولان وهو الذي وافق على اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وهو قرار لم يجرؤ عليه أي رئيس أميركي من قبل
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
بغض النظر عن ظروف محاولة اغتيال الرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري الحالي دونالد ترامب الذي يحاول العودة إلى رئاسة أميركا وملابساتها، لدرجة أنّ كثيراً من الأميركيين والمراقبين حول العالم يطرحون أسئلة حول جدية محاولة الاغتيال وكيفية حدوثها وردة الفعل السريعة عليها من قبل ترامب، غير أنه أصبح بدون شك الرئيس السابق الضحية الذي زادت محاولة الاغتيال من شعبيته وتعاطف الناخبين معه بعد أن مهّد لها في المناظرة التي جرت بينه وبين الرئيس الحالي والمرشح الديمقراطي جو بايدن. وأمس تكرّست هذه الزعامة في مؤتمر الحزب الجمهوري الذي أضفى “الطابع الإلهي” على ما اعتبره معجزة حصلت مع ترامب. واليوم هو المرشح الأوفر حظاً إذا لم تحصل تغييرات مفاجئة من نوع استبدال بايدن بمرشح آخر ديموقراطي شاب وغير شعبوي.
لذلك في حال أصبح ترامب الرئيس الجديد لأميركا فان توجهاته وسياساته ستجري تعديلات هامة تجاه منطقة الشرق الأوسط، ابتداءً من عدائه للقضية الفلسطينية. فهو الذي اعترف بضم الجولان وهو الذي وافق على اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، وهو قرار لم يجرؤ عليه أي رئيس أميركي من قبل. وهو اليوم يدعم إسرائيل ونهج نتنياهو في حربه على غزة. كما أنه تحدى إيران برفضه الاتفاق النووي الذي وقعه سلفه باراك أوباما عام ٢٠١٥، بإصداره أوامر باغتيال قاسم سليماني قائد الحرس الثوري عام ٢٠٢٠، ومؤخراً صرح لصحيفة كويتية بأنه طرح على نتنياهو عندما كان رئيساً اغتيال حسن نصرالله لكنه رفضه رفضاً قاطعاً، ولم يصدر أي نفي أو تكذيب للخبر لا من قبله ولا من قبل نتنياهو نفسه. وبهذا الخبر إضافة إلى موقفه من حرب غزة يكون قد ضمن أصوات الجالية اليهودية الأميركية. فيما يراهن نتنياهو على ترامب من خلال سعيه لتمرير الوقت عبر الاستمرار في حرب غزة ورفح والتهديد بالحرب على لبنان التي يعتبرها حرباً على “حزب الله”، لغاية تشرين الثاني موعد الانتخابات الأميركية. وإذا فاز بايدن أو المرشح الديموقراطي فإنّ نتنياهو يعلن ويكرر أنه مع الخطة التي طرحها بايدن للحل في غزة ولكنه يلجأ كل أسبوع إلى التنصل منها أو نسفها بمجزرة جديدة كما فعل قبل أيام بمحاولة اغتيال القيادي في “حماس” محمد الضيف الذي لم تؤكد إسرائيل نفسها اغتياله فيما قتلت أكثر من مئة فلسطيني في مخيم خان يونس، ثم يعود ويؤكد أنّه مع الخطة الأميركية. بالمقابل، يحاول بايدن قبل انطلاق المعركة الرئاسية في شهر آب المقبل التوفيق بين تطبيق خطة الحل في غزة وضمان أصوات اللوبي اليهود في الوقت عينه. فيما يسعى نتنياهو إلى التشويش عليه معلناً أنّ واشنطن تمنع عنه السلاح والذخيرة، ثم يتوجه في 24 من هذا الشهر إلى إلقاء خطاب في الكونغرس. ويؤكد ترامب أنه صديق لدول الخليج العربية، فهل ينوي إقامة علاقات كالتي أقامها معهم عام 2017 حين قام بأول زيارة خارجية له وكانت إلى السعودية حيث تمكن من الحصول يومها على 450 مليار دولار.
أما على الصعيد الدولي فإنّ ترامب يعلن أنه ضد الحرب مع روسيا التي اجتاحت أوكرانيا معلنة عملياً الحرب على أوروبا، وترامب الذي يجاهر بهويته الأميركية أعلن عندما كان رئيساً حرباً اقتصادية على أوروبا ثم على الصين وحافظ على علاقة ودية مع روسيا التي قبل يومها أنها حاولت التدخل لصالحه في الانتخابات. وهو يعلن اليوم في نفس النهج أنه يرفض تمويل أوكرانيا ويريد إلغاء حلف الناتو، متجاهلاً أنّ وقف دعم أوكرانيا يعني عملياً وبشكل مفاجئ ومن دون أي خطة بديلة إدخال الحرب إلى قلب أوروبا وتفكيكها وإعادة عقارب الساعة إلى الوراء، فتغلق أبواب أوروبا أمام الولايات المتحدة، وتخرب العلاقات بين الدول والقارات، وبين الدول الصناعية والدول النامية ودول العالم الثالث وتعم الفوضى والحروب. ترامب يتقن الإدانة والرفض لكنه لم يطرح يوماً برنامجاً أو سياسة بناءة حتى في المناظرة الأخيرة مع بايدن، الذي لم يكن لديه القدرة على التركيز، إنّما كان هدفه فقط التجريح الشخصي وإطلاق الشعارات الشعبوية البراقة.
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |