نصرالله: الأمر لي في الحرب.. والتفاوض للدولة اللبنانية
أصبح لبنان أشبه بـ “مسيَّرة” عملاقة تُدار من حارة حريك، وليس من السرايا الحكومية أو حتى من عين التينة، وكلام نصرالله أشبه بما يكون “أمر اليوم” السياسي ، أو “أمر العمليات”، وما على الآخرين سوى الانضباط والالتزام
كتب جان الفغالي لـ”هنا لبنان”:
في أحدث مواقف الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله ، تحديده سقفيْن : سقف للحرب وسقف للسِلم ، سقف الحرب يتولاه حزب الله، وسقف السلم “فوَّض” إلى الدولة اللبنانية أن تتولاه . أوجز هذين السقفَيْن بالقول: “أنّ جبهة إسنادنا ستستمر ما دام العدوان مستمرًا على غزّة، ولن نتوقف على الإطلاق” ، وفي السقف الثاني يقول: “الجهة التي تُفاوض باسم لبنان هي الدولة اللبنانية، وأبلغنا كلّ من اتصل بنا أنّ الجهة المعنية بالتفاوض بإعطاء الأجوبة هي الدولة اللبنانية”.
يذهب السيد نصرالله أبعد من ذلك فيجزم أن لا تفاوض قبل انتهاء المعركة ، ” مستقبل الوضع في الجنوب سيتقرّر على ضوء نتائج هذه المعركة ” .
بهذا المعنى ، لم يكتفِ نصرالله بأن حصر قرار الحرب بيده ، بل إضاف إلى ” الحصرية ” أنه يقرر هو متى يبدأ التفاوض، أي أنّ على الدولة أن تنتظر الإشارة الخضراء من حارة حريك ، وهكذا يكون قرارا الحرب والتفاوض لدى الحزب في حارة حريك ، و” التفويض ” المعطى للدولة شكلياً.
ما قاله السيد نصرالله ، أضفى صدقية على ما سبق أن قاله رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، في إحدى المقابلات التلفزيونية حين جهر بأن ” قرار الحرب ليس بيدي شخصيّاً وليس بيد الحكومة”، وكرر ” التمسّك بالقرار 1701 والقيام بمسعى سياسيّ لئلا يُجرّ لبنان إلى الحرب”.
لبنان ، بهذا المعنى ، أصبح أشبه بـ “مسيَّرة” عملاقة تُدار من حارة حريك ، وليس من السرايا الحكومية أو حتى من عين التينة ، وكلام نصرالله أشبه بما يكون ” أمر اليوم ” السياسي ، أو ” أمر العمليات” ، وما على الآخرين سوى الإنضباط والالتزام .
هذه هي الحقيقة التي تتبلور أكثر فأكثر في الشهر العاشر على إدخال لبنان في حرب غزة تحت عنوان ” جبهة المساندة والمشاغلة ” ، من دون الأخذ في الحسبان الأثمان الباهظة التي دفعها لبنان واللبنانيون الذين لا ناقة لهم ولا جمل في ما يتحملونه منذ الثامن من تشرين الفائت.
ماذا بعد ؟ وماذا يمكن أن يحصل من الآن فصاعدًا ؟
من خلال قراءة المعطيات، يبدو أنّ الجميع في المنطقة سيعتبرون أنفسهم في سباقٍ مع الوقت إلى حين موعد الإنتخابات الرئاسية الأميركية في الخريف المقبل، وربما إلى حين تسلم الرئيس المنتخب لمهامه الدستورية في كانون الثاني المقبل :
إسرائيل تريد أن تنهي الحرب قبل الانتخابات وبالتأكيد قبل تسلم الرئيس الجديد مهامه الدستورية.
حماس وحزب الله والحوثيون ، ومن ورائهم إيران ، يريدون الصمود والبقاء ، لتكون المفاوضات مع الرئيس الآتي وليس مع الرئيس الراحل ، هكذا تصرفت إيران مع رهائن السفارة الأميركية في طهران إثر انتصار الثورة الخمينية ، فاستخدمت ورقة الرهائن مع الرئيس الآتي آنذاك رونالد ريغان ، وليس مع الرئيس الراحل جيمي كارتر.
لكن مخضرمي تلك المرحلة يعتقدون بأن ظروف اليوم ليست كظروف المرحلة السابقة ، فكل المعطيات تشير إلى أن الرئيس الآتي دونالد ترامب سيعود إلى البيت الأبيض ليكمل ما بدأه في ولايته السابقة ، وهذا ما تحسب له طهران ألف حساب ، وبناء عليه فإن أضلعها وأذرعها في المنطقة سيتأثرون بهذا الواقع ، ومن بينهم حزب الله الذي وإن بدا أنه يملك فائض القوة في لبنان ، فإنه يملك فائض الضعف تجاه واشنطن.
مواضيع مماثلة للكاتب:
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | راقبوا الميدان… الحرب في بدايتها | لبنان أمام عشرة أسابيع حاسمة |