بعد انتقاده والتشكيك بفعاليته.. “اتفاق بكين” متّهم بأنه “استعراض للديبلوماسية”
منذ سنوات قليلة تحولت العاصمة الصينية موقعاً لإطلاق التفاهمات الدولية في عدد من الأزمات بدليل أنها أطلّت بإعلان “لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية” إذ لم تنجح الفصائل الفلسطينية المتناحرة منذ فترة طويلة في معالجة خلافاتها السياسية بعد أن طرد مقاتلو حماس حركة فتح من غزة في حرب لم تستمر طويلا في عام 2007. وفي نيسان الماضي اجتمعت حركتا حماس وفتح لأول مرة في بكين لمناقشة جهود المصالحة لإنهاء نحو 17 عاما من الخلافات، وهذه هي المرة الأولى التي يعلَن فيها أن وفدا من حماس زار الصين منذ بدء الحرب في غزة. ويأتي هذا الاتفاق في خضم الحرب المتواصلة منذ أكثر من 9 أشهر بين إسرائيل وحركة “حماس” في قطاع غزة.
اتفاق فلسطيني – فلسطيني
أكد وزير الخارجية الصيني وانغ يي حصول اتفاق بين 14 فصيلاً فلسطينياً لتشكيل “حكومة مصالحة وطنية مؤقتة” لإدارة غزة بعد الحرب.
بدوره، أعلن القيادي في حركة “حماس” موسى أبو مرزوق، أنها وقعت مع حركة “فتح” وفصائل أخرى، اتفاقية “للوحدة الوطنية” في ختام لقاء استضافته العاصمة الصينية.
من جهته، شدد وانغ يي على أن الاتفاق يتطرق إلى “إدارة غزة بعد الحرب”، وهي إحدى النقاط التي يدور النقاش بشأنها من أطراف مختلفة منذ أشهر.
وشدد على أن “المصالحة هي شأن داخلي بالنسبة للفصائل الفلسطينية، لكن في الوقت عينه، لا يمكن أن تتحقق من دون دعم المجتمع الدولي”.
وشدد وانغ يي، على أن الصين حريصة على “أداء دور بنّاء في حماية السلام والاستقرار في الشرق الأوسط”.
وأكد أن بكين تدعو إلى “وقف لإطلاق النار يكون شاملاً ودائماً ومستداماً”، إضافة إلى بذل الجهود لدعم الحكم الذاتي الفلسطيني والاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة.
انتقادات وتشكيك
فيما انتقدت إسرائيل، حركة “فتح” الفلسطينية التي يتزعمها الرئيس محمود عباس لتوقيعها اتفاقاً مع حركة “حماس” عن مرحلة ما بعد الحرب في قطاع غزة.
فلسطينياً، انتقد المحلل السياسي في غزة، مخيمر أبو سعدة، “الغموض” الذي يكتنف صياغة الاتفاق.
وقال: “بالنسبة للفلسطيني في غزة… الاتفاق في بكين مجرد ورقة أخرى”.
أضاف: “هناك فكرة لإصلاح منظمة التحرير الفلسطينية، ولكن لا يوجد ذكر لكيفية دمج “حماس” فيها”.
ورأى المحلل السياسي، جهاد حرب، أن “البيان الذي صدر ليس للفلسطينيين، هو فقط لإرضاء الأصدقاء الصينيين”.
وشكّك بعض المحللين في رغبة الفصائل بالعمل معاً في خضم الحرب التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة، والتي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 39145 شخصاً معظمهم من المدنيين، وفقًا لأرقام وزارة الصحة في القطاع الذي تديره “حماس”.
كما يشكك خبراء في جدوى اتفاق المصالحة و”تشكيل حكومة وفاق وطني” في مرحلة ما بعد الحرب على قطاع غزة، ويؤكد خبراء أن مبادرة بكين لا تزال موضع تقييم لتبيان أهميتها. وأبدى بعضهم خشيته من أن يفشل الاتفاق في تحقيق نتيجة ملموسة، ويلقى بالتالي المصير ذاته لمحاولات سابقة فشلت في تحقيق المصالحة بين الفصائل.
ما هي العوائق؟
إن المعارضة الإسرائيلية الشديدة لأي دور مستقبلي لـ”حماس” هي العقبة الأهم في درب الاتفاق. فالاتفاق المثالي يكون في انضمام “حماس” إلى منظمة التحرير الفلسطينية مقابل السماح للسلطة الفلسطينية بالعودة إلى غزة والإشراف على المساعدات الإنسانية وإعادة الإعمار”.
مصلحة الصين
وعن الفائدة التي ستجنيها الصين من التوسط لإبرام اتفاق مماثل، قال هلترمان إن اعتماد بكين على واردات المنطقة من النفط والغاز يعني أن “لديها مصلحة في استقرار الشرق الأوسط”.
وقال الباحث في السياسة الخارجية بمعهد العلوم السياسية في باريس كانتان كوفرور إن الهدف الرئيسي لبكين هو الدفع نحو حل سياسي بموازاة دعم واشنطن العسكري لإسرائيل.
أضاف: “الفكرة هي الظهور كقوة عظمى محترمة ومسؤولة، وتشويه سمعة الولايات المتحدة”.
وتابع: “إنها لغة خطابية واستعراض للديبلوماسية… لكن على المديَين المتوسط والطويل، أشكك فيما إذا كان ذلك سيؤدي إلى حلّ النزاع الإسرائيلي – الفلسطيني”.
مواضيع ذات صلة :
الاستثمار الأجنبي في الصين يتراجع | اجتماع اقتصادي “مثمر” بين بكين وواشنطن | هجوم سيبراني واسع مدعوم من بكين يستهدف بنى تحتية حيوية.. وواشنطن تحذر |