العلاج الجيني يتحدى الصمم… والنتائج واعدة

ترجمة هنا لبنان 28 تموز, 2024

ترجمة “هنا لبنان”

كتب Alain E. Andrea لـ “Ici Beyrouth“:

أظهرت دراسة سريرية حديثة قدرة العلاج الجيني في تخطي الصمم، بشكل يسمح لخمسة أطفال يعانون من الصمم الخلقي بسبب الطفرات الوراثية، من لمس النتائج الواعدة…

الحمض النووي والحمض النووي الريبي والبيولوجيا الجزيئية والتلاعب الجيني والعلاج الجيني مؤخرًا، عبارات كثيرة برزت مؤخراً، لتجذب الكثير من الاهتمام، وتزرع الكثير من الأمل. وذلك لسبب وجيه! ولكن ما هو العلاج الجيني؟ وهل بالإمكان حقاً علاج الأمراض عن طريق تغيير الحمض النووي الخاص بالمريض؟ لقد تطور هذا المجال من البحث، ومن الممارسة الطبية حالياً، بشكل كبير خلال العقود القليلة الماضية. وما كان يبدو ذات يوم وكأنه خيال علمي خالص أصبح حقيقة ملموسة بفضل التقدم التكنولوجي والفهم الأفضل لعلم الوراثة البشرية.

ويعد العلاج الجيني نهجًا ثوريًا يهدف إلى علاج الأمراض وربما من خلال التدخل المباشر في الشيفرة الوراثية (وبالتالي الحمض النووي) للمرضى. وهو ينطوي على إدخال جين سليم إلى خلايا الفرد ليحل مكان/أو يصحح الجين المعيب المسؤول عن مرض وراثي (على غرار ضمور العضلات الشوكي، مرض وراثي عصبي نادر يؤدي إلى ضعف شديد في العضلات ومن ثم إلى ضمور العضلات) أو مكتسب (مثل السرطان أو الأمراض التنكسية العصبية). وبالتالي، تقدم هذه الاستراتيجية العلاجية وجهات نظر جديدة في علاج الأمراض التي كانت تعتبر في السابق غير قابلة للشفاء.

المفهوم مثبت

وفقاً للبروفيسورة سليمة حسين بيه عبينا، إحدى كبار رائدات العلاج الجيني، دمجت العلاجات المبتكرة حالياً الترسانة العلاجية للعديد من الأمراض، وتحديداً الأمراض الوراثية والنادرة. البروفيسورة حققت مع البروفيسور آلان فيشر عام 2000، إنجازاً تاريخياً من خلال تصحيح نقص المناعة المشترك الشديد لدى “أطفال الفقاعة”، من خلال التلاعب الجيني، وهم الأطفال الذين يعانون من مرض وراثي خطير والذين تكاد تكون دفاعاتهم المناعية معدومة.
وشكل هذا النجاح أول انتصار عالمي للعلاج الجيني. وأشارت الباحثة الفرنسية في مقابلة حصرية لـ Ici Beyrouth، إلى دخول “هذا النهج العلاجي في الآونة الأخيرة، مجال السرطان، مع ظهور العلاجات المناعية الخلوية، مثل الخلايا الليمفاوية التائية المعدلة وراثياً، والمعروفة باسم خلايا CAR-T، والتي تستخدم حالياً كعلاج ثانوي ضد بعض أنواع السرطان”. واختتمت قائلة: “في ضوء إثبات المفهوم، ستمتد تطبيقات العلاج الجيني تدريجياً إلى أمراض أخرى.”

الصمم الخلقي

ومؤخرًا، نجحت تجربة سريرية للعلاج الجيني في مساعدة خمسة أطفال، تتراوح أعمارهم بين 2 و11 عامًا، يعانون من شكل من أشكال الصمم الخلقي الثنائي، الناجم عن طفرات في جين يسمى Otof، على استعادة السمع. وهذا يمنع إنتاج البروتين (في هذه الحالة الأوتوفيرلين)، الضروري لنقل المعلومات السمعية إلى الدماغ.

وأظهرت النتائج التي نشرت في 5 يونيو في مجلة Nature Medicine، تحسن وظيفة السمع والكلام لدى جميع المرضى. “من المعروف أن نظام السمع ثنائي الوضع يحسن التعرف على الكلام في البيئات الصاخبة وهو ضروري لإدراك أفضل للموسيقى، وتحديد مصادر الصوت وزيادة الرضا في الحياة اليومية، وهذا ما لاحظه الباحثون الذين نشروا الدراسة الصينية المبنية على تجربة سريرية تهدف إلى علاج الصمم في أذن واحدة فقط. ثم نُشرت نتائج هذه التجربة الأولى في يناير 2024 في مجلة The Lancet.

الدراسة الأخيرة شكلت تحليلاً مؤقتًا لتجربة أحادية التعمية (أي أن جميع المرضى تلقوا العلاج نفسهم من أجل الاختبار)، وأجريت على مدى 13 أو 26 أسبوعًا في مستشفى العيون والأذنين من جامعة فودان في شنغهاي، الصين. وقام الباحثون بحقن نسخ وظيفية من جين “أوتوف” البشري في الأذنين الداخليتين للمرضى، من خلال إجراء جراحي متخصص بأقل تدخل جراحي.

ولوحظت 36 ردة فعل سلبية خلال فترة المتابعة لكن دون أن يتم الإبلاغ عن أي حدث خطير بشكل خاص. وتستمر التجربة حاليًا مع المراقبة المستمرة للمشاركين. ومع ذلك، تبدو النتائج التي تم الحصول عليها حتى الآن واعدة، ويسطر البحث قدرة “مريضين اثنين على تقدير الموسيقى، وهذا بعد 13 إلى 15 أسبوعًا من تلقي العلاج الجيني، كما تبين حركات الرقص أثناء الاستماع إلى الموسيقى”.

الاختبارات الجينية

هذه النتائج تمثل أول دليل على أن قابلية وأمن وفعالية العلاج الجيني لهذا النوع من الصمم المستحث وراثياً. وهي تفتح الطريق أمام نطاق أوسع لهذه الاستراتيجية العلاجية للصمم الوراثي الناجم عن جينات أخرى.

“بالنسبة للأطفال الذين يعانون من فقدان السمع الخلقي، حسب ما خلص الباحثون الصينيون، نوصي بتنفيذ الفحص الجيني الشامل لتمكين التدخل المبكر”. ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية، يعاني أكثر من 5% من سكان العالم، أي 430 مليون شخص، من فقدان السمع، بينهم حوالي 34 مليون طفل. بالإضافة إلى ذلك، يعاني زهاء 26 مليون شخص من فقدان السمع الخلقي، 60٪ منهم بسبب عوامل وراثية. وتمثل الطفرات المرضية في جين Otof ما بين 2 إلى 8% من حالات الصمم الوراثي.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us