مشروعُ هدرٍ بأيدي “جهلة”.. “سدّ المسيلحة” أرضٌ مهجورة لتربية الصيصان!
“مزرعة دجاج” هو آخر توصيف لما كان قد بُني على نيّة إنشاء “سدّ” في المسيلحة، قبل أن يتحوّل المشروع إلى مثال واضح للفساد وهدر المال العام، وأرض تبتلع المياه بدلًا من تجميعها، ليتحول إلى منطقة مهجورة تُربّى فيها الصيصان.
فقد عادت قضيّة سدّ المسيلحة إلى واجهة الاهتمام المحلي، على الرغم من انشغال الساحة السياسيّة بالتطورات الميدانية التي يعيشها الجنوب والتي تُنذر بحرب واسعة، غير أنّ قرار القاضية سمرندا نصار الأربعاء الماضي، بختم السدّ بكامل مداخله بالشمع الأحمر، ألقى الضوء مجددًا على أحد المشاريع الفاشلة التي لم تنجب للدولة سوى شحًا بالمياه وهدرًا بالمال.
كما جاء في قرار القاضية نصار ختم مكاتب الإدارة، والمبنى المهجور الذي كان يُفترض أن تتولى تنفيذه شركة معينة سيتمّ التواصل معها من قبل القضاء قريبًا.
وذلك بعد أن تبيّن وجود مزرعة صيصان في المكان، وبالتالي تحوّل السد من مشروع استراتيجي إلى مزرعة دجاج.
وبحسب “المدن”، فقد جاء قرار القاضية بعد معاينتها للموقع، حيث أشارت المصادر إلى أن المشاهدات تؤكد معنى المثل اللبناني القائل “المال السايب بعلم الناس الحرام”.
وأضافت مصادر “المدن”: “تبين أولًا أن لا ماء في السد، وهناك أشغال تم تنفيذها ولكنها ليست على المستوى المطلوب، فهناك على سبيل المثال مبنى بالقرب من السد تم إنشاؤه ليكون محطة للتكرير، ولكنه حتى اليوم غير منجز، ومهمل ومتروك، وهو عبارة عن صرف أموال بلا جدوى، بالإضافة إلى وجود مزرعة صيصان في المكان، وبالتالي تحول السد من مشروع استراتيجي إلى مزرعة دجاج”.
كذلك كان لافتًا، حسب المصادر، كيف تُركت آليات ضخمة كالجرافات والحفارات والمعدات المتعلقة “بالتزفيت”، ليأكلها الصدأ.
هذه الوقائع والمستجدات، لم تكن مفاجئة أو وليدة الساعة للشعب اللبناني، الذي لطالما سمع عن مكامن الهدر في هذا المشروع، على لسان خبراء متخصصين، منهم الخبير الهيدروجيولوجي سمير زعاطيطي، الذي تحدث مرارًا وتكرارًا عن فشل السدّ المذكرو.
فقد كشف الخبير في أوقات سابقة خلال أحاديث صحافية، أنّ سد المسيلحة انتهى منذ عام 2019 حين تمت تعبئته بحوالي مليوني متر مكعب من الماء، واختفت خلال أيام، مما يدل على أن أرضية منطقة سد المسيلحة لا تصلح لتكون سدًا نظرًا لوجود البواليع الجوفية التي تمتص المياه.
واعتبر زعاطيطي أنّ القائمين على مشروع السد “جهلة”، نظرًا لاستخدامهم طرق فاشلة للقيام به، من خلال وضع كمية هائلة من الباطون على طبقات من الوحل الطيني الأبيض، ومن ثم قاموا بضخ كميات هائلة من المياه من نهر الجوز على مدة 30 يومًا، ومن ثم اختفت المياه خلال 20 يومًا فقط.
في ظلّ هذا الواقع، يبقى اللبنانيون هم الخاسر الأكبر والوحيد من هذه المشاريع الفاشلة التي لم تجلب إلا عجزًا إضافيًا، بينما جنى أرباح هذا الفشل أزلام السلطة الذين لطالما دافعوا عن هذا السدّ رغم كلّ المؤشرات التي كانت تؤكد مرة تلو الأخرى فشله.
مع الإشارة إلى أنّ سدّ المسيلحة كلف خزينة الدولة اللبنانية حوالي 60 مليون دولار، من دون تسجيل أي فائدة تذكر منه.
مواضيع ذات صلة :
ختم سد المسيلحة بالشمع الأحمر! | السّدود الفاشلة في عين الكوارث الطّبيعيّة… هل من داعٍ للهلع؟ | سدّ المسيلحة: إعادة الترقيع من جديد |