الراعي أزاح الستارة عن تمثال الطوباوي اسطفان الدويهي في مجد المعوش
إحتفلت بلدية مجد المعوش في الشوف بتطويب البطريرك الطوباوي مار اسطفان الدويهي في قداس ترأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وعاونه فيه راعي ابرشية بيروت المارونية المطران بولس عبد الساتر والمطران بولس مطر ورئيس دير مار مارون الاب عادل العلم، خادم رعية المعوش الأب عبود شهوان ولفيف من الكهنة والرهبان تقدمهم ممثل الرئيس العام للرهبانية اللبنانية المارونية المدبر طوني فخري والرئيس العام السابق للرهبانية الانطونية الاباتي داوود رعيدي والرئيسة العامة للراهبات الانطونيات نزهة خوري وممثل شيخ عقل طائفة الموحدين الدروز المقدم كامل مزهر، في حضور وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور الحجار، ممثل رئيس “اللقاء الديموقراطي” النائب مروان حماده، والنواب: جورج عدوان، فريد البستاني، مارك ضو، سيزار ابي خليل، نجاة صليبا، غسان عطالله، النائب السابق اسطفان الدويهي، رئيس المجلس الدستوري القاضي طنوس مشلب، قائمقام الشوف وحشد من رؤساء البلديات والمخاتير وفاعليات الجبل وأهالي مجد المعوش والقرى المجاورة ووفد من منطقة زغرتا وإهدن.
وأزاح الراعي الستارة عن تمثال برونزي للبطريرك الدويهي قدمه رئيس اتحاد بلديات العرقوب والحرب رئيس بلدية مجد المعوش روميو ياغي على وقع ترتيلة “مجد لبنان أعطي له”.
واستهل القداس بكلمة لرئيس دير مارمارون الاب عادل العلم توجّه فيها إلى الراعي والحضور، وقال: “مجدُ لبنان في مجدِ المعوش، ومجد المعوش من مجدِ بطاركة أقاموا فيها وقدّسوا تُرابها. وها هي اليوم تزدادُ مجدًا على مجدٍ، بتطويب بطريرك سكن فيها، هو الطوباوي البطريرك اسطفان الدويهي ” شيخ المعوش”… وبقدومكم ومباركتكم يا غبطةَ أبينا البطريرك. مجدُ لبنانَ أعُطيَ لكم…. ولكن مجدُ لبنان لم يُعطى لكم ولأسلافكم البطاركة إلاّ لأنكم أنتم أعطيتم للبنان مجدهُ…. لكي تبقى بكركي صخرةً لن تقوى عليها ابوابُ الجحيم لأنها الصخرة التي بُنيَ عليها لُبناننا، لبنان الكبير وستكون هي صخرة لبنان الآتي، لبنان الوطن الذي نطمح اليه. وللتاريخ أمانة أن فكرة لبنان الجديد ابتدأت مع قدوم البطريرك الدويهي الى الشوف الآبي، حيث وضع في خُلوته المعوشية أُسُس هذا اللبنان، الذي ثبّتهُ البطريرك الياس الحويك، وأعادَ تركيز أُسُسِهِ في زيارته التاريخية الى هذا الجبل البطريرك مار نصر الله بطرس صفير، لتكون زيارتكم اليوم تأكيدًا واصرارًا وثباتًا على ان لبنان الذي نريده هو لبنان العيش المشترك، لبنان للجميع”.
وتابع: “نحتفلُ اليومَ وجنوبِنا وأهلُ جنوبنا ينزفونَ وجعًا وقهرًا وتهجيرًا يستصرخون أبوَّتكم، مؤمنين أن لا ملاذَ ولا ملجأ ولا حاضنًا لهم إلاّ كنيستهم يستمدون منها قوتهم وثباتهم في ارضهم. ويتعانق دير مار مارون مجدل المعوش مع قرى الحرف جميعًا لنوجه لغبطتكم الشكر معطرًا بالقداسة التي تفوحُ من هذا المكان بالذات الذي كان كرسيًّا بطريركيًّا بناه سلفكم البطريرك يوحنا مخلوف وسكنه البطريرك الدويهي قبل أن يبني كنيسة مار جريس في مجدل المعوش مع عليّة لينتقل اليها لاحقًا، لنشكر لك عاطفتكم ومحبتكم وابوتكم، تشاركوننا فرحتنا واحتفالنا بالطوباويّ البطريرك اسطفان الدويهي الذي في قلبِ كل واحد من أبناء هذه المنطقة، خاصة ابناء مجدل المعوش، مساحة خُصّصت بمحبتهم لكنيستهم خاصة للبطريرك الدويهي ولغبطتكم. مزار هو الأجمل سعى اليه بمحبته وبدعم معنوي من أبناء بلدته وشيّدهُ حضرة رئيس بلدية مجدل المعوش ورئيس اتحاد بلديات العرقوب والحرف السيد روميو ياغي المحترم، مشكورًا متمنيين له ولعائلته كل الصحة والعافية، ولأمواته الراحة الأبدية. وكلُّ ذلك بمباركة ودعم ومحبة راعي ورئيس أساقفة أبرشية بيروت المارونية سيادة راعينا المُحبّ والمتفهّم والمُضحّي المطران بولس عبد الساتر السامي الإحترام. شكرنا لكم أحبائي جميعًا الحاضرين والمشاركين معنا مُبتدئاً بحضرة ممثل رئيس اللقاء الديمقراطي سعادة النائب تيمور جنبلاط، حضوركم تأكيدًا على مصالحة وعيش مشترك لا بد منه تجسّدونَهُ مع وليد بك جنبلاط بتعاون وثيق مع كل اطياف المجتمع في هذا الجبل، بأسس وَضعَ حجرَ اساسِها وأعلى بُنيانها أباؤنا البطاركة وكنيستنا على مرّ العصور”.
وختم: “لبنان بلد القديسين وموطىء اقدام المسيح، لا تخافوا حروباً ولا دماراً، اثبتوا في ارضكم وحافظوا على ارث اجدادكم، فالقديسون هم حماة لبنان، من حريصا الى قنوبين الى عنايا الى مجدل المعوش، سيبقى لنا لبناننا وطن الرسالة والعيش المشترك، لبنان الارز. امين”.
بعد الانجيل المقدس، ألقى الراعي عظة جاء فيها “بعض الحبّ وقع في الأرض الصالحة، فنبت وأثمر مئة ضعف” (لو 8: 8 ) .نجتمع في هذا المساء هنا في بلدة مجدل المعوش، لنقدّم قدّاس الشكر لله على نعمة تطويب البطريرك الكبير مار اسطفان الدويهي، ولنكرّس تمثاله، فيكون مصدر نعم وبركات للذين يكرّمونه ويطلبون شفاعته. فالطوباوي البطريرك مار اسطفان كان يتردّد إلى مجدل المعوش هربًا من مضايقات حكّام طرابلس في دير سيّدة قنّوبين، ومن الخلافات مع مشايخ كسروان في دير مار شليطا مقبس (غوسطا)، وكان يجد الراحة من كلّ هذه المضايقات في بلدتكم المضيافة. فأنشأ كنيسة مار جرجس، وتفقّد بلدات الشوف راسمًا كهنة، بانيًا كنائس، واعظًا بسرّ المسيح وبكلام الحياة، منقّحًا المخطوطات وكاتبًا العديد ممّا ترك لنا من مخطوطات تاريخيّة ولاهوتيّة وأسراريّة وليتورجيّة. فكان حقًّا “منارة علم وقداسة”، وكانت حفلة تطويبه بحجمه: بأعداد المشاركين على الرغم من اهتزاز الأمن، وبتنظيم الإحتفال، وبميزة المذبح الذي اتّسع لجميع الأساقفة والكهنة والرهبان والراهبات. سنة 1603 زار البطريرك يوحنّا مخلوف مجدل المعوش وأنشأ فيها كنيسة السيّدة التي ترمّمت ثمّ سنة 1683 هرب الطوباوي البطريرك مار إسطفان الدويهي إليها، وبنى كنيسة مار جرجس التي رمّمتموها. وكان يزور مغارة مار إدنا، بين مجدل المعوش ووادي الستّ، بهدف الإختلاء. وكان يزوره المارّة للتبرّك. كان على علاقة ممتازة مع الحكّأم الدروز، وهنا بدأ بكتابه تاريخ الأزمنة. وتبع احتفال التطويب قدّاسا شكر: الأوّل، في إهدن مسقط رأسه حيث ذخائر الطوباويّ محفوظة في كنيسة مار جرجس؛ والقدّاس الثاني، في الكرسيّ البطريركيّ في الديمان على مشارف وادي القدّيسين، والمقرّ البطريركيّ في قنّوبين، حيث سكن البطاركة حوالي أربعماية سنة من 1400 حتى 1840. فيسعدنا أن نكون معكم اليوم لقدّاس الشكر الثالث، ولتبريك تمثال الطوباويّ البطريرك مار اسطفان الدويهي الذي تكرّم به السيّد روميو ياغي رئيس البلديّة ورئيس إتحاد بلديات العرقوب والحرف تكريما للمرحومين والديه”.
وتابع: “بعض الحبّ وقع في الأرض الصالحة، فنبت وأثمر مئة ضعف” (لو 8: 8 ) . يشبّه الربّ يسوع كلمة الله، في الكتب المقدّسة، بحبّة القمح. فكما الحبّة تحمل في جوهرها طاقةً للحياة ولإعطاء الثمار إذا وقعت في الأرض الطيّبة، ذات الماويّة، كذلك كلمة الله حيّة بحدّ ذاتها، وذات خصوبة روحيّة وأخلاقيّة وثقافيّة، إذا وقعت في عقولٍ توّاقة إلى المعرفة والإيمان، وفي قلوبٍ حارّة منفتحة على المحبّة والعطاء. لا يمكن قبول كلمة الله إلّا بالعقل والإرادة والقلب، كأرض طيّبة، لكي تثمر في المؤمنين حياةً روحيّة وأخلاقيّة حارّة وفاعلة، وفي الجماعة ثقافةً وحضارة حياة تطبع بمضمونها الحياة العائليّة والإجتماعيّة، وثقافة الشعوب. يحذّرنا الربّ يسوع من ثلاثة مواقف تجاه كلام الله:
أ. عدم الاكتراث بكلام الله وإهماله، المشبّه بوقوع الحبّ على جانب الطريق، فداسته الأقدام وأكلته الطيور.
ب. السطحيّة وفقدان الأصول والماويّة الروحيّة، المشبّه بالصخر الذي يقع عليه الحَبّ، فييبس للحال، ولأنّ لا رطوبة فيه تعطيه الحياة.
ج. الإنهماك بشؤون الدنيا، المشبّه بالحَبّ الذي يقع بين الأشواك فتخنقه، وتمثّل الإنهماكات والإنشغالات والهموم التي تخنق الكلمة وهي صوت الله.
واضاف: “تميّز الطوباويّ البطريرك مار اسطفان الدويهي بقبوله كلمة الله بعقله وإرادته وقلبه، منذ نعومة أظفاره ثمّ إكليريكيًّا وكاهنًا إثنتي عشرة سنة، وأسقفًا سنتين وبطريركًا طيلة أربع وثلاثين سنة (1670-1704). كان حريصًا على التأمّل في كلام الله الذي ولّد عنده الإيمان، وأنماه ورسّخه فيه بثبات الرجاء، وجعله في قلبه حضارة محبّة. كان الطوباوي البطريرك إسطفان مقتنعًا بأنّ كلمة الله هي إبن الله الذي صار بشرًا، يسوع المسيح، وهو المخلّص والوسيط بين الله والناس. عنه يتكلّم يوحنّا في بداية إنجيله. فهو الله نفسه الذي يوحي ذاته بحبّ لجميع الناس: يتوجّه إليهم كأصدقاء، ويخاطبهم ليدعوهم إلى الدخول في الشركة معه لقبولهم فيها. كلمة الله هي إبن الله الذي يسبق الخلق، إذ به “كلُّ شيء كوّن، وبدونه لم يكن شيء ممّا كوّن” (يو 1: 3). إذن، كلمة الله هي شخص يسوع المسيح، إبن الآب الأزليّ، الذي صار إنسانًا. هو حبّة الحنطة التي زُرعت في أرضنا وأثمرت، بموته وقيامته، فأعطت البشريّة الجديدة المتمثّلة بالكنيسة. ولذا، ليست المسيحيّة “ديانة الكتاب” بل هي “ديانة كلمة الله التي تُعلن وتُقرأ وتُقبل وتُعاش”. (راجع تإرشاد الرسوليّ للبابا بندكتوس السادس عشر: كلمة الله، 6-8). كلمة الله تجمع وتوحّد، لأنّها تنقّي كلّ واحد وواحدة منّا من شوائبه، من مواقفه، من عتيقه، من عاداته، وتفتح عقولنا وإراداتنا وقلوبنا إلى آفاق جديدة. فهي، يقول بولس الرسول، “كسيف ذو حديّن” (عب 4: 11)، تزيل الشوائب وتخلق إنسانًا جديدًا”.
واردف: “يا ليت كلّ مسؤول عندنا يعود إلى كلام الله، يسمعه، يتأمّل فيه، يسلّطه على ذاته، على مسلكه وأفعاله وتصرّفاته، فيجدّده ويحرّره وينعشه، مبدّلًا نظرته إلى الأمور. فيتساءل أمام وجدانه الوطنيّ: ما معنى عدم انتخاب رئيس للجمهوريّة، لكي تنتظم الحياة العامّة في الدولة؟ فيستعيد مجلس النواب سلطته التشريعيّة ومساءلة الحكومة ومناقشة أعمالها؟ وتستعيد الحكومة شرعيّتها وصلاحيّاتها الدستوريّة كاملة؟ لا تستقيم حياة الدولة من دون رئيس لها: فهو وحده “يحلف بالله العظيم أنّه يحترم دستور الأمّة اللبنانيّة، وقوانينها، وأنّه يحفظ استقلال الوطن اللبنانيّ وسلامة أراضيه” (المادّة 50 من الدستور). وهو وفقًا للدستور “رئيس الدولة ورمز وحدة الوطن. ويسهر على احترام الدستور والمحافظة على استقلال لبنان ووحدته وسلامة أراضيه” (المادة 49). ألا نريد كلّ ذلك بالإحجام عن إنتخاب رئيس للجمهوريّة؟ فلنصلِّ، أيّها الإخوة والأخوات، إلى الله لكي يعطينا جميعًا نعمة الإصغاء لكلامه، فيعود كلّ واحد وواحدة منّا إلى صوت ضميره، صوتِ الله في أعماق كلّ إنسان. له المجد والشكر الآن وإلى الأبد، آمين”.
وبعد القداس، اقام رئيس بلدية مجد المعوش روميو ياغي مأدبة تكريمية للبطريرك الراعي وللفاعليات النيابية والسياسية والبلدية والاختيارية والإعلامية في دارته. والقى كلمة ترحيبية بالبطريرك الراعي قال فيها: ”
أقام رئيس بلدية اتحاد بلديات العرقوب والحرف رئيس بلدية مجد المعوش روميو ياغي مأدبة عشاء على شرف البطريرك الراعي والفاعليات المشاركة في القداس، وألقى كلمة قال فيها: “مساء البطريركين مار بشارة بطرس الراعي الذي يزيّن ضيعتنا والطوباوي اسطفان الدويهي الذي صنع مجد لبنان وكان المعلّم بكل معنى الكلمة وزرع روح القداسة في الكنيسة. مجد المعوش التي عاشت والنعمةبوجود البطريرك اسطفان الدويهي فيها والتي تباركت من صلواته تكبر بوجود البطريرك الراعي وبوجود كل شخص مؤمن بأن لبنان لا يرتاح إلا بصلوات القديسين”.
وأضاف ياغي: “بطريرك الشراكة والمحبة والحياد الإيجابي اليوم في مجد المعوش يزيح الستارة عن تمثال الطوباوي الجديد وكلنا أمل قريباً أن يزيح الستارة عن لبنان الجميل، لبنان الحياة، لبنان القداسة والايمان”.
وتابع: “مجد المعوش هي صورة صغيرة عن لبنان، فيها من الوطنية ومن الايمان بيوت. وفي الوقت الذي تخاف فيه كل الناس نحن لسنا خائفين لأن القديسين الذين تمسكوا بهذه الأرض علّمونا أن لبنان رسالة، وعلّمنا مار شربل أن لبنان قداسة وعلّمتنا القديسة رفقا أن الوجع مرحلة إنما السلام آت، وعلّمنا القديس نعمة الله الحرديني أن بالعلم خلاصنا واليوم الطوباوي الجديد البطريرك اسطفان الدويهي يقول لنا من قلب الحرب هناك أمل وهناك ضوء آت من الايمان”. وختم “مجد المعوش تكبر فيكم ونحن وأنتم مكملون لأنه من خلال وحدتنا وصلابة وقوة ايماننا المسيحي والاتكال على الله وقديسينا فقط نحمي لبنان”.
من جهته، رأى نائب رئيس بلدية المعوش جاك صابر، أن “ليس صدفة وليس مستغرباً أن يلجأ البطريرك المطوب في وقت الشدة الى المجدل وهي كلمة تعني الحصن. فأن تبعد هذه الشخصية التاريخية المميزة المحصنة بكلمة الحق والمملوءة بنور الايمان عن صغائر السياسات الضيقة لتختلي بقرية كانت آنذاك صومعة للايمان الحق، وبعد روما وما تمثل والكرسي البطريركي الذي استحق وعن جدارة مجد لبنان، اعتصم البطريرك في مجد المعوش ليبث فيها روح التقوى وحب العلم ولتمنحه ولاء المؤمن والتسليم للعناية الالهية وتأييد المسيرة”.
مواضيع ذات صلة :
نقل تمثال الطوباوي الدويهي من محترف علوان في أيطو إلى كنيسة سيدة زغرتا | المكاري: مبروك للبنان بابن إهدن على طريق القداسة |