حرب غزة: فاتورة باهظة دفعتها قطاعات عدّة في الشرق الأوسط!
اقتصادات دول الشرق الأوسط تتأثر بالعوامل الخارجية، على خلاف ما يحصل في اقتصادات الدول المتطورة، التي تمتلك عناصر داخلية تجعلها أقل عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية، كالصين والولايات المتحدة وروسيا فهي أكثر تحصنا ضد الأحداث الخارجية من اقتصادات الدول الصغيرة، أو تلك التي تعتمد على الأسواق الخارجية
كتب أنطوان سعادة لـ”هنا لبنان”:
أنهت الحرب على غزة وجنوب لبنان شهرها العاشر، ولم تقتصر الأضرار على حدود مناطق النزاع، إنما توسعت إلى كل دول المنطقة وخصوصاً الدول المحيطة بإسرائيل، إذ تضرر اقتصادها بصورة كبيرة، لأنّ الاقتصادات الحديثة لم تعد محصنة من التغيرات التي تحصل، كما أنها متصلة ببعضها، فالتجارة العالمية والتفاعل بين الدول والشركات، جعلتها تتأثر بالأحداث الخارجية، سواءٌ أكانت على صعيد السياحة والسفر، خطوط الملاحة البحرية، النفط وأسواق الطاقة، أسواق المال، والشحن وأسعار الغذاء.
اقتصادات دول الشرق الأوسط، تتأثر بالعوامل الخارجية، على خلاف ما يحصل في اقتصادات الدول المتطورة، التي تمتلك عناصر داخلية تجعلها أقل عرضة للتأثر بالعوامل الخارجية، كالصين والولايات المتحدة وروسيا فهي أكثر تحصناً ضد الأحداث الخارجية من اقتصادات الدول الصغيرة، أو تلك التي تعتمد على الأسواق الخارجية.
الحرب على غزة جعلت المنطقة كلها تبدو غير مستقرة الأمر الذي أثَّر سلباً على السياحة في كل من لبنان مصر والأردن، والتي تعتمد على إيرادات السياحة الخارجية.
السياحة والسفر
القطاع السياحي في بعض دول الشرق الأوسط يعتبر محركاً أساسياً لاقتصاداتها، ولكن التوترات المتصاعدة في المنطقة قضت على قطاعي الخدمات والسياحة، خصوصاً في لبنان والأردن ومصر خلال أبرز مواسم العام، وأمام التطورات المتسارعة بدأت الأرقام في المجال السياحي تحبط أرباب المرافق في لبنان الذين راهنوا على نمو الحركة الوافدة، وفي الفترة الأخيرة سجلت شاشة المغادرين والقادمين من وإلى مطار بيروت إلغاء لعشرات الرحلات.
الأردن أيضاً يعتمد على السياحة كقطاع أساسي في الاقتصاد وقد تأثر سلباً نتيجة الحرب مع تراجع عدد الوافدين إلى 2.3 مليون سائح عام 2024 مقارنة بـ2.5 مليون في الفترة نفسها من عام 2023 وتراجعت عائدات السياحة إلى 3.3 مليار دولار.
أما في مصر التي يرتكز إقتصادها أيضاً على السياحة فتضرر القطاع خلال الربع الأخير من العام الماضي وتراجع أكثر من 10% على أساس سنوي.
النفط وأسواق الطاقة
رغم تقلب أسواق الطاقة وفقًا للتطورات الإقليمية، إلا أن الأسواق لم تشهد سوى تحركات محدودة نسبيًا على مدى الأشهر الماضية، علما أن أسعار النفط قفزت أكثر من دولارين للبرميل بعد ساعات فقط من اغتيال زعيم المكتب السياسي لحركة حماس. ويراقب المستثمرون عن كثب فرص توسع الأعمال العدائية المتصاعدة بين إسرائيل وإيران التي يمكن أن تهدد إمدادات النفط العالمية ومن ثم ارتفاع أسعار الطاقة، إذ أن أكثر من نصف احتياطات النفط الخام موجودة في المنطقة. وتبقى المخاوف من اندلاع حرب شاملة قد تؤدي إلى هجمات على منشآت الطاقة، وعندها سيكون لها تأثيرات عالمية.
أسواق المال
بحسب المدير التنفيذي لشركة VI Markets أحمد معطي أكد لـ”هنا لبنان” أن في الخامس من آب شهدت الأسواق تراجعات عنيفة ولهذا السبب تم تسميته الإثنين الأسود وهو إنعكاس لمزيد من المخاوف الموجودة في الشرق الأوسط وللتوترات الجيوسياسية بإنتظار ما إذا سترد إيران بضربة أم لا، بالإضافة إلى وجود تباطؤ لمؤشرات الاقتصاد الأميركي في الوقت نفسه. وأضاف معطي أن دخول أوكرانيا إلى الأراضي الروسية شكّل حالة من الذعر لدى المستثمرين. في المقابل شهد الذهب ارتفاعاً إلى أعلى مستوياته ليسجل 2475 دولار للأونصة. وشدد معطي أن كل هذه العوامل تجعل الأسواق في حالة إضطراب وتباين في الأسعار.
الشحن وأسعار الغذاء
توسع نطاق الصراع في جميع أنحاء المنطقة من شأنه أن يؤدي إلى زيادة تكاليف الشحن والتأمين مما سيؤدي بعد ذلك إلى ارتفاع الأسعار للمستهلكين بالإضافة إلى أن الاضطرابات في البحر الأحمر تؤثر سلباً على حركة الشحن عالميا بشكل عام، وعلى عوائد مصر من قناة السويس.
إسرائيل هي الأخرى تضررت ضرراً فادحاً، فبالإضافة إلى الخسائر البشرية والمادية التي تتكبدها يوميا، فإن صناعاتها التكنولوجية، التي كانت تشكل 20% من الناتج المحلي الإجمالي، حسب مجلة “الإيكونوميست”، قد توقفت كلياً بسبب انسحاب المستثمرين وعزوف الزبائن عن التعامل مع الشركات الإسرائيلية، بينما انتقلت الأيدي العاملة من المصانع إلى الجيش.
مواضيع مماثلة للكاتب:
الحكومة تبدأ بخطة أولية لإعادة الإعمار … فما هي تفاصيلها ؟ | في حال أنفقت الدولة كل “السيولة”.. هل تتجه إلى إحتياطي مصرف لبنان؟ | بعد إنتخاب ترامب.. ما هي التداعيات الاقتصادية على لبنان؟ |