لبنان عالق في “العتمة”.. حلول “ترقيعية” وتعويل على “الهبات”
تحولت هبة الفيول الجزائرية لإنقاذ لبنان من “العتمة” إلى باب إضافي يكشف تخبّط وعجز وقصور الحكومة والوزارات والإدارات المعنية بمعالجة أم الكوارث اللبنانية، أي ازمة الكهرباء.
وكان لبنان قد دخل في الظلام منذ السبت الماضي، مع الانقطاع الشامل الذي لم يستثنِ حتى المرافق الحيوية.
غير أنّ معالم الانفراج ظهرت مع تلقي رئيس الحكومة نجيب ميقاتي اتصالاً من رئيس وزراء الجزائر نذير العرباوي الذي عبّر عن دعم بلاده للبنان ووقوفها الى جانبه، وأبلغ ميقاتي أنه “بتوجيه من الرئيس الجزائري عبد المجيد تَبُّون، سيتم تزويد لبنان فوراً بكميات من النفط لمساعدته في تجاوز الأزمة الحالية في قطاع الكهرباء”.
كذلك، تلقى وزير الطاقة والمياه وليد فياض اتصالاً من نظيره الجزائري محمد عرقاب عبّر خلاله عن رغبة بلاده، بتوجيه من الرئيس الجزائري عبد المجيد تبّون، بمساندة لبنان في تأمين الوقود لتخطي أزمته من خلال تزويده بهبة من الغاز أويل، تُحدد كميتها وفقًا للمحادثات التي سيستكملها الطرفان. وثمّن فياض “مبادرة الجزائر التي لطالما وقفت إلى جانب لبنان، ولم تألُ جهدًا، دولةً وشعبًا ومؤسسات، للمساهمة في نجدته ومساعدته في أزماته، تماماً كما العراق الشقيق، المتضامن مع لبنان في كل أزماته والمستمر في تزويده بالفيول للنهوض بقطاع الطاقة”.
ويستقبل وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال الدكتور عبدالله بو حبيب اليوم، في مكتبه في الوزارة، سفير الجزائر في لبنان رشيد بلباقي.
وفي غضون ذلك تقرر بعد اجتماع مجلس إدارة كهرباء لبنان الإستثنائي الذي عقد امس إستعارة 5000 كيلو ليتر ديزل من منشآت الزهراني على سبيل الإعارة.
وتمت أيضاً الموافقة على تغطية ثمن شراء باخرة 30 الف MT SPOT CARGO من الغاز أويل بناءً على موافقة مجلس الوزراء الذي انعقد الأربعاء الفائت.
ومساء أمس أكد الوزير فياض أنه “من المفترض أن تعود التغذية تدريجياً كنقطة أولى إلى حين وصولspot cargo في 25 آب الجاري”.
وكانت مؤسسة كهرباء لبنان قد حاولت إبعاد مسؤولية ما حصل عنها، مؤكدة أنّها “ومنذ شهر أيار 2024 وهي تراسل بصيغة عاجل وهام جدا جميع المعنيين، من أجل تدارك مسألة أي خلل من شأنه أن يؤثر في ديمومة إنتاج الطاقة، ومما سيؤدي إلى توقف معملي الزهراني ودير عمار عن الإنتاج قسريا”.
وقالت مصادر معنية بملف الكهرباء لـ”الديار” إنّ “كل المعنيين بالملف لم يقوموا بواجباتهم، بدءا من الوزارة التي بقيت متفرجة، مرورا بإدارة مؤسسة كهرباء لبنان التي لم تنجح في الجباية كما يجب، وتؤمن الاموال اللازمة لتسديد المستحقات للعراق، وصولا الى رئاسة مجلس النواب التي يفترض ان تدعو لجلسة طارئة، لاقرار قانون يسمح بدفع المستحقات اللازمة”.
وبحسب بيان المنشآت أمس، “بدأ ضخ الكمية المطلوبة من الوقود عند الثالثة فجراً، على سبيل الإعارة، عبر خط الجر الذي يربط المنشآت بالمعمل”، وهو ما أكّده وزير الطاقة والمياه وليد فياض.
ولكن هذا التدبير لن يعيد الكهرباء للمواطنين سريعاً، بل يقتصر الآن على خطوط الخدمات العامة التي تغذي المرافق الحيوية للدولة، مثل المرفأ، ومضخات المياه الرئيسية، والمطار الذي “أعاد أمس تشغيل مولداته الاحتياطية ليستمر بالعمل، على أنّ هذه الطريقة هي استثنائية»، بحسب تصريح لوزير الأشغال العامة والنقل علي حمية، و«ليست قاعدة يمكن الاستمرار به”.
الحل الأولي لإعادة تشغيل معامل الكهرباء الحرارية انطلق إذاً، إلا “أنّه لن يوفر طاقةً سوى بقدرة لا تتجاوز الـ150 ميغاواط”، وفقاً لفياض الذي وضع خطة من 5 مراحل، تصل في نهايتها قدرة الطاقة على الشبكة العامة لأكثر من 800 ميغاواط. وفي المرحلة الثانية التي انطلقت أيضاً، ستُضاف 100 ميغاواط من الطاقة، حولتها مصلحة الليطاني من محطاتها الكهرومائية إلى الشبكة العامة، ما سيرفع من قدرة الطاقة على الشبكة لحدود 300 ميغاواط.
ولكن ما سبق غير كافٍ لإعادة التغذية إلى ما كانت عليه مطلع الشهر الحالي، أي بحدود 4 ساعات يومياً، ولن يستمر لأبعد من الخامس والعشرين من شهر آب، إذ تنفد حينها كمية الوقود «المستعارة» من منشآت النفط.
وهنا يشير فياض إلى “أنّه ابتداءً من السادس والعشرين من شهر آب الجاري، من المفترض انطلاق المرحلة الثالثة، إذ سترفع القدرة الإنتاجية من الطاقة لحدود 600 ميغاواط»، على إثر توقعه وصول الباخرة “هيلين” القادمة من مصر، والمحملة بـ30 ألف طن من مادة الغاز أويل، ما سيتيح تشغيل معملَي الزهراني ودير عمار بالقدرة الكافية لإعادة تغذية المواطنين بالكهرباء”.
ويأتي توقع فياض هذا بناءً على تلزيم وزارة الطاقة والمياه نهائياً مناقصة شراء الوقود لمصلحة مؤسسة كهرباء لبنان، وتأمين ثمن المحروقات البالغ 25 مليوناً و557 ألف دولار من جباية فواتير الكهرباء.
وفي المدة الممتدة من 6 حتى 30 من شهر أيلول المقبل، ستبدأ المرحلة الرابعة من الخطة. وخلالها، “سيصل إلى لبنان 60 ألف طن من الوقود المستبدل بناءً على الاتفاقية مع الجانب العراقي»، بحسب فياض.
ووفقاً لرسالة شركة تسويق النفط العراقية “SOMO”، سيبدأ تحميل السفن بالفيول ذي التركيز العالي بالكبريت في 24 من شهر آب الجاري في مرفأ البصرة العراقي، على أن تتم عملية الاستبدال في الأيام اللاحقة.
أما في المرحلة الخامسة، ووفق ما أعلن فياض فإنّه “سيستمر تدفق الوقود من العراق، وسيجري تشغيل المحركات العكسية في معملي الذوق والجية من قبل شركة MEP، ما سيتيح رفع قدرة إنتاج الطاقة 200 ميغاواط إضافية على الـ600، وبذلك تكون الطاقة الموضوعة على الشبكة بقدرة تزيد عن 800 ميغاواط”.
هذا ويتوقع أن تصل الأسبوع الأوّل من شهر أيلول شحنة فيول أويل عراقية لمعامل الإنتاج، في حين تفيد المعلومات أن وزارة الطاقة تتطلّع إلى رفدَ شبكة الكهرباء بإنتاج آتٍ من المعامل المائيّة التابعة للمصلحة الوطنية لنهر الليطاني، علماً أن تلك المياه لا تستطيع رفد شبكة الكهرباء بالطاقة لأكثر من أسبوع كحدٍّ أقصى، فهي تعتمد بشكل أساسي على منسوب مياه بحيرة القرعون.
إلى ذلك وافق مجلس كهرباء لبنان على تحويل 20 مليون دولار الى المصرف المركزي ليتمّ دفعها للعراق من ثمن شحنة الفيول أويل.
مواضيع ذات صلة :
“أبواب الجحيم” فُتحت في لبنان.. وخطة فرنسية – أميركية لوقف إطلاق النار! | الجزائر: إسرائيل تسعى لتحويل لبنان إلى غزة أخرى | ورط نفسه في قضية مخدرات هربًا من زوجته! |