46 عاماً على غياب “إمام الوحدة” موسى الصدر!
لم يكن الإمام المغيّب موسى الصدر، إماماً للشيعة فقط، بل كان رمزاً لبنانياً، بخطابه العابر لكل الأفرقاء، وبفكره الذي لم يحمل أيّ بعدٍ طائفي، وبانفتاحه وثقافته وإيمانه بمبدأ الدولة.
وليس غريباً أن يبقى الإمام حتى يومنا هذا حيّاً كفكرة، ليس فقط في ذاكرة حركة أمل التي أسسها، بل أيضاً بذاكرة جميع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم الدينية والسياسية.
موسى الصدر والذي كان يرّدد دائماً وفي كل مجالسه أنّ لبنان لا يقوم إلاّ بجناحيه المسلم والمسيحي، وكان يؤكد أنّ “الطائفة نعمة أما الطائفية فهي نقمة”، ترك بغيابه فراغاً واسعاً على الساحة اللبنانية، فيما بقي من يناصره ويتبع لحركته يحيا على أمل عودة إمام “المحرومين”.
وهذا الأمل، لا يعدّ غريباً، فمن عاصر موسى الصدر يدرك جيداً ما يمثّله، فهذا الإمام الاستثنائي كان دعامة وطنية، وعند اختفائه إثر زيارته إلى ليبيا، انتفض اللبنانيون، ووفقاً لما يؤكده من واكبوا تلك المرحلة، فإنّ تلك الانتفاضة الشعبية حينها ارتبطت بشعار “نريد الإمام يا عرب”..
إلى ذلك، يتذكر الذين عايشوا حقبة الإمام الصدر، الكثير من المواقف التي كانت تصدر عنه والتي إن كانت تدلّ على شيء فهي وطنيته، وما أحوجنا لهذه الوطنية في هذه المرحلة العصيبة التي يمرّ بها لبنان.
وأكثر المواقف التي يتم تناقلها والاستشهاد بها، هي حينما ذهب الإمام بسيارته إلى البقاع الشمالي، وعمل على وقف الاقتتال الذي كان دائراً آنذاك بين القرى المسلمة والمسيحية، وهناك قال الصدر عبارته الشهيرة: “من يعتدي على مسيحيّ كأنه يعتدي على عمامتي”.
وهذه العبارة، ليست بعيدة لا عن فكر الصدر ولا على المبادئ التي كان يؤمن بها ويدعو لها، فهو ممن رفعوا الصوت لإحقاق المساواة بين المواطنين في الحقوق، وكان لديه قبولاً من قبل الجميع، ما جعله يخطب في الكنائس كما في الحسينيات.
إيمان الصدر بفكرة لبنان الوطن الواحد، دفعه إلى القيام بجولة عربية لتحقيق هذا الهدف، وذلك لقناعة منه بامتداد لبنان العربي، هذه الجولة التي شملت ليبيا حيث لبّى دعوة الرئيس معمّر القذافي، أسفرت عن “تغييبه”، إذ شوهد ورفيقاه لآخر مرة في 31 آب 1978، لتنقطع بعد ذلك جميع الأخبار عنه.
الحديث عن الإمام موسى الصدر يطول، ولكن يبقى أنّ لبنان يفتقد هذه القامة، ويفتقد المبادئ التي ترفض منطق التفرقة، فمدرسة موسى الصدر السياسية هي مدرسة بناء الأوطان لا تهديمه، وخطابه هو خطاب الوحدة لا الطائفية.
46 عاماً، والإمام ما زال رمزاً وسيبقى، فالأوطان لا تنسى من بذلوا الغالي والنفيس لأجلها.
مواضيع ذات صلة :
بلبلة في البسطة الفوقا.. توقيف صاحب المبنى! | الاعتداء على مغارة الميلاد التي وضعت في ساحة فاريا | ونحن أيضاً أشلاء.. |