الذكاء التوليدي رفع الأنظمة المفتوحة المصدر إلى ذروة غير متوقعة؟ لماذا قد يهتم العرب بذلك؟

تكنولوجيا 31 آب, 2024

ربما لا يبدو مهماً ذلك الخبر عن تجاوز حصة نظام تشغيل الكومبيوتر “لينوكس” الـ4.45% من سوق أنظمة التشغيل، لكن ربما كان وراء الأكمة ما وراءها. ولعل الأمر المهم يتمثل في أن “لينوكس” نظام تشغيل كومبيوتر مفتوح المصدر
Open Source Operating System، أي أن شيفرته الأساسية متاحة للجمهور والمتخصصين، وأن عدداً كبيراً من أنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي تعمل بأسلوب التشفير المفتوح المصدر.

رقم صغير؟ لكن دلالته وازنة

وقبل أيام قليلة، نشر مؤشر “ستات كاونتر” StatCounter المعتمد كمرجع في سوق أنظمة تشغيل الحواسيب، أن “لينوكس” تجاوزت حصته في ذلك السوق الـ4.45%.
وقد لفت ذلك الرقم المتواضع أنظار كثيرين لأنه أكد أن الفترة الأخيرة شهدت صعوداً مستمراً لـ”لينوكس”. وكذلك شكل تخطياً لرقم 4% الذي وصل إليه “لينوكس” للمرة الأولى في شباط (فبراير) الماضي، بعد سنوات طويلة من التأرجح بين مجموعة من الأرقام تحت الأربعة في المئة، بل إنه لم يثبت فوق الثلاثة في المئة إلا في تموز (يوليو) الفائت.
وفي عدد من المواقع المتخصصة، مثل “داتا كامب” Data camp “زد نت” zdnet و”يور جي بي تي” yourgpt و”غيت هاب” Github و”هارد فوروم” hardforum وغيرها، تُرجِم تسجيل “لينوكس” حصة 4.45% بأنه تكريس لصعود ثابت لـ”لينوكس”، بل رجح بعض المحللين أن يصبح المنافس الثالث بين نظم تشغيل الكومبيوتر، بعد “ماك أوس” Mc OS (نظام التشغيل لـ”آبل” في أجهزتها كلها) و”ويندوز” Windows المارد الهائل في ذلك الحقل. وقد هيمن “ويندوز” على سوق أنظمة تشغيل الكومبيوتر، وسجل ذروة في العام 2021 بحصة لامست التسعين بالمئة من ذلك السوق العالمي، لكنه الآن يشغل أكثر من ثلاثة أرباع أجهزة الكومبيوتر في العالم. وكذلك يلاحظ أن “ماك أوس” سجل أفضل أرقامه في 2020 بحصة بلغت نحو 19%.

ظلال تنافس تاريخي لم ينتهِ

إذاً، لماذا كل ذلك الاحتفاء برقم “لينوكس” المتواضع؟
بالعودة إلى معظم المواقع الآنفة الذكر، نجد أنها اهتمت بالتنافس التاريخي بين نظم تشغيل الكومبيوتر التي توصف بأنها معيارية وشيفرتها غير مفتوحة، خصوصاً بين “ويندوز” و”ماك أوس”.
وفي سياق ذلك التنافس، برزت النظم المفتوحة المصدر منذ خمسينات القرن العشرين ورافقت البدايات الأولى لأنظمة التشغيل، خصوصاً “كيرنل” Kernel الذي تخصص آنذاك في الأجهزة الضخمة المعروفة بإسم “ماين فرايم” في إشارة إلى أنها أجهزة أساسية، تستند إليها مجاميع من الأجهزة الإلكترونية المؤتمتة. [بعد ذلك، صارت كلمة كيرنل تستعمل كصفة لبرامج تعمل على مدى واسع يمتد من قلب شيفرة نظام التشغيل إلى شاشات استخدام الأجهزة الذكية].
ومنذ ستينيات القرن العشرين، تكرست الأنظمة المعيارية المغلقة Standardized Systems، التي لا تُكشف شيفرتها الأساسية بل تُحرس كأنها سر نووي، كأساس للحواسيب. ويعتبر نظام “ويندوز” من أبرز الأمثلة على الأنظمة المعيارية المغلقة.
وفي مطلع التسعينيات من القرن الماضي، ابتكر لينوس تورفالدوس النواة الأولى لنظام “لينوكس” المفتوح المصدر.
وبشكل دائم، لم تستطع النظم المفتوحة المصدر أن تشكل منافساً تجارياً قوياً، لكنها شكلت بديلاً وخياراً متاحاً باستمرار، ألقى بظلاله على مجمل تطور المعلوماتية والاتصالات المتطورة وأجهزتها وطرق عملها.
ومثلاً، صنع “غوغل” نظام تشغيل الهواتف الذكية “آندرويد” Android بأسلوب التشفير المفتوح المصدر، وحقق نجاحاً مدوياً، شمل انتقاله إلى تشغيل الحواسيب المحمولة.
وفي مثل آخر، ظهرت مبادرات استراتيجية كبرى مستندة إلى التشفير المفتوح المصدر، على غرار “كرييتف كومونز” Creative Commons التي جاءت ضمن منظومات مشابهة حاولت المساهمة في تقليص الفجوة الرقمية بين الدول النامية والناشئة مثلاً.
إذاً، لا تقتصر أهمية “لينوكس” على مساره المباشر، بل تشمل أن ذلك المسار يحرك أمدية استراتيجية في المعلوماتية.

الشيفرة المفتوحة في قلب الذكاء التوليدي

وفي منحىً لم تتناوله تلك المواقع، من المستطاع بسهولة ملاحظة أن “لينوكس” والنظم المفتوحة المصدر، لها علاقة قوية مع القفزة النوعية التي تحققت مع الذكاء الاصطناعي التوليدي، التي تعتمد مجموعة مؤثرة منها على استراتيجية التشفير المفتوح المصدر.
ويفترض أن يفتح العرب أعينهم على وسعها في هذه المساحة، خصوصاً أن معظم مبادراتهم في صنع نماذج الذكاء التوليدي، تستند إلى نماذج أساسية تعمل بالتشفير المفتوح المصدر. ولعل المثل الأبرز هو نظام “فالكون” الذي اشتغلت عليه دولة الإمارات العربية المتحدة، بالاستناد إلى نظام “للاما” الذي صنعته شركة “#أوبن إيه آي”Open AI الشهيرة.
وتوضيحاً، يشار إلى أن المقصود بنظام الذكاء التوليدي المفتوح المصدر هو النموذج اللغوي الكبير Large Language Model الذي يكشف أولاً عن المؤشرات المستخدمة في تدريب خوارزمياته، فتصبح في متناول العموم. وبالتالي، يغدو مستطاعاً أخذها وتعديلها وتغييرها وفق متطلبات من يستخدمها من المبرمجين والمتخصصين وهواة التكنولوجيا وغيرها. وثانياً، وفي صفة أكثر أهمية، ينطبق وصف المصدر المفتوح على النموذج اللغوي الكبير للذكاء الاصطناعي حين يكشف أيضاً عن كل الشيفرة الأساسية يستند إليها في عمله. وباختصار، يشمل تعريف النموذج التوليدي المفتوح المصدر، الكشف عن المؤشرات المستعملة في التدريب، إضافة إلى الشيفرة الأساسية المستخدمة في برمجته بالكامل.
إذاً، يمكن اعتبار صعود “لينوكس” الأخير، وتوقع استمراره أيضاً، بمثابة هبة نسيم عليل وجرعة منشطة، لعمل الأدمغة العربية التي تنشط، خصوصاً في دول الخليج العربي، في العمل على أنظمة الذكاء التوليدي المفتوح المصدر.
أبرز عشرة أنظمة ذكاء توليدي مفتوحة المصدر
 01-للاما 3Llama (شركة ميتا)
 02-سنو فليك أركيتك Snow Flake Arctic
 03-فايا 3 Phi-3 (مايكروسوفت)
 04-فيكونا 33ب Vicuna-33B
 05-كوهِر كوماند آر+ Cohere Command- R+
 06-ستابيل بيلوغا 2 Stable Beluga 2
 07-كوين 2 Qwen 2
 08-كوهِر إيه آي آيا Cohere AI Aya
 09-غيما Gemma
 10-ميسترال كودسترال Mistral Codestral
وتمثل ميسترال حالة خاصة، لأنها قدمت دوماً باعتبارها مشروعاً وطنياً فرنسياً في الذكاء التوليدي، لكن مصادر كثيرة تشير إلى علاقتها المالية الوطيدة مع مايكروسوفت التي ترعى “أوبن إيه آي” Open AI صانعة برنامج “شات جي بي تي” الشهير وتنوعاته كافة.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us