بلبلة قبل أيام من بدء العام الدراسي الجديد… فهل تُلغى الـ50 دولار؟
قبل أيام قليلة من بدء العام الدراسي الجديد، أثار قرار وزير التربية عباس الحلبي بتحديد كلفة تسجيل الطلاب في المدارس والثانويات الرسمية بمبلغ 4 ملايين وخمسمئة ألف ليرة (تقريباً 50 دولار) حالة من الارتباك والقلق بين الأهالي والمدارس. فالجميع يترقب بفارغ الصبر توضيحات حول مصير هذا المبلغ، وسط تساؤلات عن تأثير أي تغييرات على النظام التعليمي في ظل الوضع الاقتصادي الراهن.
هذا القرار يثير تساؤلات حول التزام لبنان بمبادئ الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الذي ينص على مجانية التعليم في المراحل الابتدائية والأساسية، ويطرح قلقًا بشأن تأثيره على قدرة الأسر على توفير التعليم لأطفالها في ظل الأزمات المالية الراهنة.
فبحسب الفقرة (ب) من مقدمة الدستور “لبنان عضو مؤسس وفاعل في الأمم المتحدة، وملتزم بأحكامها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان”، مما يلزم الدولة اللبنانية، وتحديداً وزارة التربية، بالامتثال لما ورد في الإعلان فيما يتعلق بالتعليم. وتنص المادة 26 منه على أن “لكل فرد الحق في التعليم، ويجب أن يكون مجانياً، على الأقل في مرحلتيه الابتدائية والأساسية، وأن يكون التدريس الابتدائي إجباريا”. مما يعني ان التحصيل العلمي في هاتين المرحلتين يجب أن يكون دون مقابل مادي.
من جانبه، يقول رئيس لجنة الأساتذة المتعاقدين في التعليم الأساسي في لبنان الدكتور حسين محمد سعد لـ “الديار”: يعلم الجميع “أن الأقساط في المدارس الخاصة منذ نحو خمس سنوات، لا تزال في ارتفاع مستمر. وقد أصبحت هذه الزيادات التي تعتمدها المدارس الخاصة، جزءا من سياسة التعليم الخاص في لبنان. وبات من الواضح أنها تتمتع أيضا بحرية مضاعفة الرسوم بشكل مستقل وغير منتظم، مما يؤدي إلى تعاظم الضغط المالي على الأسر اللبنانية”.
ويضيف “مقابل هذا الارتفاع في الأقساط، يشهد القطاع الرسمي زيادة في عدد الطلاب الذين انتقلوا من المدارس الخاصة إلى الرسمية، لا سيما مع بدء تسجيل الطلاب في كلا القطاعين. لذلك صار المواطن اللبناني الذي لا يستطيع تلبية طلبات المدارس الخاصة بسبب ظروفه الاقتصادية، مضطرا إلى البحث عن خيارات ميسرة، ولا يجد أمامه بديلاً سوى المدارس الحكومية”.
ويشير إلى أن “العائلة اللبنانية تبقى الحلقة الأضعف أمام المدارس الخاصة في لبنان، لأن الارتفاعات في الأقساط غير قانونية، وتُفرض بطريقة عشوائية دون محاسبة الجهات المعنية، ضمن الأطر الرقابية التي نص عليها القانون 515”.
ويكشف سعد ان “مقابل تعليم الطلاب النازحين من سوريا، تجد الدولة اللبنانية نفسها رهينة للدول المانحة، بالإضافة الى ذلك لا توجد سياسة مستقلة في وزارة التربية تلبى رغبات هذه الجهات. ولتخفيف الاستغلال من قبل الداعمين وتمويل الصناديق في المدارس الرسمية، لجأت وزارة التربية إلى فرض هذه القيمة. ورغم التأثير السلبي لهذه المسألة في الأهل، ومع ذلك لا أعتقد أن مبلغ 50 دولارا يشكل عبئا كبيرا على أي أسرة لبنانية، حيث إن غالبية أولياء الأمور قادرون على تأمين هذه المساهمة ، بدلاً من التوجه إلى مؤسسات خاصة ودفع تكاليف خيالية”.
خفض قيمة تسجيل الطلاب ضرورة
بدوره، قال مفوّض التربية في الحزب التقدمي الاشتراكي سمير نجم في حديث لـ”النهار”: “نحن حزب عمالي يراعي الفئات الاجتماعية الأكثر فقراً، وغالبية العائلات في الأماكن الفقيرة تُسجّل أبناءها في المدارس الرسمية، وقد يكون مبلغ الـ50 دولاراً مرهقاً لها خاصة ممّن لديه ثلاثة أولاد أو أكثر، ويكفيها لتأمين حاجياتها المعيشية لمدة أسبوع، وثمة من يعمل براتب لا يتعدّى الـ200 دولار شهرياً”.
لا ينفي نجم حقّ وزارة التربية في تمويل صندوق الأهل في المدارس لتغطية التكاليف التشغيلية، لكنّه يرى ضرورة للبحث عن مصادر أخرى لتغطية هذه التكاليف، مقترحاً “تمويلها من خزينة الدولة، وأن تأخذ الحكومة المبادرة لتمويل الصناديق”، مشيراً إلى أنّ “اليونسيف كانت تموّل هذه الصناديق خلال فترات سابقة، وثمّة وعود غير مؤكدة اليوم بإمكانية التمويل”.
ويضيف نجم: “عدد من المدارس يضطرّ لدفع رواتب الأساتذة المتعاقدين من هذه الصناديق، والمدارس الجبلية تُغطي تكاليف المازوت والتدفئة”، مؤكداً أنّ “هذه القضية تحتاج إجماعاً وطنيّاً، وأحد الحلول تتمثّل بتخفيض قيمة الرسم إلى مليونَين ليرة أو ثلاثة”.
ردود أفعال مستمرة
ومن جهتها، رأت مفوضية التربية والتعليم في الحزب “التقدمي الاشتراكي”، أنها لطالما “طالبت بالإجراءات التي تهدف إلى تحسين الواقع التربوي وتحصينه، ودعم المدرسة الرسمية والتعليم الرسمي، لكي يبقى متاحاً ومتوفراً للجميع ضمن مبدأ عدالة التعليم ومجانيّته وتكافؤ الفرص. وهذا ما لا ينطبق على الإجراء الذي اتخذه وزير التربية بفرضه رسم خمسين دولاراً على الطلاب في المدارس الرسمية، ولا تبرير له على الإطلاق. لذا فإنّ الوزير مطالبٌ بالعودة عنه، بما يعطي الحق لكل الطلاب بالتسجيل في المدرسة الرسمية من دون معوقات”.
وكتب الرئيس السابق للحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط عبر منصة “أكس”: “قرأت في مكان ما أنّ رسمًا بقيمة خمسين دولار سيفرض على التلميذ كي يسجل في المدرسة الرسمية .هذه المقاربة مخالفة للدستور وللحدّ الأدنى من العدالة الاجتماعية ولمبدأ مجانية التعليم لذا أرفض هذا الإجراء جملة وتفصيلًا”.
يذكر ان النائب أشرف ريفي كان دعا في منشور كتبه على منصة “اكس” وزارة التربية الى التراجع عن رسم الـ 50 دولاراً لتسجيل التلامذة في المدارس الرسمية. كما طالبها بوضع سقفٍ للأقساط في المدارس الخاصة، يتناسب مع الوضع الاقتصادي الصعب. واعتبر انه من غير المسموح هذا الانفلات في غلاء الأقساط “الناس لم تعد تحتمل”.
كما طالب النائب رازي الحاج في بيان وجهه إلى وزير التربية عباس الحلبي بالوفاء بوعده بما خصّ تسجيل الأجانب في المدارس الرسمية في دوام بعد الظهر، كما هي الاجراءات في دوام قبل الظهر، وضرورة حيازتهم على إقامة صالحة صادرة عن الامن العام اللبناني تطبيقاً للقانون.
مواضيع ذات صلة :
الحلبي: نحرص على عدم تعريض النازحين للمضايقات | الحلبي: انطلاقة تدريجية للعام الدراسي | التعليم في لبنان يحارب الأزمات… تحديات ومساعٍ مستمرة لإنقاذ العام الدراسي |