الصحة الإنجابية في خطرٍ كبير… لبنان كالصين: ولد واحد لكل عائلة!


خاص 9 أيلول, 2024

لم يعد لبنان بلداً آمناً للزواج ولإنجاب الأطفال، ففي ظلّ الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون عزف العديد من الشباب والشابات عن الزواج، وتراجع العديد من الآباء والأمهات القدامى أو الجدد عن الإنجاب واختاروا “العقم الطوعي”، بحيث أنّ الصعوبات المعيشية جعلت من الأمومة والأبوة “حلماً صعباً”


كتبت ريتا صالح لـ”هنا لبنان”:

مع استفحال الأزمة الاقتصادية في لبنان باتت مقومات الحياة الأساسية صعبة المنال، ما أدى إلى نفور حاد بين الشباب من تكوين أسرة، إذ لم يعد لبنان بلداً آمناً للزواج ولإنجاب الأطفال. ففي ظلّ الظروف المعيشية الصعبة التي يعاني منها اللبنانيون عزف العديد من الشباب والشابات عن الزواج، وتراجع العديد من الآباء والامهات القدامى أو الجدد عن الإنجاب واختاروا “العقم الطوعي” بعدما أصبحت الأمومة والأبوة “حلماً صعباً”.

فهناك العديد من الأسباب التي تقف عائقاَ أمام الشباب قبل الإقدام على الزواج والإنجاب خوفاً من صعوبات الحياة اليومية والزوجية، في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد منذ العام 2019، من أزمة حليب وحفاضات، غلاء المعيشة، غلاء الأقساط المدرسية، غلاء الأدوية أو فقدانها من الأسواق والصيدليات، ارتفاع في تعرفة مراجعة طبيب الأطفال والطبيب النسائي وغلاء سعر اللقاحات، وعدم قدرة البعض على زيارة الطبيب بشكل دائم، ارتفاع كلفة المستشفيات، وغيرها من المستلزمات التي يحتاجها الأهل والأطفال يومياً.

وبات الواقع اللبناني يشهد انخفاضاً ملحوظاً بنسبة معدل الولادات اللبنانية مقارنة مع نسبة معدل الولادات لدى النازحين السوريين.
ومن هذا المنطلق، يشير الباحث في شركة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ”هنا لبنان” الى أن الازمة المالية الاقتصادية أثرت على لبنان منذ نهاية العام 2019 بشكل كبير وعلى مجمل الأوضاع لا سيما على موضوع “الزيادة السكانية”، بحيث تراجعت بشكل لافت، مضيفاً أن دراستهم تشير الى أنه منذ العام 2016 حتى العام 2019 وصلت الولادات الى 354 ألف و866 ولادة مقابل وفاة 100 ألف و 771 اي بزيادة مقدارها 254 ألف و59، أي يكون متوسط الزيادة السنوية خلال الاعوام 2016 الى 2019, 63 ألف و523 فرداً سنوياً خلال كل سنة من السنوات الاربعة. وتابع أن ما بين الاعوام 2020 الى 2023 انخفضت نسبة الولادات 271 ألف و913 مقابل ارتفاع الوفيات الى 119 ألف و101، أي بزيادة مقدارها 150 الف و812 خلال فترة الاربعة سنوات الاخيرة، أي بمتوسط سنوي 38 ألف و203، ممّا يشير الى تراجع بالمتوسط السنوي من 63 ألف 523 الى 38 ألف 203 اي تراجع بالنمو السكاني خلال هذه السنوات بمقدار 39.4%، معتبرا أن هذا التراجع كبير جداً. ولفت شمس الدين الى أن الازمة الاقتصادية أثرت بشكل كبير على هذا الموضوع بالإضافة الى جائحة كورونا التي زادت من نسبة الوفيات، وخلقت الخوف لدى البعض من امكانية الإنجاب. كما أوضح أنّ الازمة المالية أثرت ايضاً على معدلات الزواج بحيث انخفضت منذ العام 2016 الى 2023 بنسبة 13.3% وارتفعت معدلات الطلاق بنسة 7.7%، ويضاف الى تلك الازمات، موضوع الهجرة الذي أثر ايضاً على النمو السكاني في لبنان، فمنذ العام 2016 إلى العام 2023 هاجر من لبنان نحو 468 ألف ما يعني أن المقيمين في لبنان هم فوق الخمسين سنة أي في سن متقدم هم نحو 30% وإذا بقي الوضع بهذا التراجع بالنمو السكاني، فبعد 10 سنوات ستنخفض النسبة إلى 40% ثم إلى الـ50% أي نصف الشعب اللبناني يصبح للمتقدمين بالعمر، ويعتبر هذا الوضع خطراً على الديموغرافية اللبنانية.
وبالتالي أكد شمس الدين أن التراجع بالنمو السكاني في لبنان مع وجود أعداد كبيرة من النازحين السوريين الذين لديهم نسبة كبيرة من الولادات، يؤدي في المستقبل الى ارتفاع كبير بعدد السوريين، واذا استمر تراجع النمو السكاني في لبنان واستمر ارتفاع النمو السكاني للسوريين يمكن أن يصبح عدد اللبنانيين المقيمين في لبنان موازياً لعدد السوريين المقيمين في لبنان.
وأوضح أن الازمة الاقتصادية سبب أساسي في تراجع النمو السكاني، بعد أن كانت مصارف الاسكان تقدم خدمات وتسهيلات وتعطي قروضاً سكنية لحوالي 12 الف طلب، اي كان هناك 12 ألف أسرة تسعى لامتلاك منزل أو لبناء منزل، انتهت هذه الخدمات بفعل الأزمة وبالتالي لم يبق لدى الفرد مدخرات كبيرة لتأسيس عائلة، فتأخرت مشاريع الزواج وهذا كان سبباً مباشراً لتراجع نسبة الإنجاب، بالاضافة الى تراجع الرواتب والاجور وتآكل القدرة الشرائية. وختم شمس الدين أن لبنان يمكن أن يكون قد أصبح كالصين أي “لكل عائلة ولد واحد”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع مماثلة للكاتب:

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us