“البابا الأحمر” يعود إلى لبنان الرسالة: “انظر لنا”!

لبنان 12 أيلول, 2024

وصل اليوم جثمان بطريرك الأرمن الكاثوليك الكاردينال البطريرك كريكور بيدروس الخامس عشر أغاجانيان إلى مطار بيروت الدولي.

وأقيم له استقبال رسمي في “الصالون الرئاسي”، في حضور النائب جان طالوزيان وقائد جهاز أمن المطار العميد فادي الكفوري وقائد سرية قوى الأمن الداخلي في المطار العميد عزت الخطيب وحشد من المطارنة.

وقد زينت قاعة الصالون الرئاسي بالورود وصور البطريرك.

وكان قد غادر جثمان البطريرك أغاجانيان المعهد الأرمني الحبري في روما، بعد أن بقي جثمانه في الكنيسة لمدّة 53 عامًا.

كذلك أقيم عند السابعة مساء حفل استقبال جثمان أغاجانيان في ساحة الشهداء، بدعوة من كاثوليكوس بطريرك بيت كيليكيا للارمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان، يليه تطواف بالجثمان الى ضريحه في كاتدرائية مار غريغوريوس ومار الياس النبي للارمن الكاثوليك.

والبطريرك أغاجانيان والذي لقب أيضاً بـ”البابا الأحمر”، كان رسول محبة ومصالحة، كما أنّه عاش حياة التقوى إلى أبعد حدود ، ولم يقبل الظلم ولا حتى النزاعات المدمرة.

وكان أيضاً من أوائل حاملي الجواز الديبلوماسي اللبناني في العام ١٩٤٣، وحاز أيضاً على وسام الأرز من الرئيس الراحل شارل حلو عربوناً لعطاءاته تجاه لبنان.
وقد خدم “البابا الأحمر” طائفة الأرمن الكاثوليك بصفته بطريركاً من العام ١٩٣٧ حتى العام ١٩٦٢، ثم انتقل إلى روما كرئيس مجمع عقيدة الإيمان، وكان مرشحاً لأن يكون الحبر الأعظم.

مواقف وكلمات
في هذه المناسبة، اعتبر البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أن بطريرك الارمن الكاثوليك الاسبق الكاردينال كريكور بيدروس اغاجانيان سيكون طوباويًّا وقديساً عظيماً لهذا الجيل مهنئًا كلّ الكنائس ولبنان بأسره.

بدوره، قال بطريرك الأرمن الكاثوليك روفائيل بيدروس الحادي والعشرون ميناسيان من ساحة الشهداء في بيروت: “أشكر وطن المحبة والعطاء وينبوع القديسين ووطن التعايش المشترك وأشكر شعب وطني لبنان وعلى رأسه من يسعى لسلامته وأمنه وازدهاره في الدولة”.

كما طلب ميناسيان من البطريرك كريكور بيدروس الخامس عشر “النّظر إلى لبنان كما وعد لأنّه الرجل الوفي”.

من جهته قال رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي: “تجمَّعت في شخصِه هويّاتٌ عديدة، فباتَ على مثال لبنان، كثيرًا في واحد. هو الأرمنيُّ الجورجيُّ اللبنانيُّ، والحبرُ المشرقيُّ الرومانيُّ المسيحيُّ المنفتِحُ على الآخرِ بمحبةٍ وإيمان، المحافظُ من سُدّةِ كهنوتِ كنيستِه الجامعة، على ثباتِ انتمائه الوطني إلى لبنان، الأرضِ التي تَفيضُ ايمانا كلما تراكمت عليها المصاعب، الكاردينال البطريرك كريكور أغاجانيان، لن أتحدّثَ اليومَ لا عن حياتِه، ولا عن كهنوتِه، ولا حتّى عن دورِه الوطني في لبنان، في زمنِ الازدهار والتطوّر، كما في زمنِ الانقسامات والثورات الداخليّة. فإن مآثرَه تتحدَّثُ عنه بأبلغَ الكلمات”.

كما تابع: “ما أريدُ اليومَ الحديثُ فيه، هو عن لبنان الرسالة، خصوصًا وأن البطريرك الكاردينال أغاجانيان الذي نستقبلُ جثمانه بيننا، نموذجٌ بهيٌّ عن هذه الرسالة، وأول ما يجبُ قولُه أن الشعبَ اللبنانيَّ الذي يعيشُ غنى التنوع في كل ميادين الحياة، مدعوٌّ لأن يعيشَ في الوقتِ نفسِه غنى الاتحاد والتلاقي بين مكوناته وفئاته. هذه هي رسالتُه ودوره في الداخل والمشرق والعالم: أن يعطي المثال للإنسانية كلها على أن الاختلاف والتنوع لا يعنيان التخاصم والحروبَ وإلغاءَ الآخر. بل هما السبيل الأفضل للتعارف المؤدي إلى بناء الحياة”.

وأضاف ميقاتي: “الكاردينال البطريرك أغاجانيان عاش هذه التجربة الفريدةَ في داخل كيانِه،كما في المواقع التي تبوَّأَها على الصعيدين الكنسي والوطني، فكان خير تعبير عن نعمةِ التلاقي، القيمةِ الإنسانية النبيلة التي ينبغي لجميع اللبنانيين أن يجسّدوها في عيشهم معًا، لكن نعمة التلاقي لا تتحققُ إلا بالحوارِ الذي ليس فقط حوار الأفكار والمعتقدات والتوجهات،بل هو أولًا وقبل كل شيء،حوارُ الحياة اليومية التي بها يتأمن للجميع فعلُ المشاركة في صنعِ المصير الوطني الواحد. هذا الحوار هو مسؤولية المجتمع بقواه الحية طبعًا ومسؤولية الدولة أيضًا، لأنها الحضنُ الطبيعي الذي تأوي إليه جميعُ الأطياف، فينبغي لها بمؤسساتِها الدستورية أن ترعى جنبًا إلى جنب حوارَ الفكر وحوارَ الحياة، بعيدًا عن كل ذرائع التعطيل والمقاطعة.الدولةُ وُجِدَت لتعملَ وتنتجَ وتبني، لا لكي تَتجمَّدَ وتتوقَّف”.

إلى ذلك، قال إن “هذه المنطقة من وسط بيروت، حيث نقف الآن، لم يكن يتصاعدُ منها في الحرب المشؤومة إلا الدخانُ الأسود. اليوم، يتفاءلُ جميع اللبنانيين بحلول جثمان البطريرك الكاردينال كريكور أغاجانيان فيها، ويعقدون على ذلك الآمالَ بأن يتصاعدَ هذه المرة منها دخانٌ أبيض يعلن البشارة بانتخاب رئيس جديد للجمهورية، تيمنًا بمشاركة غبطتِه في انتخابات أكثر من بابا على كرسيّ روما”.

وأردف ميقاتي: “الكاردينال أغاجانيان، البطريركَ المتواضعَ الممتلئَ بمحبة الإنسان، ولا سيما المحتاج والفقير والمريض والمشرد، العامل على تأسيس المدارس والجمعيات ودور الأيتام، أحبَّ لبنان حبَّ الابنِ لأهلِه، وأحبّ اللبنانيين حبَّ الأبِ لأولاده. وها هو اليوم في أرضه وبين أهله، بعد أكثرَ من نصف قرنٍ على وفاته، يرفضُ أن يفصلَ الموتُ بينه وبين وطنه، فيرقدُ فيه”.

هل تريد/ين الاشتراك في نشرتنا الاخبارية؟

Please wait...

شكرا على الاشتراك!

مواضيع ذات صلة :

انضم الى قناة “هنا لبنان” على يوتيوب الان، أضغط هنا

Contact Us