حان الوقت لقانون لقمان
كتب موفق حرب في “ديلي ستار”:
لم يكن عدوا لحزب الله أو إيران، بل كان مؤيدا للبنان الحرية والديمقراطية. لم يخدم أجندة أي شخص سوى مصلحة لبنان وفق رؤيته التي يشاركه بها الكثيرون.
لم تكشف أوراق ويكيليكس الشهيرة عن أي شيء لم نكن نعرفه عن لقمان سليم لأنه أوضح شخصياً في مناسبات عديدة مصدر التمويل لمشاريعه. لقد كان شفافًا ومنفتحًا بشأن آرائه التي اعتقد الكثيرون في وقت ما أنها متطرفة للغاية وبعيدة عن الواقع السياسي الجديد.
يجب أن ينتهي هذا الوضع الضبابي السائد في لبنان بين الدولة والجهات الفاعلة غير الحكومية، وخاصة حزب الله، لأنه يترك القتلة يفلتون من الجرائم، كما أنه يوفر للمجتمع الدولي ذريعة لعدم فعل أي شيء، واقتصار أفعاله على دعوة الدولة اللبنانية إلى التحقيق وخدمة العدالة.
لقمان يمثل القيم المشتركة بين لبنان والولايات المتحدة التي نتفاخر بها في المؤتمرات والبيانات. مشاريعه التي تم الإشادة بها تلقت في بعض الأحيان تمويلًا أمريكيًا لم يحاول لقمان إخفاءه مطلقًا. كان يدير أكثر المشاريع شفافية في لبنان لمنع المنظرين بنظرية المؤامرة من العمل ضده وكذلك لحماية موظفيه.
للأسف، الشفافية والنزاهة لم تحمه، ودعوة الحكومة اللبنانية للتحقيق وتقديم المجرمين للعدالة تذكير بتصريحات أخرى لم يتم الرد عليها بعد الاغتيالات العديدة التي استهدفت نشطاء الديمقراطية.
البيانات الدبلوماسية الضعيفة ستشجع القتلة وتُضعف نشطاء الحرية، والولايات المتحدة لديها التزام أخلاقي تجاه الأشخاص الذين يقبلون تلقي الدعم من واشنطن، من أجل إقناع العالم بأن دعم نشطاء الديمقراطية والحرية ليس موسميًا ولا يخدم أهدافًا أمريكية قصيرة المدى فقط، وهذا تحدي للقيم والسمعة الأمريكية، فمن الواضح جدا أن الدولة اللبنانية مشلولة في أحسن الأحوال ومتواطئة في معظم الأوقات ولا يتم تطبيق القانون إلا على المتاجر الصغيرة ومخالفي المرور، ما لم تقم برشوة الضباط.
يجب استدعاء وفضح هذه النكتة التي تسمى الدولة اللبنانية، وكلما أسرعنا في الاعتراف بهذه الحقيقة، كلما أسرعنا في إنقاذ الشعب اللبناني.
تعهدت إدارة بايدن بوضع حقوق الإنسان في مقدمة سياستها الخارجية كطريقة لـ “إصلاح” السلطة الأخلاقية لأمريكا وقيادتها العالمية وهذا تحدٍ مبكر لمصداقية الادارة الاميركية.
أنا متأكد من أن مشروع القانون اذا تم تقديمه إلى الكونجرس سيحظى بتأييد الحزبين ويجب على الإدارة ألا تحاول تخفيف وقعه وان تبذل الجهد لجعله غير ملزماً.
ربما تكون المحكمة الدولية التي شكلتها الولايات المتحدة بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري قد كشفت كيف ومن ارتكب الجريمة، لكنها فشلت في ردع المنظمات الإرهابية عن اللجوء إلى العنف لتحقيق مكاسب سياسية وترهيب المعارضين.
هيئة محلفين الرأي العام اللبناني توصلت إلى استنتاج بشأن من قتل لقمان ، لكن مجرد فعل مشابه لقانون ماغنيتسكي ، والذي يهدف إلى معاقبة المسؤولين عن جهاز الأمن والنظام القضائي اللبناني إذا فشلوا في أداء وظائفهم ، قد يكون ذا مغزى. لكن هذه المرة يجب أن تشمل العقوبة القادة المنفذين والممانعين في مناصب السلطة.
إذا فشلت الولايات المتحدة في التصرف بطريقة فعالة ، فسيؤدي ذلك إلى ألا يجرؤ أحد في المستقبل على تصديق المزاعم الأخلاقية الأمريكية. رد الفعل البارد والخجول على هذه الجريمة ليس في مصلحة الولايات المتحدة لأنها تحاول مواجهة المنافسين الصاعدين حول العالم.
لقمان, وما دافع عنه، يستحقان قانونًا يمكنه الحفاظ على إنجازاته وتمكين الأشخاص الذين يختارون الاستمرار في اتباع طريقه الشجاع. إنه يستحق قانونًا لإنقاذ ما تبقى من المصداقية الأخلاقية الأمريكية وإنقاذ بقية المؤمنين بأن الولايات المتحدة هي زعيمة العالم الحر.
قانون ، على غرار قانون ماغنتسكي، يدعو الحكومة اللبنانية إلى الكشف عن الجريمة في غضون مهلة محددة أو ان تكون عرضة ليطلق عليها اسم دولة مارقة ومنبوذة ووقف أي تعامل مع مؤسساتها.
قالت إدارة بايدن أنها تجري مراجعة للسياسة الخارجية الأمريكية، وقد حان الوقت لتقييم السياسة تجاه لبنان ومعرفة ما إذا كانت السياسة الأمريكية منذ عام 2005 فعالة في خدمة الأهداف الأمريكية المعلنة وجعل لبنان دولة مستقرة وذات سيادة وحرة.
النشطاء المؤيدون للديمقراطية والحرية في لبنان بحاجة إلى الحماية أو الخوف من أن تبيدهم قوى الظلام.
تشرفت بحضور عدة أمسيات في منزل لقمان في الضاحية الجنوبية مع أصدقاء مقربين مثل شبيب ومحمود ، على غرار جلسته الأخيرة قبل اغتياله, وكان دائمًا يتمتع بالوضوح وأنا كنت أحيانًا متشككًا وساخرًا.
سألته ذات مرة إذا كان يخشى البقاء في قلب المنطقة التي يسيطر عليها الأشخاص الذين يضعفهم ويشوه مصداقيتهم, لكنه كان يراهن على أن من ينتقدهم عقلانيون وأن شفافيته تحميه، وهذا ما كان الخطأ المؤذي.
عندما تراهن على منطق خصمك ومبادئه، فإنك تصبح رهينة لمزاجه السياسي وتقييمه للتهديد الذي يواجهه.
كلنا أحببنا لقمان بعد وفاته واكتشفه معظم اللبنانيين بعد الاغتيال، أما نحن، الذين عرفناه عن كثب، كنا نحسده على شجاعته عندما كان على قيد الحياة.
المصدر: ديلي ستار
ترجمة “هنا لبنان”
مواضيع ذات صلة :
هل سقطت معادلة “الشعب والجيش و… إيران”؟ | صفقة بين ترامب والأسد تقطع السلاح عن “الحزب”؟ | تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد |