بين الشماتة والحماقة
كم هو محزن ومؤلم أن تخسر صبية صغيرة حياتها وأحلامها وأن يفقد مئة شاب أو مئتين أو خمسمئة شاب أبصارهم. والمحزن أكثر أن يواصل حرب الإسناد وتوريط البلد إله غير متبصّر. إنها الحماقة بعينها
كتب عمر موراني لـ”هنا لبنان”:
عمليتا تفجير الـ pager والأجهزة اللاسلكية، يومي 17 و18 أيلول فجرتا مشاعر اللبنانيين بأشكال ومضامين مختلفة.
الموالون للحزب الإلهي، المستهدف الوحيد في التفجيرين، انفجروا غاضبين تجاه الشامتين وأصحاب النكتة الحاضرة في أي وقت وأي ظرف. وخصوم الوكيل الحصري للحروب والمساندة ولطريق القدس، استعادوا نتفاً من مواقف وتغريدات يندى لها الجبين كمثل تغريدة جواد نصرالله غداة اغتيال لقمان سليم في 4 شباط 2021: “خسارة البعض هي في الحقيقة ربح ولطف غير محسوب # بلا_أسف” وفي ما يمكن تصنيفه قمة الإنحطاط علق احدهم على صورة جمعت لقمان وكلبه : أيهما الكلب؟. ووُصفت مي شدياق، بعد تركيب يد وساق اصطناعيتين، بأنها دمية بلاستيكية تذوب إن اقتربت من النار. ونتيجة خطأ فني غير مقصود لدى تغطية عملية اغتيال النائب وليد عيدو ونجله في حزيران 2007. طلبت مذيعة الـ “أن بي أن” سوسن درويش “الهوا” وقبل أن تدرك أنها أصبحت على الهواء قالت “مرحبا، العوض بسلامتكم .ليش تعوّقوا لفتلوه… وتابعت مش شماتة بس هلكونا… بعد في أحمد فتفت . أنا عم عدّن”، هذه عدا عن إحتفاليات توزيع البقلاوة التي رافقت الإعلان عن اغتيال سمير قصير وجبران تويني .
خصوم الحزب الفاعلون على وسائل التواصل الإجتماعي، قدموا أفضل ما لديهم، فروجوا لجملة مأثورة ضاع مطلقها في الزحام “بلحظة قوتك بتهدر دمي وبلحظة ضعفك بتطلب دمي”، ومما كتبه جماعة الفايسبوك وهم في العموم أكثر تهذيباً من دبابير منصة إكس، اخترتُ عيّنة “بعد في الإنترفون رح إنزل فكو” و”انتبهوا من عصّارة الجزر” وسأل أحدهم :” المكواية آمنة؟”ونشر خصوم الحزب أيضاً صور الحمام الزاجل، البديل عن التكنولوجيا وهاتف القرص المتحرك الخارج من الخدمة منذ ثلاثة أو أربعة عقود.
ولم ينس خصوم الحزب استعادة مشهدية انفجار 4 آب، الذي فاق بآثاره ودمويته ما وقع في لحظة إجرام، فنشروا الحديث القائل “بشر القاتل بالقتل ( والزاني بالفقر) ولو بعد حين” فكأنما الإنتقام جاء بعد 4 سنوات ونيّف.
الشماتة والسخرية من طبائع اللبنانيين المنقسمين عمودياً وأفقيا حول كل شيء. والأسوأ من الشامتين والساخرين ورثة أبي ملحم المنادين بالوحدة الوطنية وهم من بناة الفتنة في العصر الحديث. مقابل الشماتة والسخرية والإستنكار الصارخ والمواعظ ثمة حزن عميق يخيم على مواطنين صامتين.
كم هو محزن ومؤلم أن تخسر صبية صغيرة حياتها وأحلامها وأن يفقد مئة شاب أو مئتين أو خمسمئة شاب أبصارهم. والمحزن أكثر أن يواصل حرب الإسناد وتوريط البلد إله غير متبصّر. إنها الحماقة بعينها.
مواضيع مماثلة للكاتب:
مش كل صهر سندة ضهر | شبيحة “الحزب” بالمرصاد | أبو الجماجم |