المعارضة وحقل ألغام بري
الرد على بري من المعارضة كان واضحاً: لا حوار بل دعوة لجلسات مفتوحة ودورات مفتوحة، ولا مانع من التشاور بين الجلسات، والرد بخصوص الخيار الثالث كان واضحاً: نعم للخيار الثالث، ولكن ليس أي خيار ثالث، لن يمر رئيس من صناعة الثنائي يسجن البلد لست سنوات قادمة في سجن الممانعة
كتب أسعد بشارة لـ “هنا لبنان”:
تصرّ مجموعة الخمس على استئناف مسعاها ذلك على الرغم من أنّ هذا المسعى مقدر له كما في السابق أن ينتج الاختراق المطلوب لأنّ الأسباب التي استدعت الفشل لا تزال قائمة لا بل إنها ترسخت.
أصل المسعى الجديد فرنسي، والمنشأ من عين التينة، حيث نجح رئيس المجلس نبيه بري، في إيهام بعض مجموعة الخمس بأنه جادٌّ في مبادرته، التي تقوم على ترؤس الحوار، ثم القبول بالخيار الثالث، وأي خيار ثالث؟ حمل الفرنسيون المبادرة إلى السعودية، واستفاض لودريان في شرحها، لكن السعوديين اعتصموا بحبل موقفهم الثابت: كل ما يتوافق عليه اللبنانيون نحن معه، وموقفنا ينبع من بيان وزراء خارجية الخمس في الدوحة.. هذه هي خريطة الطريق.
لا يوجد شيء في الدستور إسمه حوار يختزل الدستور، ومؤسسة رديفة بطابع مذهبي تنتج الرئيس ليوقع عليه مجلس النواب فيما بعد، توقيعاً شكلياً أشبه من الاستقالة من دوره في انتخاب الرئيس.
يريد بري أن يتم انتخاب الرئيس من قبل الثنائي، على أن يقبل به الجميع لاحقاً، في تكريس لعرفٍ يقول: نحن من يختار رئيس الجمهورية، ولا رئيس إذا لم نوافق عليه ويتبنى ما نريد.
يريد بري أن يترأس الحوار كأنه ملك الجمهورية، ومقرر مسارها، وهذا ما يلقى وسيلقى، معارضة هي الأوضح والأكثر استمراراً، فلن تقبل المعارضة بأي تجاوز للدستور.
يقدم بري للخماسية جزرة، وشيكاً بلا رصيد اسمه القبول بالخيار الثالث، على أن يترأس الحوار، وفي هذا مخاطرة غير محسوبة، لأنّ العهود منذ الدوحة إلى غيرها من المحطات، لم يتم الالتزام بها، لا بل تم نقضها بوقاحة.
الرد على بري من المعارضة كان واضحاً بدوره. لا حوار بل دعوة لجلسات مفتوحة، ودورات مفتوحة، ولا مانع من التشاور في المجلس بين الجلسات، وهذا موقف ثابت لن يتغير.
كما كان الرد على بري من المعارضة بخصوص الخيار الثالث واضحاً: نعم للخيار الثالث، ولكن ليس أي خيار ثالث، لن يمر رئيس من صناعة الثنائي يسجن البلد لست سنوات قادمة، في سجن الممانعة.
كان اللقاء بين أحد سفراء الخماسية العرب ومرجع معارض واضحاً جداً. استمع السفير طوال الجلسة الى مطالعة ودية، ولكن من دون مجاملة. مطالعة شرحت للخماسية، خطة الثنائي، التي تستدرج مبادرة الدول الخمس الى حقل ألغام. ليس المهم انتخاب أي رئيس، ولن يتم القبول برئيس يأتي به حزب الله، أما الحوار فهو تكريس لفائض قوة، يصل إلى حد إلغاء فكرة الدولة والمؤسسات. اقترح المرجع على السفير العربي، أن تقوم مجموعة الخمس إذا صفت النيّات، بالتواصل مع بري وحلفائه لترتيب لائحة من أسماء للنقاش، تعرض على الجميع، وتحال إلى جلسة بدورات متعددة، ومفتوحة حتى انتخاب الرئيس. كان هذا عرضاً معقولاً، لكن هل يقبل به بري الساعي إلى ترؤس حوار عقيم، من أجل التقاط صورة الاستحواذ على قرار الجمهورية ورئيسها؟
ذهب السفير بهذا العرض، وعلى الأرجح أنه لن يعود.
مواضيع مماثلة للكاتب:
لكل 17 أياره: استسلام الممانعة | تفاؤل وهمي والحرب تتصاعد | لبنان على موعد مع أشهر صعبة |