ستّ خطوات تمهيدية ملحّة لكبح الإنهيار
كتبت “المركزية”:
قدم الوزير السابق كميل ابوسليمان عبر “المركزية” رؤية متكاملة لكيفية كبح الانهيار والاجراءات الملحة لاستعادة مصداقية لبنان، معربا عن تفاؤله في المدى المتوسط ومؤكدا ان الأزمات المصيرية التي نواجهها قابلة للحل عبر إستعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي من خلال إعادة تكوين السلطة وإتخاذ إجراءات صارمة.
وقال ابو سليمان: في ظل الأزمات المعيشية والنقدية والمالية والاجتماعية والصحية وحتى الوجودية التي يتخبط بها لبنان، عجيب هذا الإنفصام من قبل الغالبية الحاكمة وعدم إتخاذها أي إجراءات للحد من الإنهيار كما وتقاعص حكومة تصريف الاعمال برغم وجود اجتهادات واضحة عن صلاحية، لا بل واجب، هذه الحكومة اتخاذ قرارات في ظل حالات الضرورة والعجلة، وكأن الازمات حاصلة في دولة أخرى. أليست المخاطر القانونية على الحكومة ورئيسها – إذا إستمروا بالتخلي عن ممارسة مسوؤلياتهم – أشدّ مما هي عليه اذا اتخذوا قرارات ضرورية مع إحتمال إبطال بعضها من مجلس الشورى؟
لا مفرّ من إتخاذ الاجراءات التالية عاجلاً ام آجلاً رغم عدم ثقتي باستعداد الغالبية الحاكمة والحكومة الحالية على السير بها، ولكنها ستبقى صالحة وضرورية في ظل أي حكومة. فإعادة تكوين الأغلبية الحاكمة من خلال إنتخابات نيابية في أسرع وقت وتشكيل حكومة مكوّنة من وزراء مستقلين فعلياً، إختصاصيين وجريئين مستعدين أن يتخذوا القرارات اللازمة، هي الطريق الأسرع لكبح الإنهيار.
ضرورة إستكمال برنامج صندوق النقد الدولي
الاتفاق على برنامج مع صندوق النقد الدولي ممر الزامي لحل الازمة، لأنه:
يؤمّن السيولة الضرورية خصوصاً لضبط سعر الصرف.
شرط من قبل حاملي سندات اليوروبوند الاجانب للتفاوض على إعادة هيكلة هذه السندات.
يسهّل تأمين تمويل إضافي من دول ومنظمات أخرى.
شرط مدرج في المبادرة الفرنسية.
يُلزم الصندوق تخصيص جزء من التمويل لتعزيز شبكة الأمان الإجتماعي.
لم يطرح احد اي بديل جدي عن هذا البرنامج.
ليس المطلوب الرضوخ لشروط صندوق النقد بل إستكمال الدولة اللبنانية والمصرف المركزي التفاوض بطريقة جدية وسريعة ووفق منطق الصندوق لأن لبنان هو من يطلب المساعدة لا العكس.
خلال السنة والنصف الاخيرة، خسرت الليرة اللبنانية اكثر من 90% من قيمتها وتضخمت اسعار السلع اكثر من 300% وتتحمل الطبقات المتوسطة والفقيرة من الشعب اللبناني العبء الاكبر بشكل غير عادل. فلو أقدمنا على وضع برنامج مع صندوق النقد الدولي، لكنا إتخذنا إجراءات أقل كلفة وصعوبة وبدأنا بالتعافي.
على سبيل المثال:
* عقدت اليونان برنامجاً مع صندوق النقد عام 2012 وعادت الى الاسواق المالية العالمية عام 2014 واليوم تصدر سندات باليورو بفائدة سلبية.
* عقدت اوكرانيا برنامجاً مع صندوق النقد عام 2015 وعادت الى الاسواق المالية العالمية عام 2017.
* بدأت قبرص بالتعافي بعد سنة ونصف السنة على إعتمادها برنامجاً مع صندوق النقد.
الطريق لإستعادة مصداقية لبنان لا يكمن في إستمرار حالة الإنكار بل في إتخاذ الخطوات اللازمة.
الإجراءات الملحّة:
طلب خط إئتماني سريع: الطلب من صندوق النقد الاستفادة من خط إئتماني سريع “rapid credit line” يتيح للبنان الاستدانة لغاية 900 مليون دولار بصفر فائدة. حسب المعلومات، شرط صندوق النقد الاساسي وضع خطة لإستدامة خدمة الدين “debt sustainability” تظهر جدية لبنان في مقاربة هذا الملف.
إستعادة التفاوض مع صندوق النقد بشكل جدي: أوقفت الحكومة والمصرف المركزي التفاوض مع صندوق النقد منذ اكثر من 8 اشهر ويجب عدم الاستمرار بمضيعة الوقت لان ذلك مكلف جداً. فمع العلم ان اي اتفاق نهائي لا يمكن ابرامه في ظل حكومة تصريف اعمال، لكن هذا لا يمنعه من إستعادة المفاوضات ومتابعة:
إقرار وتحديد خسائر المصرف المركزي وأثرها على المصارف اللبنانية والمودعين وتوزيعها بشكل عادل.
التفاوض بين صندوق النقد ووزارة المال في ما يتعلق بمالية الدولة ونفقاتها والإصلاحات الهيكلية.
إعادة هيكلة القطاع المصرفي: تشكيل لجنة من الحكومة والمصرف المركزي وجمعية المصارف للبحث الجدي باعادة هيكلة القطاع المصرفي. فالاجراءات التي اتخذها المصرف المركزي في هذا الصدد مفيدة ولكنها غير كافية، لذا المطلوب الاتفاق على اطار قانوني شامل لإعادة الهيكلة “Global Resolution Framework” ودراسة طريقة إستعمال مردود بعض أصول الدولة – لا بيعها -للتعويض على صغار المودعين وفي هذا الاطار أشير الى أنّ لديّ طرحاً كاملاً في هذا الصدد.
إقرار القوانين الآتية بأسرع وقت:
قانون استقلالية القضاء، قانون الشراء العام وقانون “Capital Control”.
تفعيل قانون رفع السرية المصرفية الذي مضى 3 اشهر على إقراره – مع العلم أنّ مفعوله ينتهي بعد سنة – والتدقيق في حسابات المؤسسات العامة وفي طليعتها مؤسسة كهرباء لبنان نظراً لحجم الخسائر فيها.
تعيين أعضاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد لأن مكافحة الفساد تتم من قبل أشخاص نزيهين بعيداً عن أي كيدية أو إستهداف من قبل القوى السياسية.
قطاع الكهرباء:
الإسراع بانشاء معملي الزهراني ودير عمار بقدرة 1500 ميغاواط ومحطة تغويز. بحسب الدراسات، الكلفة لا تتعدى ملياري دولار ونصفها على الأقل متوفر من خلال قروض مدعومة من قبل البنك الدولي.
إنشاء الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وتعيين أعضائها حسب القانون 462 من دون تقليص صلاحياتها وإستقلاليتها.
ترشيد الدعم: تحويل الدعم الى مساعدات مباشرة للشرائح المحتاجة في المجتمع اللبناني ضمن خطة للمساعدة الاجتماعية وحسب معايير البنك الدولي.
الفشل ليس قدرنا:
إنني متفائل على المدى المتوسط للاسباب الآتية:
إمكان تخفيض الدين الخارجي من نحو 31 مليار دولار الى 10 مليارات. هذا توقّع منطقي وبإمكان لبنان أن يتحمّل ديناً خارجياً بهذا الحجم.
إنخفاض فاتورة الإستيراد ما سيؤثر إيجاباً على سعر الصرف لأن الطلب على الدولار سينخفض في ظل إستعادة الثقة.
تحوّل إقتصادنا التدريجي من إقتصاد ريعي الى إقتصاد منتج والاستفادة من الطاقات اللبنانية الهائلة.
الأزمات المصيرية التي نواجهها قابلة للحل عبر إستعادة ثقة الشعب اللبناني والمجتمع الدولي من خلال إعادة تكوين السلطة وإتخاذ إجراءات صارمة.
مواضيع ذات صلة :
بعد إصابته بـ”البيجر”.. السفير الإيراني إلى لبنان مجددًا | حرب..رعب.. رعد! | اجتماع أمني إسرائيلي حول سوريا ولبنان! |