مجزرتا “البيجر” والـ”لاسلكي”.. متى أصبحت قلوبنا بهذا السواد؟!
التضامن في المجازر ليس خياراً بل هو أمر بديهي، هو جزء منا، التضامن مع ضحايا الوطن ليس منّة، بل هو السلوك الطبيعي الذي يحدّد من منا ما زال يحافظ على إنسانيته، ومن قرر أن يحقد على الممانعة حتى بات قلبه أكثر ظلامية منها!
كتبت نسرين مرعب لـ”هنا لبنان”:
هل يصحّ السجال السياسي أمام هول المجازر؟ وهل يمكن أن تتحوّل “الكارثة” إلى متنفسٍ للتشفي والشماتة! أو أن تتم مقاربتها من زاوية “الانتقام الإلهي”؟
وهل التضامن مع الحدث الدموي، هو دلالة على بيع المبادئ والتخلّي عنها؟ أو ربما هي إشارة لتحوّل “المتضامن” إلى “نيو ممانع” كما يردّد العديد من ناشطي مواقع التواصل!
هذه الأسئلة مشروعة، وخاصة بعد ما شهدته مواقع التواصل يومي الثلاثاء والأربعاء، إذ أطلّت علينا فجأة فئة تتبجّح بشكل “نافر” بسعادتها، أو بالحد الأدنى، بـ”لا مبالاتها”، في حين اندفعت فئة أخرى لتزايد على من تضامن إنسانياً، متهمة إياه ببيع القضية، وبأنّ ذاكرته قد نسيت أو تناست جرائم الحزب في سوريا، و7 أيار، وقرار المحكمة الدولية الذي اتّهم عناصر تابعين له بالتورط باغتيال الشهيد رفيق الحريري!
ولكن، من قال أنّ التضامن هو مع “حزب الله”؟ ومن قال أنّ قرابة الـ7 آلاف جريح في المجزرتين هم من مقاتلي الحزب، وهم تورطوا في سوريا وفي 7 أيار، وفي اغتيال الحريري؟
من يعرف جميع الضحايا، ويعرف سيرتهم، وكيف ولدوا، وأين كبروا، وكيف يفكرون، وما هي مواقفهم مما حصل!
بل وأكثر، ما ذنب الأطفال الذين كانوا في صفوف الضحايا، أولئك الذين ولدوا بعد اغتيال الحريري وبعد 7 أيار وبعد الحرب السورية، ها هم أيضاً عرضة للشماتة!
وما ذنب الآمنين على الطرقات؟ المحلات التي صودف وجود أحد حملة الجهاز المتفجر داخلها؟ أهؤلاء جميعهم تحق بهم الشماتة؟
من امتلك كل هذه الجرأة كي يقرّر أنّ التضامن يعني التنازل عن القضية، هذه القضية التي لطالما انتقدنا في حربنا لأجلها لا إنسانية جمهور الممانعة، وتدويناتهم التي تشمت وتتشفّى بأطفال سوريا وبضحايا الحرب السورية، ها نحن اليوم نتجاهلها، فنتحوّل دون أن نعي إلى نسخة من هذا الجمهور، نسخة تقابل الشماتة بالأسوأ منها، والسقوط الأخلاقي بسقوط أخلاقي “أفدح”، فتقف على الحياد وتتجاهل الدماء التي تنزف بسبب أجهزة قرر كيان مجرم أن يفجّرها!
التضامن مع الضحايا ليس انخراطاً مع إيديولجية الحزب، كما يحاول البعض أن يقنع نفسه، بل على العكس، لا أحد غافل عما اقترفه الحزب، ولا أحد ينكر أنّ معارضته واجبة، ومواجهته أيضاً واجبة، ولكن ماذا عن الإنسان؟ هذا الإنسان المشترك بين جميع الأطراف والذي استُهدف في التفجيرين، هنا ألا يجب التضامن؟!
وما المبرر أن أعتكف عن الإنسانية؟ وكأنّ الموقف من حزب الله، بات فجأة موقفاً من كل من كتب على بطاقته “شيعي”، فأصبح الصراع بالنسبة للبعض طائفياً لا سياسياَ!
أخيراً، التضامن في المجازر ليس خياراً بل هو أمر بديهي، هو جزء منا، التضامن مع ضحايا الوطن ليس منّة، بل هو السلوك الطبيعي الذي يحدّد من منا ما زال يحافظ على إنسانيته، ومن قرر أن يحقد على الممانعة حتى بات قلبه أكثر ظلامية منها!
مواضيع مماثلة للكاتب:
“27 تشرين الثاني”.. يوم مجيد: ثلاثية سقطت وثنائية “جيش وشعب” ترسخت! | أما وقد انتهت الحرب.. لمن ستعتذرون؟! | ونحن أيضاً أشلاء.. |