الانهيار المالي في لبنان يصل لقاع الجنون
“علينا تغيير كل شيء..هذا جنون” هكذا عبَّر زياد حسن مدير متجر بقالة في بيروت عن معاناته المستجدة بسبب انهيار الليرة اللبنانية وتدهور الاقتصاد. فزياد الذي كان يصله بريد إلكتروني واحد يومياً من إدارة سلسلته لتزويده بمقدار الأسعار التي يجب تعديلها على السلع. بات يصله ثلاث رسائل يومية مفادها زيادة الأسعار على جميع مبيعات المتجر. ويضيف زياد: أن “موظفيه غالبًا لم يكونوا قادرين حتى على إنهاء تحديد زيادة واحدة في الأسعار قبل وصول الزيادة التالية!”
تنبع الأزمة أساساً من فشل سياسة مصرف لبنان المركزي بتثبيت سعر صرف الليرة اللبنانيَّة مقابل الدولار (بمعدل 1500 ل.ل للدولار الواحد منذ عام 1997م). مما أتاح للناس استخدام العملتين بسهولة في تعاملاتهم المالية، حيث يقوم التجَّار ببيع المنتجات بالليرة اللبنانية ثم تحويل أرباحهم إلى الدولار لسداد قيمة بضائعهم المستوردة. ولكن بعد انهيار عملة البلاد بوتيرة متصاعدة، وصلت الأسبوع الماضي لحدٍ قياسي (15000 ليرة لبنانية مقابل الدولار الواحد في السوق السوداء) وهو أدنى مستوى لها على الإطلاق، ليسجل بعدها انتعاشاً طفيفاً أوصله لحد 12000 ل.ل مقابل الدولار الواحد، انخفضت قيمة رواتب الموظفين وحلَّقت أسعار السلع المقدور عادة على شرائها لتصبح بعيدة عن متناول الجيب. فارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 400٪ في كانون الأول مقارنة بالعام الذي سبقه وفقًا لإحصاءات حكومية، بينما ارتفعت أسعار الملابس والأحذية بنسبة 560٪ والفنادق والمطاعم بأكثر من 600٪.
تفاقمت سلسلة الأزمات الاقتصادية والسياسية التي يعاني منها لبنان بعد عام 2019، ففي ظل تفشي البطالة وارتفاع الأسعار بشكل هائل وإغلاق الطرق من قبل المتظاهرين الغاضبين تشكَّلت حكومة ليس لديها أي خطة واضحة حتى لتأخير الانهيار. كما أدَّى الانفجار الكارثي الذي وقع في مرفأ بيروت في آب الماضي، إلى مقتل 190 شخصًا وخراب جزء كبير من العاصمة وتعميق البؤس. وعلى الصعيد الصحي أضربت العشرات من الصيدليات في جميع أنحاء البلاد يوم الجمعة الماضي احتجاجًا على شح الأدوية وتقليص أرباحهم. أما رواتب المهنيِّين بمن فيهم المحامون والمعلمون والأطباء وأساتذة الجامعات فقد فقدت قيمتها الشرائية ودُفع بالكثير منهم إلى براثن الفقر.
وفي آب الماضي، قالت الأمم المتحدة إن أكثر من 55% من سكان لبنان أصبحوا فقراء، أي ما يقرب من ضعف العدد في العام السابق، وتضاعفت نسبة الذين يعانون من الفقر المدقع ثلاثة مرات أي حوالي 23%. والوضع يتجه للأسوأ بشكل دراماتيكي.
المصدر: نيويورك تايمز
ترجمة “هنا لبنان”
مواضيع ذات صلة :
كنعان: الأمور ستذهب بالاتجاه الذي يتمنّاه اللبنانيون | رشقات صاروخية من لبنان… ومئات الآلاف من الإسرائيليين في الملاجئ! | بلبلة في البسطة الفوقا.. توقيف صاحب المبنى! |