“الحزب” يخوض معركته وحيداً
إذا كان “الحزب” لا يقدر على محاربة إسرائيل كما يعلن الرئيس الإيراني، فإنّ هذا يعني أنّ طهران لا تسانده ولا تريد أن تسانده، وبالتالي على “الحزب” بحسب أسياده في طهران أن ينضبط
كتب سعد كيوان لـ”هنا لبنان”:
560 شهيد و1650 جريح حصيلة يوم واحد من الحرب التي شنتها إسرائيل يوم الاثنين والتي قررت فيها أيضاً إجبار أهالي الجنوب والبقاع على النزوح والابتعاد عن المناطق التي يتواجد فيها عناصر تابعة لـ”حزب الله”، ومنهم من وصل بيروت بعد خمس عشرة ساعة! النازحون بلغوا عشرات الآلاف فوق الذين نزحوا منذ بداية هذه المواجهة في 8 تشرين الأول الماضي والذين تخطوا المئة ألف نازح. القصد من هذه الحملة الهمجية ممارسة الضغط العملي والنفسي على “حزب الله” لإجباره على التسليم بالانسحاب من هذه المعركة ووقف ربط لبنان بحرب غزة. أكثر من ذلك، قرر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو قرر أن يصفي القيادة العسكرية التي تعرف بفرقة الرضوان في “حزب الله” والتي يتزعمها حسن نصرالله نفسه بالإضافة إلى سبعة قادة لم يبق منهم إلا نصرالله واثنان آخران.. وقد سبق ذلك الهجمة الإلكترونية التي فجرت الأسبوع الماضي “البيجرز” والأجهزة اللاسلكية التي ذهب ضحيتها ثلاثة قادة من الحزب وأكثر من ستين شهيداً في بناية واحدة تم تفجيرها. أمام هذه الوحشية العسكرية الإسرائيلية الهائلة والتفوق الجوي الواضح والمحسوم يسعى “حزب الله” إلى المواجهة منفرداً وبدون أي دعم، لا عسكري ولا حتى سياسي، متكلاً على قدرة الناس على الصمود المعنوي. فعدا عن التفوق العسكري الإسرائيلي، لم ولن تحرك إيران ساكناً لا على صعيد الدعم والإسناد ولا على الصعيد الموقف السياسي الداعم إذ يلاحظ صمت شبه كامل للقيادة الإيرانية التي أنشأت ونظمت ودربت وسلحت ومولت وتمول “حزب الله” باعتراف أمينه العام حسن نصرالله وعلقت عليه آمالاً خرافية في “تحرير” لبنان وفلسطين والعالم العربي من سوريا الى العراق واليمن وغيرها… واليوم يقف الرئيس الإيراني ليعلن أنّ “حزب الله ليس بإمكانه أن يحارب إسرائيل منفرداً” وهذا كلام صحيح ولكن الأصح أنّ ما يقوم به هو زج اللبنانيين وتحديداً الجنوبيين في معركة انتحارية عنوانها فقط الصمود وبالأخص ما قاله نصرالله في خطابه الأخير الذي دعا فيه إسرائيل إلى اجتياح لبنان، مؤكداً أنه ينتظر هذا الحدث ويعتبره فرصة لـ”حزب الله” كي يلقن إسرائيل درسًا انتهى بمجزرة حصلت بعد هذا التحدي الذي أطلقه نصرالله، فاللبنانيون اليوم على الطرقات، منهم من شرد ومنهم من دمرت بيوتهم، ومنهم من أصبح تحت التراب. كل ذلك خلال ثمانٍ وأربعين ساعة. غير أن هذه المأساة لا يتحمل مسؤوليتها “حزب الله” بمفرده، فيما تقوم طهران بالتفاوض منذ أشهر مع من كان يطلق عليها لقب “الشيطان الأكبر” أي الولايات المتحدة وربما إسرائيل أيضاً وإن في طريقة غير مباشرة، لأن ما يهم إيران هو في الأساس نفسها، ثورتها، نظامها وسلطة هذا النظام الذي يعتبر أنّ بقاءه واستمراره هو عدم حصول حرب وعدم المشاركة في أية حرب إقليمية، ويعتبر أنّ همه هو الحفاظ على دوره في المنطقة كضابط إيقاع إقليمي قادر على إثارة القلاقل والفتن الداخلية، والتحول في الوقت عينه إلى مهدئ ووسيط عند اللاعب الأميركي الأساسي في المنطقة من خلال أذرعه الموزعة إقليمياً. وبما أنّ هذه الأذرع غير مهيئة وليست لديها القدرة لمواجهة إسرائيل، وهنا يتبادر سؤال إلى الذهن عما إذا كانت طهران مهتمة فعلاً بتمكنهم ودعمهم من مواجهة نتنياهو الذي يعلن ويصر ويفعل ما يؤكد أنه مستمر به حتى « يلقن نصرالله درساً يبدو أنه لم يستوعبه”. ولكن طهران مستوعبة وتستعمله كأهم وسيلة لديها للتفاوض، فهو يرد على اغتيال فواد شكر كبديل للرد على اغتيال إسماعيل هنية، وأهم وسيلة للمزاودة في معركة غزة ومساندة الحزب لها. فإذا كان “حزب الله” لا يقدر على محاربة إسرائيل كما يعلن الرئيس الإيراني، فإنّ هذا يعني أنّ طهران لا تسانده ولا تريد أن تسانده، وبالتالي على “حزب الله” بحسب أسياده في طهران أن ينضبط.
مواضيع مماثلة للكاتب:
برّي يفاوض.. أين المعارضون؟! | “الحزب” السلاح الإيراني الأكثر فعالية للتفاوض | وليد جنبلاط… السهل الممتنع |