الشعب المقهور
لا يعلم المسؤولون في لبنان هدف هذه الحرب ولا يعلمون كيف بدأت وكيف تنتهي.. وغذا سيقال للذين خسروا أرواحهم وممتلكاتهم “أنتم شعب لا يقهر”، ولكنهم في الحقيقة هم الشعب المقهور!
كتب بسام أبو زيد لـ”هنا لبنان”:
أظهرت الحرب الدائرة حاليا بين حزب الله والجيش الإسرائيلي أن لبنان وشعبه متروكان من دون أي مسؤول أو مسؤولية وهذا ما يفترض أن يتوفر من خلال دولة ليست موجودة أيضا،فلم يكن للشعب اللبناني أي رأي في قرار الحرب والسلم،وأُعلنت الحرب من دون أن تكون الحكومة اللبنانية أو أي مسؤول على علم بذلك أيضا،وبدل أن يذهب هؤلاء باتجاه أن يتحملوا ولو الجزء اليسير من المسؤولية،إنغمسوا في تبريرات الجهة التي تتبنى خيار القتال وهي حزب الله،فأعلنوا أولا عجزهم عن القيام بأي خطوة لحماية الشعب اللبناني،وتبنوا تبريرات الحزب للحرب والأخطر أنهم تبنوا شروطه لوقف النار وربط جبهة لبنان بجبهة غزة.
هذا الواقع لم يتغير مع توسع الإعتداءات الإسرائيلية وتصاعد العنف في الأيام الأخيرة وكانت الذروة عندما سقط أكثر من ٥٠٠ ضحية في يوم واحد،والغريب أن هذه المجزرة لم تبدل في رأي أصحاب القتال ولم تدفع المسؤولين لرفع الصوت اعتراضا على مقتل مواطنين لبنانيين يفترض أن تكون الدولة هي المسؤولة عن حمايتهم وعن تمتعهم بالسلام والاستقرار ورفاهية العيش،لا أن تكون مساهمة بطريقة أو بأخرى في قتلهم.
لا يعلم المسؤولون في لبنان هدف هذه الحرب ولا يعلمون كيف بدأت وكيف تنتهي،ولا يجعلهم سقوط الضحايا بالعشرات والمئات يوميا رجال دولة يكسرون حاجز الخوف من قوة الأمر الواقع ويرفعون الصوت قائلين كفى.
هل يعلم هؤلاء المسؤولون أن كل ما في البلد مستباح،فلا قانون ولا دستور ولا حدود ولا شرعية،ألا يسأل هؤلاء كيف أن الاف العبوات كانت تتجول في أجهزة ال pagers و أجهزة الإتصال اللاسلكية بين المواطنين في مختلف المناطق اللبنانية ولأشهر قبل أن يفجرها العدو في حامليها ومن أحاط بهم من اللبنانيين،ألا تتحمل الدولة مسؤولية في هذا الإطار؟أليس من حقها أن تعرف كيف ولماذا دخلت هذه الأجهزة وكيف انفجرت؟
في لبنان دوامة الحروب العبثية الموت المجاني لن تنتهي وما إن نخرج من حرب حتى ندخل في أخرى،وليست كلها حروب بالمعنى العسكري ولكنها تتنوع بين سياسية عنوانها الشلل والتعطيل واقتصادية عنوانها الإنهيار وأمنية عنوانها الاغتيالات،وكل ذلك ما كان ليحصل لو وجد دولة فيها مسؤولين أو لو وجد مسؤولون في دولة.
غذا سيقال للذين خسروا أرواحهم وممتلكاتهم “أنتم شعب لا يقهر ” ولكنهم في الحقيقة هم الشعب المقهور.
مواضيع مماثلة للكاتب:
تنفيذ ١٧٠١ محكوم بقرار “الحزب” | يحقّ لنا أن نسأل | رابطة الدم في الجيش أقوى من كل الروابط |