تصاعد حركة النزوح في لبنان: معاناة وارتفاع الأسعار في ظل الأزمات
تستمر حركة النزوح في اتجاه بيروت والمناطق الآمنة، في ظل الأوضاع الأمنية المتوترة حيث يواجه النازحون تحديات عديدة، بما في ذلك الحاجة إلى مأوى وطعام. في هذا السياق، يزداد نشاط “السوق السوداء” بشكل ملحوظ، حيث يستغل تجار الحروب والأزمات الوضع الراهن لتحقيق مكاسب شخصية، مما يزيد من معاناة المدنيين ويضاعف الأعباء الاقتصادية عليهم.
وفي جديد الأعداد، أعلن وزير الداخلية والبلديات في بسام مولوي أنّ “عدد المواطنين النازحين المسجلين رسمياً هو 70 ألفاً و100 نازح في 533 مركز إيواء، مع استمرار العدوان الإسرائيلي الأعنف على لبنان منذ تشرين الأول الماضي، لليوم الرابع على التوالي”.
وقال مولوي في مؤتمر صحافي عقده في الوزارة: “إنّ وزارة الداخلية والجهات المعنية في لبنان تسعى لتأمين المرضى وذوي الحاجات الخاصة من النازحين، وتأمينهم في مراكز إيواء”.
أضاف: “الاستجابة هي للنازحين اللبنانيّين ولكن انطلاقا من إنسانيتنا ووطنيتنا نحن نقف إلى جانب كل إنسان محتاج، وهناك مراكز إيواء في البقاع مخصصة للسوريين”.
وتابع: “هناك 13 ألفا و500 سوري تركوا لبنان عائدين إلى سوريا”.
وثمّن مولوي “تكاتف الشعب اللبناني وتماسكه خلال هذه الأزمة، في ظل القصف الإسرائيلي على المدنيين”، مشيرا إلى أن “وزارة الداخلية ستكون في اجتماعات مفتوحة وعلى تواصل دائم مع المحافظين للوقوف على حاجات النازحين”.
على صعيد التحديات، لا تزال أزمة نقص الفرش حاضرة بقوة، حيث بقيت الغالبية العظمى من النازحين تفترش أرض المدارس، بما في ذلك من قصدوا مدارس الجبل حيث درجات الحرارة بدأت تتدنّى ليلاً.
علمت «الأخبار» أن مصانع الفرش في الجنوب والبقاع غير قادرة على العمل بسبب الظروف الأمنية. وتؤكد المصادر أن التجار الكبار في لبنان يحتكرون سوق الفرش. فعلى سبيل المثال، طلبت إحدى الجهات من مصنع فرشٍ معروف شراء 4000 فرشة، فلم يوافق على بيعها سوى 100 فرشة، ما يطرح سؤالاً حول عدم وضع الدولة يدها على مستودعات الفرش المُخزّنة على امتداد الأراضي اللبنانية، وهي قادرة على فعل ذلك بحكم القانون، في حالات الطوارئ والحروب، مع دفع الثمن المنطقي لأصحابها، بعدما ارتفع سعر الفرشة من 8 دولارات إلى 25 دولاراً في اليوم الأول للنزوح، فيما سجّلت «بورصة الفرش» أمس بين 35 و40 دولاراً.
في السياق، أكد المدير العام لوزارة الاقتصاد محمد أبوحيدر، أن “ارتفاع أسعار فرشات الإسفنج، وتعاون الوزارة مع الأجهزة الأمنية لمكافحة هذه الظاهرة”. في البقاع مثلاً «خاطبنا النيابة العامة لجلب صاحب أحد المصانع لأنه يبيع بسعر أعلى من سعر المبيع المسجّل قبل أسبوعين، فأوقف لأنّه رفض التجاوب مع الوزارة وإبراز الفواتير المطلوبة. وأجبره القضاء على الاستمرار بفتح مصنعه وتصنيع الفرشات»، وفقاً لأبو حيدر. وفي الجنوب أيضاً، «أجبر القضاء أحد أصحاب مصانع فرش الإسفنج على إعادة فتح مصنعه».
كان تقييم الجولة بالنسبة إلى أبو حيدر جيدًا، لذا ستستكمل الجولة اليوم. ستقوم مديرية المخابرات في الجيش بمساندة مراقبي وزارة الاقتصاد، بالإضافة إلى عناصر أمن الدولة. أما في نتائج الجولة التي قامت بها أجهزة الوزارة أمس، فقد تبيّن أن سعر فرشة الإسفنج عند باب المصنع يتراوح بين 7 و18 دولارًا، حسب نوعها وسماكتها. وتقوم هذه المصانع ببيع منتجاتها بالجملة للأفراد والتجار والمنظمات الأهلية وغير الحكومية، بما في ذلك الهيئة العليا للإغاثة. ومع ذلك، أشار أبو حيدر إلى المفاجأة التي تمثلت في مضاعفة أسعار البيع في نقاط البيع بالتجزئة. لذلك، تم تنظيم محاضر ضبط للبائعين المخالفين وإحالتهم إلى القضاء. وأعرب عن أمله في أن يتخذ القضاء أشد الإجراءات بحق المخالفين، مثل التوقيف أو الإلزام ببيع المنتجات بأسعار محددة، أو حتى مصادرة الفرشات وتوزيعها على النازحين.
في السياق أيضاً، كتب النائب بلال عبدالله على منصة “إكس”: “إخبار إلى الاجهزة القضائية والأمنية: كل مصنع أو تاجر لفرش الاسفنج، يستغل أزمة الناس وإرباك خلايا الأزمة في كل مناطق إيواء أهلنا النازحين، يجب أن يزج في السجن. الفرشة من ٨ دولارات الى ٢٥ دولارا. في زمن الحرب، جريمة يجب معاقبة المرتكبين. للاسف”.
كما أن استغلال التجار للأزمة لتحقيق أرباح إضافية لم يقتصر فقط على فرشات الإسفنج، بل لم يجد هؤلاء أي رادع لزيادة مكاسبهم في مختلف المجالات، بما في ذلك مواقف السيارات.
ففي العاصمة بيروت مثلاً، يعاني المقيمون فيها، في الأيام العادية، من مشكلة عدم توافر مواقف للسيارات، إنما مع الارتفاع المفاجئ والكبير في أعداد السكان بسبب النزوح، زاد الطلب على المواقف، فعمد أصحاب المواقف أو الذين يشغلونها، بوصفهم تجّار أزمات، إلى زيادة بدلات المواقف بنسبة تصل إلى 400%، من 100 ألف ليرة للموقف في منطقة مثل كورنيش المزرعة، ومار الياس، إلى 400 ألف ليرة، فيما بلغ 500 ألف في مناطق أخرى مثل شارع الحمرا.
وفي حال طلب الزبون «تبييت السيارة»، أي إبقاءها خلال مدة الليل، يضاف إلى بدل الموقف 400 ألف ليرة ثانية، ما يجعل بدل الموقف يصل إلى 800 ألف ليرة في اليوم الواحد، أي ما يعادل 9 دولارات.
ولرغبتهم في زيادة الأرباح، أعلن عدد من أصحاب المواقف عدم توافر اشتراكات شهرية في مواقفهم. إذ كان المشترك يدفع 50 دولاراً بدل الاشتراك الشهري، ولكن وجد هؤلاء أنّ البدل اليومي يشكل مصدراً أكثر ربحية، إذ يمكن الوصول إلى البدل المدفوع شهرياً نفسه خلال 10 أيام فقط، ما يعني زيادة 3 أضعاف في الأرباح، وفقاً للأخبار.
مواضيع ذات صلة :
تلاعب في ربطة الخبز… والوزارة بالمرصاد | أعلى مستوى في 18 شهراً.. إرتفاع أسعار الغذاء العالمية | أسعار الذهب تُسجّل مستوى تاريخيًّا |